بين زيارة الكويت و"قمة البحرين"

 

 

د. محمد بن خلفان العاصمي

 

خلال الأسبوع المنصرم، قام حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- بزيارة دولة إلى دولة الكويت الشقيقة، وهذه الزيارة هي استمرار وتعضيد للعلاقة الراسخة بين البلدين الشقيقين، اللذين تجمعهما علاقة تاريخية ممتدة عبر عقود من الزمان، هذه العلاقة هي نتاج تاريخ مشترك ومصير واحد وروابط نسب ودين وعروبة.

العلاقة الخاصة بين سلطنة عمان ودولة الكويت مجسدة عبر التاريخ وتشهد عليها صحاري سلطنة عمان وأبراج الكويت المعانقة للسماء، فما بين قيام نهضتنا المباركة عام 1970 وبين حرب تحرير أرض الكويت الطاهرة 1991، قصة تروى للأجيال عن معنى الأخوة والفزعة والهبة والبذل والعطاء والشجاعة والعروبة الأصيلة بأسمى معانيها، هذه القصة كتبت من قديم الزمان وما زالت فصولها تتوالى غير منقطعة وبدون نهاية، حيث تكتب نهاية فصولها بعنوان فصل جديد.

زيارة جلالة السلطان المعظم -أعزه الله- لدولة الكويت، تتويجٌ لمرحلة جديدة من العلاقات التاريخية بين البلدين تنطلق منّ رؤية اقتصادية شاملة لمرحلة مهمة في تاريخ الخليج والمنطقة العربية بشكل عام والشرق الأوسط بشكل خاص؛ حيث تمر المنطقة بمرحلة إعادة تشكيل للعلاقات والتكتلات بناءً على نظرة جيوسياسية واقتصادية ذات أولوية تقوم على أساسها العلاقات، ولاشك أن قيادة البلدين تدرك جيداً معنى قيام مشاريع اقتصادية عملاقة والاستفادة من الموقع الجغرافي للبلدين وتسخير جميع الإمكانيات المتاحة من أجل خلق اقتصاد قوي مستدام من أجل شعوب البلدين الشقيقين.

إن ما يجمع شعب البلدين لا يمكن تأطيره في سياق مقال واحد؛ فالقرب الذي يشعر به أبناؤهما نادر وعميق جداً ولا يدركه إلا من اقترب كثيراً منهما، فمع ما مرّت به المنطقة الخليجية من أحداث ظلت الشعوب مترابطة ووشائج القربي بقيت منتصرة وما زادتهم هذه الاحداث إلا قرباً وترابطاً ومحبة، فما ينبت في تراب الخليج تتغلغل جذوره في اعماق أعماق ارضه المباركة.

وفي أرض مملكة البحرين قصة عُمانية أخرى تُروى؛ حيث استضافت المملكة العزيزة القمة العربية، هذه القمة التي عُقِدَت في توقيت مهم وظروف استثنائية تمر بها الأمة العربية والإسلامية من شرقها إلى غربها، توقيت اختلطت فيه المعايير الإنسانية وشكّلت قيم المجتمعات وفق معايير مختلفة وفضحت الديمقراطية العالمية الزائفة من خلال مواقفها من القضية الفلسطينية.

مملكة البحرين ليس غريبا عليها أن تحتضن الأشقاء، فلطالما كانت بوابة التسامح وحضارة اللقاء والسكينة للمبحرين عبر عباب الخليج العربي، وكيف لا تكون كذلك وهي الخير في برها وبحرها، والي شواطئها يفد المبحرون بعد أن يظنون أن لا منجى ولا ملجأ لهم، وعبر تاريخها كانت بوابة صد الغزاة وصمام الأمان الذي تكسرت عليه مطامع الطامعين.

لقد جاءت القمة العربية برسالة واضحة حول موقف الأمة من قضية العرب والمسلمين المهمة؛ وهي فلسطين الأرض والإنسان، هذه الرسالة التي اتفق عليها جميع القادة وممثلوهم حول ضرورة توقف جرائم آلة الحرب الصهيونية وأهمية رضوخ هذه الدويلة المارقة للقانون الدولي وتطبيق قرارات الأمم المتحدة والامتثال للنداء العالمي لحقوق الإنسان، وتجنيب العالم صراعا يلوح في الأفق بين الحين والآخر إذا ما استمرت في عنجهيتها وغطرستها السياسية والانسانية.

ولعل كلمة الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو جوتيريش القوية في القمة العربية قد بعثت وبوضوح تام مدى امتعاض العالم الحر والشريف من الممارسات الصهيونية والدول الداعمة لها، حيث لم يسبق وأن شهد العالم منذ قيام هيئة الأمم المتحدة في العام 1945 هذا الوضوح من قمة هرمها حول قضية فلسطين المحتلة، وهذا ما زاد من محصلة أهداف قمة البحرين التي حققت العديد من المكاسب.

ولأن سلطنة عُمان ومواقفها المشهودة من القضية الفلسطينية والتصعيد الصهيوني الأخير كان لا بُد من بصمة تضعها في هذا المحفل العربي؛ إذ جاءت كلمة صاحب السمو السيد أسعد بن طارق في نفس السياق المتناغم مع المبادئ السياسية لسلطنة عمان، وشدد سموه على أهمية بناء موقف عربي موحد حول قضية كل العرب، مع التأكيد على دعم جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- للموقف العربي المتكامل وحقوق الشعب الفلسطيني في الحصول على دولته المستقلة وعاصمتها الأبدية.

تعليق عبر الفيس بوك