الكويت ترحِّب بالسلطان هيثم

 

 

حمود بن علي الطوقي

بَدَأ حضرةُ صاحبِ الجَلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعَاه- زيارة دولة تاريخية ومهمة إلى دولة الكويت الشقيقة؛ حيث يلتقي مع حضرة صاحب السُّمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة، وتأتي هذه الزيارة في مرحلة حساسة ومُهمَّة؛ حيث الرؤى المتشابهة بين البلدين في القضية المصيرية وهي القضية الفلسطينية والحرب الغاشمة من قبل العدوان الصهيوني على غزة، ولا شك أنَّ هذه القضية سوف تتصدر المباحثات الرسمية.

الزيارة التي يقوم بها جلالة السلطان إلى الكويت تُؤكِّد عمقَ الروابط الراسخة المتينة التي تربط بين البلدين الشقيقين، ونحن في السلطنة نترقَّب نتائج هذه الزيارة، وكلنا يقين بأنَّ الزيارة ستحقق نجاحات عدة؛ نظرًا لتناغم البلدين في العديد من القواسم المشتركة في مختلف الأصعدة. ونعلم المكانة التي تحظى بها عُمان لدى الشعب الكويتي؛ حيث تربط البلدين علاقات متميزة ووطيدة وضاربة في أعماق التاريخ، وهي تمضي بخُطى ثابتة ومتقاربة في الفكر والتطلعات، ومتجاوبة بشكل متزايد مع تطلعات الدولتين والشعبين الشقيقين. وتستمدُّ هذه العلاقات مزيدًا من القوة والقدرة على الانطلاق نحو آفاق أرحب بفضل رعاية ودعم جلالة السلطان المعظم وأخيه سمو أمير دولة الكويت الشقيقة.

والزيارة سوف تَدْعَم رغبة البلدين في توسيع نطاق العمل؛ حيث ستتعزز جهود توسيع مجالات التعاون وزيادة أنشطة اللجنة العمانية الكويتية المشتركة، فضلا عن إقامة المزيد من المشاريع الاقتصادية والاستثمارية المشتركة. ولا شك أن الجهود الحثيثة والمتعددة للجنة العمانية الكويتية المشتركة تُسهم في دفع وتوسيع نطاق هذه العلاقات؛ لما لدى القيادتيْن من قناعة بتوافق الأفكار في العديد من المجالات الاقتصادية والتجارية، وفي مجالات التعليم والبحث العلمي، والشباب، والخدمة المدنية والبيئة...وغيرها.

هذه الزيارة تُمثل تأكيدًا على عُمق أواصر التعاون بين البلدين، وسوف تفتح الباب أمام حشد الجهود في مختلف المجالات، لا سيما تلك المتعلقة بالتعاون الاقتصادي والاستثماري المثمر بين البلدين.

ولعلَّ الشراكة القائمة الآن في مشروع مصفاة الدقم تُعطي مؤشرًا إيجابيًا وآفاق واسعة، وتُتيح فرصًا كبيرة لنقل الخبرات والتكنولوجيا؛ مما يُسهم في تطوير وتحسين القدرات الصناعية والتقنية بين أبناء البلدين؛ حيث يعدُّ المشروع المشترك إضافة نوعية لقطاع المصافي والبتروكيماويات في سلطنة عمان؛ مما يفتح آفاقًا واسعة تسهم بشكل فعَّال في تعزيز الاقتصاد الوطني، ويتيح فرصًا كبيرة لنقل الخبرات والتكنولوجيا؛ مما يُسهم في تطوير وتحسين القدرات الصناعية والتقنية في البلاد. وعلاوةً على ذلك، سيوفر المشروع فرص عمل مستدامة وواعدة للشباب العماني والكويتي الذي يعد جزءًا لا يتجزأ من هذا النهج الاستثماري.
وتتطلع شركة مصفاة الدقم والصناعات البتروكيماوية (OQ8) إلى أن تصبح شركة تكرير عالمية المستوى، وملتزمة بتوفير منتجات نفطية فائقة الجودة للعملاء في مختلف دول العالم.

ولا شك أنَّ هذا المشروع وغيره من المشروعات تأتي تأكيدًا للمساهمة المخلصة من اللجنة العمانية الكويتية المشتركة التي تعمل دائمًا على رسم خارطة طريق لتقوية التعاون الاقتصادي، الذي أفرز على مدار السنوات الماضية تبادلًا تجاريًّا واستثماريًّا، وتوقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مجالات مختلفة، تتصدرها مشاريع مشتركة في منطقة "الدقم" الاقتصادية؛ مثل: مصفاة الدقم، ومجمع البتروكيماويات وتخزين النفط في "رأس مركز"، والذي يصل حجم استثماراته إلى 8 مليارات دولار أمريكي. وتعد دولة الكويت الأولى خليجيًّا وعربيًّا في الاستثمار بمنطقة الدقم الاقتصادية.

وتُشير الإحصاءات إلى أنَّ جهود اللجنة المشتركة كانت فاعلة؛ حيث تؤكد الأرقام أن قطاع التجارة يستحوذ على 35% تقريبًا من إجمالي الاستثمارات المشتركة بين البلدين، يأتي بعده في المرتبة الثانية قطاع الإنشاءات، تليه قطاعات النقل والخدمات والصحة والتعليم والقطاع المالي والعقارات والسياحة والزراعة والنفط والغاز، إضافة لقطاع الصناعة. وتُشير الأرقام الرسمية إلى أنَّ الاستثمارات الكويتية المباشرة في سلطنة عُمان -بحسب المركز الوطني للإحصاء والمعلومات- بلغت حتى نهاية العام 2023 ما قيمته 922.3 مليون ريال عماني بزيادة أكثر من 125 مليون ريال عن العام الماضي، فيما بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في العام 2023 (حتى شهر نوفمبر الماضي) نحو 800 مليون ريال عماني، بزيادة حوالي 300 بالمائة مقارنة بالعام السابق الذي بلغ حجم التبادل التجاري فيه نحو 280 مليون ريال عماني.

ويسعَى الجانبان لعقد "المنتدى الاقتصادي العُماني الكويتي" خلال الأشهر القليلة المقبلة، بإشراف من وزارتيْ التجارة والصناعة وغرفتي التجارة والصناعة في البلدين؛ لاستعراض الفرص والتحديات وتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية في القطاعين الحكومي والخاص، بحضور رجال الأعمال وممثلي المؤسسات والشركات الخاصة.

هنا كمُراقبين وصحفيين، نرى أنَّ طموحات الشعبين الشقيقين عالية جدًّا في مختلف المجالات، خاصة مساعي البلدين الرَّامية لتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة، ولطالما أكد البلدان دعمهما الكامل للقضية الفلسطينية واستنكارهما العدوان الغاشم على قطاع غزة وفلسطين، والعمل معًا لتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة والعالم، وعلى ضرورة حل النزاعات بالطرق السلمية واحترام سيادة واستقلال الدول، والالتزام بقواعد القانون الدولي والمواثيق الدولية.

الأكثر قراءة