"معرض كانتون".. زخم إيجابي قوي للاقتصاد الصيني والعالمي

 

تشو شيوان *

اختتمت، يوم الأحد الماضي، الدورة الـ135 لمعرض الصين للاستيراد والتصدير، والمعروف باسم "معرض كانتون"، في مدينة قوانغتشو جنوب الصين، واستمرَّ المعرض خلال الفترة من 15 أبريل إلى 5 مايو بشكل ميداني، أما المنصة عبر الإنترنت والخاصة بالمعرض، فتعمل على مدار العام الكامل.

الأرقام وحدها تتكلم عن نجاح هذا المعرض؛ حيث جذب المعرض أكثر من 29 ألف مؤسسة، و246 ألف مشترٍ أجنبي من 215 دولة ومنطقة، بزيادة قدرها 24.5% مقارنة مع الدورة الماضية، مُسجلًا رقمًا قياسيًّا جديدًا، وتجاوز إجمالي حجم الصادرات بشكل ميداني 24.7 مليار دولار أمريكي؛ بزيادة قدرها 10.7% مقارنة مع الدورة الماضية، وكما قُلتُ الأرقام تتكلم عن حجم وقوة وانتشار المعرض عالميًا واكتسابه زخمًا إيجابيًّا على جميع الأصعدة ومختلف القطاعات.

صورة داخل النص.jpeg
 

ويُعدُّ "معرض كانتون" معرضَ التجارة الدولية الشاملة للصين الذي يتمتع بأطول تاريخ، وأعلى مستوى، وأكبر نطاق، وأكبر عدد من المشترين والزوار، وأنواع البضائع الأكثر اكتمالًا وتنوعًا، ويقام معرض كانتون من خلال دورتين كل عام، في فصلي الربيع والخريف، متمسكًا بمفهوم "إقامة اتصالات مع العالم وإفادة العالم من أجل المنفعة المتبادلة". وأجد أن معرض كانتون هو شاهد حقيقي على عملية انفتاح الصين المستمر على العالم والاندماج في الاقتصاد العالمي، ويكتب أيضًا تاريخ تقاسم الشركات الأجنبية فرص التنمية في الصين، وتحقيق المنفعة المتبادلة والفوز المشترك للصين ودول العالم، وكأنما الجهود الصينية ومفاهيمها الخاصة حول علاقتها مع دول العالم يتجسد في معرض كانتون.

يَظْهَر معرض كانتون هذا العام كمنصة للانفتاح الشامل على العالم بشكل كامل، ويعمل على تطبيق متطلبات تطوير القوى الإنتاجية الجديدة عالية الجودة التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ، ويسعى لتعزيز التنمية عالية الجودة والانفتاح رفيع المستوى، والجدير بالذكر أنَّ المعرض يُركِّز على عرض المزيد من المنتجات المتخصصة بالابتكار والذكية والمستدامة، وإتاحة مساحة أكبر وأفضل للصناعات الناشئة والأسواق الناشئة، وإظهار قوة "التصنيع الذكي في الصين" و"الابتكار الصيني" للعالم.

ومن بين المنتجات الرئيسية التي تمَّ عرضها في المعرض: السيارات الكهربائية، وبطاريات الليثيوم، والخلايا الشمسية، وقد حظيت هذه المنتجات بشعبية خاصة؛ حيث لا تنفصل عن الابتكار المستمر للصناعات والمؤسسات الصينية والتي بدأت بالانتشار واكتشاب سمعة عالية المستوى عالميًّا. لهذا؛ جذبت أنظار الزوار والمشترين بشكل خاص؛ حيث إنَّه من الملاحظ خلال الفترة الماضية أن الصين والشركات الصينية أصبحت مقصدًا لهذه المنتجات الابتكارية، خصوصًا ونحن نتحدث عن صناعات متقدمة مثل صناعات السيارات والبطاريات والتقنيات المستدامة.

يُوافق هذا العام الذكرى العشرين لتأسيس منتدى التعاون الصيني العربي، ومنذ تأسيس المنتدى، شهدت الصين والدول العربية تطورًا مستمرًا لتعزيز الثقة السياسية المتبادلة، وتعميق التعاون الاقتصادي والتجاري، وتوطيد التبادلات الثقافية واسعة النطاق على نحو متزايد؛ مما يشكل نموذجا للتعاون بين بلدان الجنوب، ويُسهم في تحقيق السلام والرخاء والتنمية المستقرة في المنطقة والعالم. وباعتباره نافذة مهمة الصين للانفتاح على الخارج، فإنَّ معرض كانتون ليس منصة مهمة للتبادلات الاقتصادية والتجارية بين الصين والدول العربية فحسب، بل يشهد المنفعة المتبادلة والنتائج المربحة بين الصين والدول العربية على نحو شامل أيضًا.

وخلال السنوات الأخيرة، اقترحتْ الصين سلسلة من المبادرات؛ بما في ذلك مبادرة "الحزام والطريق"، ومبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية؛ وذلك لتقاسم الفرص التنموية الجديدة للصين مع الدول المختلفة الأخرى، بما فيها الدول العربية. وعلى أساس نقطة انطلاق تاريخية جديدة، يُعلن معرض كانتون للعالم، وخاصة الدول العربية، طموحات ورغبات الصين الثابتة لتعزيز التنمية عالية الجودة والانفتاح رفيع المستوى. وتظل الصين أكبر شريك تجاري للدول العربية لسنوات عديدة متتالية، ومع استمرار تعمق التعاون بين الصين والدول العربية في مجالات التكنولوجيا الفائقة؛ مثل: الجيل الخامس، والذكاء الاصطناعي، والأقمار الصناعية، واستكشاف الفضاء... وغيرها من المجالات الأخرى، فإنَّ التعاون المثمر بين الصين والدول العربية يتمتع بآفاق واسعة ومشتقبل مشرق بكل تأكيد.

قبل آلاف السنين، أبحرت سفينة "صحار" من عُمان إلى مدينة قوانغتشو الصينية، لتكتب قصيدة مؤثرة عن تجارة طريق الحرير البحري بين الإمبراطورية العربية وأسرة تانغ الملكية. وفي الوقت الحاضر، كشريك طبيعي في بناء مبادرة "الحزام والطريق" بشكل مشترك، يأتي العديد من الأصدقاء العرب إلى مدن تجارية صينية؛ مثل: قوانغتشو، وتشيوانتشو، وييوو... وغيرها من المدن الأخرى، للاستثمار والإقامة، والسعي وراء أحلامهم، ويعتبرون الصين "وطنهم الثاني".

الآن.. يسير الشعب الصيني والشعب العربي بشكل عام، والشعب العُماني خاصةً، جنبًا إلى جنب على طريق تحقيق حلم رخاء البلاد ونهضة الأمة، ويعملان سويًّا لبناء مجتمع المصير المشترك بين الصين والدول العربية.

* صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية-العربية