سالم بن نجيم البادي
تحية إجلال وإكبار وتقدير واحترام وإعجاب لطلاب الجامعات الأمريكية وإلى طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية خاصة التي انطلقت منها شرارة الاحتجاجات ثم امتدت إلى58 جامعة ومعهدا وكلية في أمريكا حتى الآن وبعد ذلك انتقلت عدوى الاحتجاجات إلى جامعات أخرى في بريطانيا وأستراليا وفرنسا.
لقد عُرِف عن طلاب الجامعات ومنذ أن وجدت الجامعات النظامية أن شرارة التغيير الأولى تنطلق من طلاب الجامعات في الغالب وهم يمثلون نبض الشارع ويتظاهرون ضد الظلم والحروب والدكتاتورية والتفرقة العنصرية والاحتلال وطلاب الجامعات يتفاعلون مع قضايا الناس وهمومهم وقضاياهم وحقوقهم والمطالبة بالعدالة والمساواة والكرامة والحرية.
وطلاب الجامعات عادة هم من فئة الشباب الذين يتميزون بالثقافة والوعي والحماس والتطلع إلى المستقبل المشرق والحياة الكريمة لكل البشر والحقيقة أن معظم الجامعات تكون بيئة حاضنة لمثل هذه الأفكار الإنسانية النبيلة، ففي حرم الجامعات توجد المكتبات والمختبرات والبحوث العلمية وتلاقح الأفكار وكفاءات أكاديمية رفيعة المستوى وقد تكون الجامعات مسرحا لتيارات فكرية ودينية وسياسية مختلفة.
وبالعودة إلى الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية فقد أظهرت هذه الاحتجاجات أكذوبة أن أمريكا هي مهد الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان وأن ما يهم أمريكا هو مصالحها وشهوة السيطرة والهيمنة على العالم واتضح بما لا يدع مجالا للشك أن كل ما تتشدق به أمريكا من حمايتها لحقوق الإنسان هو محض كذب وزيف وخداع فقد انهالت التهم على الطلبة مثل معاداة السامية والإرهاب والكراهية والاعتداء على الممتلكات العامة ومخالفة القوانين ووشيطنتهم والدعوة لتدخل الحرس الوطني الأمريكي.
لقد جرى اعتقال المئات منهم وحدث تدخل من الشرطة والجيش واستخدام العنف لتفريقهم وقد تسابق المسؤولون الكبار من مختلف الاحزاب والتوجهات السياسية وحتى بعض من يعملون في الجامعات التي جرت فيها الاحتجاجات لا للدفاع عن الطلاب وعن حرية التعبير وحقهم في الاحتجاج السلمي بل لإدانة هؤلاء الطلاب والتحريض عليهم والمطالبة بمحاكمتهم وطرد الطلاب الأجانب الذين شاركوا في الاحتجاجات. ولو أن هذا القمع الذي حدث للطلاب في الجامعات الأمريكية وقع في دول أخرى لتحركت أمريكا تندد وتأمر وتنهى وتهدد بالعقوبات وتطالب بحرية الناس في التعبير عن آرائهم إنه النفاق والتناقض الصارخ وازدواجية المعايير.
إننا نُحيي هؤلاء الطلاب وإنسانيتهم الباهرة وأرواحهم الشفافة وضمائرهم الحية وقلوبهم النابضة بالحب والسلام والخير وقد أوجعهم ما يحدث في غزة حيث الإبادة الجماعية والدمار الشامل والخراب والحقد الأعمى والرغبة المتوحشة في الانتقام والثأر وارتكاب جرائم الحرب وانتشار المقابر الجماعية واستخدام سلاح التجويع وأن العالم يتفرج دون خجل على الجرائم التي ترتكبها إسرائيل وهي جرائم كبرى لم يشهد لها التاريخ مثيلا والعار سوف يلاحق كل من ساند هذه الحرب وكل من صمت ولم يقف ضدها ولو بالقول أو الاحتجاج والرفض.
لقد أزعج هؤلاء الطلاب هذا الصمت الرسمي العالمي وعجز الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية غير القادرة على تطبيق الأحكام التي تصدرها ضد إسرائيل وهي الدولة المارقة المتمردة على القوانين الدولية والإنسانية والأعراف والقيم والمبادئ.
شكرًا لطلاب الجامعات في أمريكا وبريطانيا وأستراليا وفرنسا وفي كل مكان، وشكرًا لكل من انتفض رفضًا للإرهاب الإسرائيلي وغطرسة أمريكا، شكرًا لكل من انتفض ضد كل هذا التخاذل والصمت والعجز وانحياز بريطانيا وألمانيا وفرنسا ومن حذا حذو هذه الدول المؤيدة للعدوان الإسرائيلي.
إنَّ الاحتجاجات الطلابية في أمريكا وتحركات الشعوب في أنحاء العالم ضد الحرب القذرة في غزة ينعش الأمل في أن يسود السلام والمحبة بين كل البشر وأن تتنصر أخيرا قوى الخير على قوى الشر.
السلام والمحبة لكم أيها النبلاء طلاب الجامعات في أمريكا ولكل الشرفاء في هذا العالم.