د. عمرو عبد العظيم
يُخيّم مصطلح "الذكاء الاصطناعي" على مختلف جوانب حياتنا، تاركاً بصماته على مختلف المجالات، بما في ذلك التعليم. ففي ظل هذا التطور التكنولوجي المتسارع، يتساءل الكثيرون عن دور المُعلم في المستقبل: هل سيتلاشى دوره ليحل محله الذكاء الاصطناعي؟ أم أنّه سيُعيد تعريف دوره ليُصبح أكثر أهمية؟
رحلة التحول من "المُعلم" إلى "المُهندس"
لا شكّ أنّ الذكاء الاصطناعي سيُحدث ثورة في عالم التعليم، لكن دوره لن يكون استبدال المعلم، بل إعادة تعريف دوره. فبدلاً من التركيز على شرح المعلومات وتقديمها للطلاب بشكل تقليدي، سيُصبح المعلم مهندسًا للتعلم. يُصمم تجارب تعليمية مُخصصة باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، وسيُحلّل المُعلم بيانات أداء كل طالب لتحديد نقاط قوته وضعفه، مما يسمح له بتصميم برامج تعليمية مُخصصة تناسب احتياجاته الفردية يمكن له أن يبتكر محتوى تفاعليًا فلن يقتصر دور المعلم على نقل المعلومات، بل سيصبح مُبتكرًا لمحتوى تعليمي تفاعلي جذاب يُحفّز الطلاب على المشاركة والتعلم. وسيلعب المعلم دورًا محوريًا في توجيه ودعم الطلاب خلال رحلتهم التعليمية، مُساعدًا إياهم على اكتشاف إمكاناتهم وتحقيق أهدافهم. وهناك مهارات جديدة لمعلم المستقبل مثل إتقان استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات والتواصل الفعال مع الطلاب وأولياء الأمور، وابتكار حلول تعليمية جديدة وتصميم محتوى تعليمي تفاعلي. يمكن أن يُساعد المعلم الطلاب على اكتشاف إمكاناتهم وتحديد مساراتهم المهنية المستقبلية. يُقدم لهم النصائح والتوجيهات اللازمة لمساعدتهم على تحقيق أهدافهم. ويكون المُرشد الشخصي لهم حيث يُصبح المُعلم مُرشدًا شخصيًا للطلاب يُقدم لهم الدعم النفسي والاجتماعي اللازم لضمان رحلة تعليمية ناجحة. يُساعدهم على التغلب على الصعوبات الشخصية ويُعزز ثقتهم بأنفسهم.
الشراكة بين المعلم والذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي ليس عدوًا للمُعلم؛ بل أداة قوية يمكنه استخدامها لتعزيز العملية التعليمية. فالمعلم في عصر الذكاء الاصطناعي ليس مُعلّمًا تقليديًا، بل مهندسًا للتعلم يُصمم تجارب تعليمية مُخصصة لكل طالب، ويُساعدهم على تحقيق أقصى إمكاناتهم ولا ننسى أنَّ مهارات التواصل والتعاطف والتفكير النقدي، وهي مهارات إنسانية لا يمكن للذكاء الاصطناعي استبدالها، ستظل دائمًا من أهم خصائص المُعلم المُتميز. وأرى أنَّ مُستقبل التعليم سيكون تحالف بين التكنولوجيا والإبداع البشري؛ حيث يُمثل عصر الذكاء الاصطناعي فرصة ذهبية لإعادة صياغة دور المعلم، ليتحول من ناقل للمعلومات إلى مهندس للتعلم. فشراكة ذكية بين التكنولوجيا والإبداع البشري ستُثري العملية التعليمية وتُساهم في بناء أجيال مُستعدة لمواجهة تحديات المستقبل.