هند الحمدانية
ينطلق مُنتدى صحار للاستثمار، وتتوالى الكلمات الرئيسة لأصحاب السعادة والوكلاء والمسؤولين الكبار، فحواها الأصيل إحياء روح صحار الأصيلة، وإبراز قيمتها التاريخية العظيمة من دهليز الصين وخزانة الشرق إلى "قصبة عُمان التي ليس على بحر الصين بلد أجمل منها" كما وصفها المقدسي في كتابه "أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم".
تحتفي صحار العريقة على مدار يومين ديناميكيين 26-27 فبراير، بعرسها الاستثماري البهيج في منتدى صحار للاستثمار، والذي يُعد بؤرة مركزة لجذب الفرص الاستثمارية من كل أنحاء العالم؛ فهو يزيح الستار أمام أكثر من 20 دولة مشاركة وعدد كبير جدا من المستثمرين المحليين والدوليين عمَّا يقارب الـ104 فرصة استثمارية حقيقية بمحافظة شمال الباطنة مطروحة ومؤطرة بدراسات جدوى دقيقة وفعالة، حيث بلغت القيمة الإجمالية نحو مليار ريال عماني، كما تنوعت هذه الفرص بين 8 قطاعات واعدة شملت الصناعة والتعدين والقطاع اللوجستي والأمن الغذائي والقطاع الصحي والاقتصاد الدائري والسياحة وقطاع التقنية وتكنولوجيا المعلومات.
كما يستعرض المُنتدى مقومات محافظة شمال الباطنة المتنوعة والجذابة للاستثمارات المحلية والخارجية، حيث تمثل المركز الثاني على مستوى السلطنة من حيث إجمالي عدد السكان؛ حيث يبلغ عدد سكانها 577 ألف نسمة، كما يبلغ عدد العاملين في القطاعين الحكومي والخاص بها 409 آلاف نسمة، إضافة لمقوماتها الجغرافية الممتدة على بحر عمان والمطلة على خطوط التجارة العالمية وقربها من الأسواق الخليجية النشطة، كذلك تميزها بمقومات اقتصادية بارزة حيث تحتوي على 59 ألف منشأة تجارية، كما يبلغ حجم الاستثمارات بميناء صحار والمنطقة الحرة 27 مليار دولار أمريكي، وهذا مؤشر إيجابي ومشجع للمستثمر، أما بالنسبة للبنية الأساسية فمحافظة شمال الباطنة تزخر بعدة موانئ ومدن صناعية واعدة ومطار صحار وشبكة طرق فعالة جدا.
وتمتاز محافظة شمال الباطنة في مواردها البشرية والطبيعية وموقعها الجغرافي الذي يمنحها مكانة استراتيجية داخل السلطنة وخارجها، وأهم ما يميزها فعلياً هو القدرة على تشغيل العمليات وتحسين بيئة الأعمال، والامتيازات الهائلة للمستثمرين مثل الإعفاءات الضريبية على الدخل للشركات لمدة تصل إلى 25 عاما (المنطقة الحرة) وتملك للاستثمارات بنسبة تصل إلى 100%، وتوفير أراضي مطورة ومجهزة بكافة الخدمات الأساسية، وعدم وجود رسوم للاستيراد وإعادة التصدير ونسب تعمين مرنة، إضافة لمنح مناطق الامتياز لمدة تتراوح بين 20 و30 سنة تشمل اتفاقيات التنقيب والاستكشاف والتعدين، كما توفر للمستثمرين قروضا مدعومة من بنك التنمية العماني بنسبة لا تتعدى 3% وفترة سماح لعامين، مع التأكيد على وجود بيئة تشريعية موثوقة وداعمة للاستثمارات.
هذا الحدث المهم كان بمثابة العرس الاستثماري لكافة الجهات من مؤسسات ومستثمرين محليين وخارجيين وبمشاركة واسعة من غرف التجارة الخليجية والعربية والعالمية لمناقشة واستكشاف الفرص الاستثمارية الذهبية في المحافظة، واقتناص اللقاءات الفاعلة مع المسؤولين وقادة الأعمال وصناع القرار في سبيل النمو الاقتصادي وتوسيع قاعدة الاستثمارات في القطاعات المتنوعة، فضلا عن تبادل الأفكار والشراكات التي تعزز الرخاء والنمو لكل الأطراف من مستثمرين ورواد أعمال وباحثين عن فرص والمجتمع المحلي بشمال الباطنة أو السلطنة بشكل عام.
ومن اللافت جدا ورقة العمل التي قدَّمتها وزارة الإسكان والتخطيط العمراني، والتي أسهب الحديث فيها لاستعراض مخططات للمدن الذكية بالسلطنة بشكل عام وصحار بوجه خاص، حيث تم استعراض المخطط الهيكلي لصحار الكبرى والذي بلغت مجموع مساحته حوالي 2730 كيلومترا مربعا، وأيضا المخطط الواعد لمدينة صحار المستقبلية بمساحة 6240000 متر مربع، والذي تم فيع استعراض الخطة العمرانية المستقبلية لصحار أمام المستثمرين كمدينة مترابطة ومدينة تجمعات حضرية ومدينة خضراء ومدينة عصرية سهلة الوصول؛ مما أتاح للمستثمرين فرصة الاطلاع على الخدمات السكنية الذكية المستقبلية والتي تبشرهم بحياة ملائمة وعصرية لأسرهم وأبنائهم إذا اختاروا الإقامة هنا في المستقبل.
"منتدى صحار للاستثمار" أضفى نوعا من الحيوية على ربوع المدينة؛ حيث تألقت بضيوفها الكرام وهم يتجولون في رحلات تعريفية واستطلاعية بين ميناء صحار والمنطقة الحرة ومنطقة صحار الصناعية مرورا بجامع السلطان قابوس الكبير، وانتهاءً بقلعة صحار التاريخية الشامخة المطلة على كورنيش صحار المكتسي بالزُرقة وحركة الناس والحياة، في رسالة جوهرها أن على أرض شمال الباطنة يجتمع التاريخ والأصالة والتجارة والصناعة وتتنوع الثقافات فتتواءم الاستثمارات في بنية أساسية شعارها الأمان واستدامة الازدهار.