جابر حسين العماني
كثيرة هي الأعطال الفنية التي قد تصيب الخدمات التي تقدمها الجهات المسؤولة على أرض الوطن للمواطنين الأعزاء، والتي يدفع المواطن في النهاية فواتيرها، وهذا أمر طبيعي فلا شيء يمكن أن يدوم في الحياة بشكل دائم وأبدي، لذا ينبغي على الجهات المسؤولة العمل على صيانة تلك الأعطال بشكل دوري حتى لا يقع المواطن ضحية للإهمال والتسويف.
إن ظاهرة انفجار وتسرب المياه الحكومية أصبحت اليوم تؤرق المجتمع وتزعج أفراده، بسبب المشاكل التي تخلفها والتي باتت تشكل ضررًا بليغًا على المجتمع وأفراده، وأصبح المواطن يُعاني مما يراه من انفجارات مُستمرة لتلك الأنابيب وبشكل متكرر.
أثناء مُتابعتي لوسائل التواصل الاجتماعي لفت انتباهي انتشار فيديو لأحد المواطنين، كان خارجًا من بيته وإذا به يتفاجأ بتدفق المياه من أحد الأنابيب المغذية لتلك المنطقة السكنية، وكان الماء يخرج وألوانه لا تسر الناظرين، مما يدل على تلوثه وعدم صلاحيته للاستخدام الآدمي.
وجه المواطن شكواه بحرقة قلب قائلًا: انظروا إلى شبكة الماء! هل هذا الماء صالح لاستخدام الناس؟ كيف يصلنا نحن البشر هذا الماء إلى بيوتنا لشربنا واستخدامنا! وكان المواطن يطالب بإيصال صوته من خلال مقطع الفيديو المصور إلى سعادة والي الولاية.
ذلك المشهد أصبح مع كل الأسف يتكرر في بعض الولايات التي تكون فيها تلك الأعطال الفنية بسبب رداءة الأنابيب المستخدمة، فضلاً عن انتشار البرك المائية، وتجمع الحشرات الضارة على تلك المياه الراكدة، وهدر المياه وعدم إيقافها بالشكل المباشر، وعرقلة مسير الناس، وتشكيل حفر كبيرة مليئة بالمياه بحيث تؤثر على سير المركبات المارة، وانتشار الروائح الكريهة والنتنة فيها، والتأخير المفرط الذي يصل ما بين 6 ساعات إلى 24 ساعة، وأحياناً تستمر الأعطال لأيام حتى يتم إصلاح تلك الأنابيب بسبب تلك الانفجارات المزعجة.
يا ترى من المسؤول عن تلك الإخفاقات المتكررة التي باتت تؤرق المجتمع؟ ومن المُعوِّض الحقيقي للمواطن الذي يصل إليه ذلك الماء ملوثًا أحيانًا؟ والذي يؤثر على صحته وعافيته وسلامته ونفسيته سلبًا لا إيجابًا.
اليوم هناك مسؤولية يجب أن تتحملها الشركات المسؤولة عن توزيع شبكات المياه وتوفيرها في البلاد، حتى لا يكون المواطن ضحية تلك الأعطال.
إن حفظ سلامة المواطن أمر في غاية الأهمية، لذا يجب أن يكون في قائمة الأولويات التي يجب العمل عليها بكل إخلاص وتفانٍ وجدٍ واجتهاد، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكمْ عملًا أنْ يُتقِنَهُ".
وقال الشاعر أحمد شوقي:
أيُّها العمَّال أفنُوا // الْعُمْر كدًّا واكتسابَا
واعمُروا الأرض فلولا // سعيُكمْ أمستْ يَبَابَا
وقال:
أتقِنوا يُحببْكمُ اللهُ // ويرفعْكمْ جنابَا
إن للمتقنِ عند // اللهِ والناسِ الثوابَا
اليوم هناك اتفاقيات ومعاهدات تم التوقيع عليها في تلك الشركات، بهدف خدمة المواطنين وتقديم الخدمات لهم بالشكل المطلوب، ولم تكن تلك المعاهدات من باب الترف والتشريف والتقاط الصور والسمعة والرياء، بل لكي تكون في محل التكليف والتطبيق والتطوير والازدهار، وهي جزء لا يتجزأ من ثقافة السلوك العلاجي الذي يجب العمل عليه باستمرار دون ملل أو كسل أو خجل، ذلك لجعل المجتمع يعيش في أحسن حال من أحواله سالمًا غانماً منعماً.
أخيرًا.. ندعو شركات المياه لتطوير شبكات أنابيبها، وعدم الاكتفاء بإصلاح الأعطال الفنية المتكررة فحسب، وإنما تغيير الأنابيب القديمة التي أكل عليها الدهر وشرب، واستبدالها بالأنابيب الجديدة ذات الجودة العالية، والقادرة على تحمل كل الظروف والعوامل المناخية التي تمر بها بشكل أفضل وأطول، قال تعالى: "وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ" (الأنبياء: 30).
علينا أن نحافظ على نعمة الماء وذلك بأن نجعله يسير في الأنابيب النظيفة والصالحة للاستخدام حتى إذا وصل للناس وصل وهو عذب نظيف لا غبار عليه، وألوانه تسر الناظرين.