"كل ما يعجبك وألبس ما يعجب الناس"

 

د. لينا الموسوي

"كُل ما يعجبك والبس ما يعجب النَّاس" مثل من الأمثال العربية الشائعة والتي اعتدنا على سماعها في كل مجتمعاتنا العربية تقريبًا، وحسب ما قرأت أنه مثل قديم عمره 1400 سنة ويعود إلى أبي عمرو بن العلاء التميمي، وكان يقصد فيه كل ما تشتهيه ولكن اجعل مظهرك لائقًا مألوفًا يعجب النَّاس.

وعندما أسمع هذا المثل يخطر على بالي سؤال مهم: لماذا يجب أن يكون اللباس محل إعجاب النَّاس، فقد تكون الأبعاد الفكرية وراء هذا المثل أعمق بكثير مما نسمع. في رأيي الشخصي، أن المأكل والملبس أمور خاصة بكل فرد، تعكس نفسه وفكره وروحه وشخصيته؛ حيث إنَّ الناس أنواع وشخصيات وأفكار مختلفة ناتجة عن محصلة وانعكاسات البيئة التي يعيشون فيها، فهي المؤثر الأساسي على سلوكهم الشخصي.

اللباس قد يكون مرآة تعكس الحرية الفكرية للتعبير عن نفسه وروحه ومهنته أحيانا، فإذا نظر في المرآة نجده يحاول إظهار كيف يحب أن يعبر عن نفسه وذاته من خلال مظهره الخارجي فنجده ينعكس على سلوكه وحركته ومحيطه.

أعتقد أن إرضاء المجتمعات والناس شيء صعب للغاية، وهذا بسبب تنوع المفاهيم الفكرية والتربوية والنفسية والاجتماعية لكل شخص، فكيف يستطيع المرء أن يرتدي ما يعجبه ويأكل ما يعجبه ويفرح في ذاته ودواخله واختياراته بعيدًا عن رفض المجتمع وانتقاداته؟!

هذا في اعتقادي يكون في اتباعه الأساليب الصحيحة المدروسة والمبنية على أسس؛ سواء في المأكل أو الملبس بما يتناسب مع حاجاته الصحية والنفسية والعملية والتركيز عليها.

وذلك مثلا في معرفة الغذاء المناسب إلى صحته وحياته واتباع الأنظمة الغذائية الصحية فتكون أسلوب حياة يعتاد عليه ونظاما عاما يتبعه المجتمع وكذلك انتقاء اللباس المناسب لكل مكان ووقت وإدراك الفرق بين لباس العمل والرياضة ولباس المناسبات وزيارة الأماكن الدينية فيكون قد نجح في التعبير عن نفسه وذاته؛ بما يتناسب أيضًا مع محيطه.

هذا المثل قد ينطبق أيضًا على موضوع التصميم المعماري والتصميم الداخلي وذلك باختيار الأشخاص التصاميم التي تتناسب مع حاجاتهم الأسرية وإمكانياتهم المادية، وإدراك أن لكل قطعة أرض موقعًا خاصًا بها وخصائص وشروط وقوانين تختلف عن الأرض التي تجاورها، فنجدها تتميز في الشكل والمضمون فتبتعد عن التقليد في المفهوم؛ فيكون لباس الواجهات المعمارية جميلا وتصميم وترتيب الفضاءات الداخلية يتناسب مع أصحاب المكان ليصبح انعكاسًا حقيقيًا لمُلّاكه، وليس استنساخًا، فتتطور المدن بطريقة صحيحة ويرتقي الفكر وتتحقق الحرية والديمقراطية المبنية على أسس متينة تحترم ذوق وحرية الآخرين.

وأخيرًا.. أتمنى للجميع الاستمتاع بكل مأكل يجده لذيذًا، وبكل الملابس التي يستمتع بارتدائها.

تعليق عبر الفيس بوك