احترام الرأي لا يعني الاتفاق معه!

 

أحمد بن موسى البلوشي


التعبير عن الرأي حقٌ أساسيٌ لكل إنسان في هذا العالم، ويشكل جُزءًا أساسيًا من المُشاركة الفعَّالة في المُجتمع؛ فعندما تكون لدينا القدرة على التعبير عن آرائنا بحُرية، فهذا يساهم في بناء جسور التواصل وفهم أفضل لآراء الآخرين، والتعرف على وجهات النظر المختلفة والمتنوعة.

والتعبير عن الرأي ليس فقط وسيلة للتعبير عن الذات نفسها، أو عن شخصية الفرد، بل يعد أيضًا طريقة مهمة لفهم وجهات نظر الآخرين، وكيف يفكرون، وتعزيز التواصل الفعَّال. ويكون ذلك مهمًا بصورة خاصة في سياقات التغيير الاجتماعي، حيث يمكن لتبادل الأفكار والآراء أن يلعب دورًا في تشكيل المفاهيم العامة وتعديل السلوكيات الاجتماعية.

الاحترام أمر طبيعي عند التعبير عن الرأي، حيث يُسهم في إقامة حوار بناء ومثمر، وعليه يجب على كل شخص أن يظهر احترامًا لوجهات نظر الآخرين، وأن يكون مستعدًا للاستماع بانفتاح وتسامح لتعدد الآراء وتنوعها. بالاحترام يمكن أن يكون التعبير عن الرأي وسيلة فعّالة للتفاعل الاجتماعي وتحقيق التغيير الإيجابي، ومعرفة نقاط القوة والضعف حول ما تم طرحه، ويمكن كذلك الاستفادة من هذه الآراء ووجهات النظر في التطوير والتعديل.

وفي نفس الوقت من حق كل شخص أن يرد على الآخرين، وعلى آرائهم ووجهات نظرهم، وأن ينتقدهم بشرط أن يكون الرد والانتقاد محترمًا ومتوافقًا مع ما تمَّ طرحه دون تجريح أو إنقاص من الآخرين. فالاحترام هو أساس أي حوار أو نقاش؛ فعندما نحترم آراء الآخرين، فإننا نظهر لهم أن لدينا اهتمامًا حقيقيًا بما يقولونه، وأننا نرغب في فهم وجهة نظرهم، وإن كنت لا تُريد احترامهم كان من الأفضل لك عدم الرد والسكوت، ففن الرد يعني القدرة على قول الشيء الصحيح في الوقت المناسب بطريقة فعالة.

ما لاحظناه في الفترة الماضية من ردود البعض من الأشخاص حول موضوع منتخبنا الوطني لكرة القدم، وحول رأي أحد نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي حول موضوع إحدى منافع الحماية الاجتماعية لأمر يدعو للخجل؛ إذ نتفق جميعًا على أن بعض الآراء التي تُطرح قد تُغضب البعض وقد تثيرهم، وقد يكون الرد عليهم بطريقة محترمة أمرًا صعبًا في بعض الأحيان، خاصةً عندما نختلف معهم. ومع ذلك، من المهم أن نتذكر أنَّ الاحترام لا يعني أن نتفق مع ما يقوله الآخرون؛ بل يعني أننا نحترم حقهم في التعبير عن آرائهم، حتى لو لم نتفق معها.

والتركيز على الأفكار بدلاً من الأشخاص، يمثل خطوة مُهمة نحو التفاهم والحوار البناء؛ فعندما نُركِّز على الأفكار، يُمكننا مناقشة النقاط الفعَّالة والاختلافات بشكل هادئ ومفيد، دون اللجوء إلى الهجوم الشخصي أو التجاوز للنقاشات السلبية، فالأفكار هي التي يمكن أن تثري الحوار وتفتح الباب لفهم وتبادل الآراء.

وأخيرًا.. إذا كنَّا نتعامل مع الآراء والأفكار بفعالية، يمكننا تحقيق تقدم في فهم قضايا معقدة والوصول إلى حلول مستدامة، وعليه بتبني هذا النهج، يصبح بإمكاننا تحسين جودة الحوارات والتواصل بشكل عام، وتعزيز التعاون والفهم المتبادل.

تعليق عبر الفيس بوك