أفريقيا في قلب اهتمامات الصين

 

تشو شيوان

خلال الفترة ما بين 13 - 18 من يناير الحالي، قام وزير الخارجية الصيني وانغ يي بجولة إفريقية كانت بدايتها زيارة مصر ومن ثم تونس وتوغو وكوت ديفوار، وذلك هو العام الـ34 على التوالي الذي تكون فيه أفريقيا المقصد لأول في أول زيارة خارجية يقوم بها وزراء خارجية الصين في كل عام، وأجد أنَّ هذه الفارقة مهمة جدًا لتعطينا فكرة عن طبيعة العلاقات الصينية الإفريقية وتطوراتها خلال السنوات الماضية.

في أغسطس العام الماضي، حظي حوار قادة الصين وأفريقيا، الذي انعقد في جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا بقبول وترحيب واسع، وفي هذا العام من المقرر أن تعقد الدورة الجديدة لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي في الصين، وعلى هذه الخلفية ترسل زيارة وانغ يي إشارة قوية لمواصلة الصداقة التقليدية بين الصين وأفريقيا، وتعزيز زخم التضامن والتعاون بين الصين وأفريقيا.

يختار وزير الخارجية الصيني الدول الأفريقية لتكون أول زيارة خارجية له كل عام، ويعتمد هذا التقليد على أساس الاحتياجات العملية للصين وأفريقيا لتعميق التعاون والتنمية المشتركة. وقد ظلت الصين أكبر شريك تجاري لأفريقيا لمدة 14 عامًا متتاليًا، وعلى مر السنين قامت الصين ببناء أكثر من 10 آلاف كيلومتر من السكك الحديدية، وما يقرب من 100 ألف كيلومتر من الطرق، وحوالي 1000 جسر و100 ميناء، وعدد كبير من المستشفيات والمدارس في أفريقيا، والنتائج المثمرة تعكس دعم الصين الثابت للتنمية والتنشيط في أفريقيا بشكل كامل. وأثناء حوار قادة الصين وأفريقيا الذي عقد العام الماضي، أعلنت الصين إطلاق "مبادرة دعم التصنيع الأفريقي" وتنفيذ "خطة الصين لمساعدة أفريقيا على التحديث الزراعي" و"خطة التعاون في مجال تنمية المواهب بين الصين وأفريقيا"، وتشمل هذه التدابير الثلاثة المجالات التي تحتاج أفريقيا إليها بشكل عاجل لتحقيق التحديث. كما أنها دليل حي على الإجراءات العملية التي اتخذتها الصين لدعم تنمية أفريقيا، وقد لقيت ترحيبًا حارًا من القادة الأفارقة. وستعمل زيارة وزير الخارجية وانغ يي على تعزيز تنفيذ نتائج الحوار، وإرسال إشارة واضحة مفادها أن "الصين ستقف جنبًا إلى جنب مع الدول الأفريقية دائمًا".

على الرغم من أن الدول الأفريقية الأربع التي زارها وزير الخارجية وانغ يي تختلف في الحجم والظروف الوطنية، إلا أنها جميعاً شركاء ودودون ومتعاونون للصين. وفي مصر، اجتذبت منطقة "تيدا" للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر أكثر من 140 شركة للاستقرار فيها، مما يوفر فرص عمل بشكل مباشر أو غير مباشر لأكثر من 50 ألف مصري. وهذا مثال حي على استفادة الشعب المصري من البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق. وفي تونس، تم الانتهاء من إنشاء وتسليم المستشفى الجامعي الجديد بصفاقس، ومعهد التدريب الدبلوماسي التونسي، وتتقدم مشاريع تنفذها الشركات الصينية بشكل سلس. وفي شمال توغو، نجح الفريق الصيني للتكنولوجيا الزراعية في إجراء تجارب على أصناف الأرز، مما أدى إلى إعادة كتابة التاريخ المحلي لعدم زراعة الأرز في موسم الجفاف. وفي أبيدجان، العاصمة الاقتصادية لكوت ديفوار، تم الانتهاء من بناء جسر كوكودي الذي أنشأته شركة صينية، مما أدى إلى تخفيف الازدحام المروري في المدينة. ومن المقرر أن تعزز زيارة وزير الخارجية وانغ يي روح التعاون الودي بين الصين وأفريقيا لتحقيق المزيد من الثمار وتحقيق منفعة أفضل لشعبي الصين وأفريقيا.

وتستضيف الصين هذا العام الدورة التاسعة من منتدى التعاون الصيني الأفريقي، وهذه هي المرة الثانية التي يجتمع فيها القادة الصينيون والأفارقة في الصين بعد "قمة بكين 2018" لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي، وهو حدث كبير تتطلع إليه الصين وأفريقيا. ومن بين الأبعاد المُهمة لزيارة وزير الخارجية وانغ يي، الالتحام مع الجانب الأفريقي في الدورة الجديدة لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي وتعزيز زخم التضامن والتعاون بين الصين وأفريقيا. من خلال منصة منتدى التعاون الصيني الأفريقي، سوف ترث الصين وأفريقيا روح مساعدة بعضهما البعض، وممارسة التعددية الحقيقية، واتخاذ موقف واضح ضد الاستعمار والهيمنة، ودعم بعضهما البعض بقوة في حماية المصالح الأساسية، والدفاع بثقة عن المطالبات العادلة للدول النامية، وتعزيز تطوير النظام الدولي في اتجاه أكثر عدلا ومعقولية.

وإضافة إلى ذلك، أعتقدُ أنَّ هذه الزيارة تنطوي على أهميةٍ بالغةٍ وخاصةٍ، في ظل الوضع المتوتر في قطاع غزة والبحر الأحمر، وتسعى الصين إلى لعب دور أكبر في حل القضايا الدولية؛ حيث نعرف أن الصين قد نجحت في الوساطة بين السعودية وإيران في مارس العام الماضي، مما يفتح صحفة جديدة للعلاقات بين البلدين، والدول العربية تتطلع إلى دور أكبر للصين في تحقيق السلام والتنمية والاستقرار في المنطقة والعالم.