اشتراكات الصحف.. وضعف الإسهام الحكومي!

 

إبراهيم بن سالم الهادي

 

المُتأمل في ما تبرزه الصحف المحلية على صفحاتها يجد أنها أقرب الوسائل الإعلامية ملامسة للواقع والناقلة للحدث لحظة بلحظة وبدقة عالية، إضافة إلى المصداقية التي تتمتع بها، لذلك لا تجد إنجازات سلطنة عُمان وفعالياتها اليومية بتفاصيلها، إلّا في الصحف المحلية، فهي مواكبة للحدث وصمام أمان إعلامي للدولة ودرع حصين يجابه أي إشاعات مُغرضة.

الصحف المحلية ما تزال تحظى بأهمية كبيرة للغاية، لدورها الفاعل في مواجهة أي تضليل إعلامي وأكاذيب تنتشر في المجتمع، لا سيما مع تفشي وسائل التواصل الاجتماعي، التي تسهم في أحيان كثيرة في نشر الفتن أو التضليل لتحقيق مآرب المُغرضين.

هذه الصحف اليوم وفي ظل التحديات المالية التي تُواجهها، تشهد تراجعًا حادًا في عدد اشتراكات القطاع الحكومي بشكل لافت، ما جعلها تحت ضغط مالي كبير، رغم أنَّ هذه الصحف تبذل جهودًا كبيرة وتتكبد تكاليف مرتفعة للغاية في عمليات الطباعة والتوزيع إلى كل ربوع سلطنة عمان، لأنها تضع نصب أهدافها إيصال المعرفة والحقيقة إلى كل مكان، وإبراز ما أنجزته المؤسسات الحكومية والخاصة أمام جمهور القراء في كل مكان.

كنَّا نأمل أن تضع الموازنة الحكومية بندًا أساسيًا لاشتراكات الصحف، ضمن جهود دعم هذه الصحف، كونها تمثل إعلام الدولة والواجهة التي تُبرز إنجازاتها المُتعددة؛ إذ إنَّ النظام المُتَّبَع حاليًا في المؤسسات الحكومية- للأسف الشديد- يتمثل في الاشتراك في عدد واحد فقط بالصحيفة. لكن في حقيقة الأمر هذا النظام يحتاج اليوم إلى تعديل جذري، فما معنى أن يكون الاشتراك في عدد واحد من الصحيفة في المؤسسة الحكومية، بينما أقل دائرة حكومية تضم 100 موظف!! وهناك وزارات وهيئات يعمل فيها آلاف!

الجميع بحاجة إلى الاطلاع على ما تنشره الصحف من تغطيات ومقالات رأي تشكل الوعي المجتمعي وتعزز الرأي العام تجاه القضايا الوطنية والمصيرية، فضلاً عن التعرف على أحدث ما توصلت إليه العلوم من تطور ومواكبة للتقدم السريع، لأن الصحف تمثل ركيزة أساسية في تنمية معرفة المواطن وثقافته وصقل مواهبه، وبذلك يتعزز الإنتاج لديه بشكل غير مباشر بعد تنمية الوعي المعرفي وتغذيته بشكل يومي وهو على رأس عمله.

إننا نوجه نداءنا إلى الجهات الحكومية بتخصيص بند معتبر للاشتراكات، فلا يكفي للمؤسسة أن تشتري نسخة أو نسختين، بل أن تتوسع كل مؤسسة في طلب اشتراكات سنوية من كل صحيفة، لأنَّ هذه الصحف في الأساس شريكة في تطور ونماء هذه المؤسسات، وتدعم توجهاتها الصحفية والإعلامية.

وأخيرًا.. في ظل الميزانية العامة للدولة ومعدلات الإنفاق الجيدة- ولله الحمد- لا أجد أي مبرر لأيِّ مؤسسة، تتحدث عن ترشيد الإنفاق فيما يتعلق باشتراكات الصحف اليومية، خاصة وأن الصحف لم تُقصِّر يومًا في توفير التغطيات الإعلامية لهذه المؤسسات على النحو الأمثل، مع إبراز أهم المُنجزات التي تحققت، لا سيما التقارير السنوية التي تُسلِّط الضوء على النجاحات والفعاليات التي تخدم المجتمع.