معرض الصين الدولي للاستيراد.. بوابة العالم للسوق الصيني

تشو شيوان

افتُتحت قبل أيام الدورة السادسة من معرض الصين الدولي للاستيراد في المركز الوطني للمؤتمرات والمعارض بمدينة شانغاي، والتي تستمر حتى 10 نوفمبر الجاري، وربما الكثيرون ممن هم مهتمون بالتجارة مع الصين قد سمعوا عن هذا المعرض الكبير والضخم والذي يعد نافذة للسوق الصيني؛ حيث يتطلع المشاركون في المعرض لعرض منتجاتهم للسوق الصيني الضخم والواسع، ولهذا أود أن أطرح في هذا المقال العديد من الحقائق والأرقام المتعلقة بالمعرض كنوع من مشاركة الفرص الصينية للعالم.

يشارك في النسخة السادسة من معرض الصين للاستيراد مشاركون من أكثر من 154 دولة ومنطقة ومنظمة دولية وبمشاركة أكثر من 3400 شركة من جميع أنحاء العالم في بما في ذلك أكثر من 1500 شركة من دول "الحزام والطريق"، وتكمن أهمية المعرض بكونه موجهًا لسوق ضخمة يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة، وفئة المجتمع متوسطة الدخل تزيد عن 400 مليون نسمة، وهذا يمثل رقمًا كبيرًا جدًا لعرض خدمات وبضائع من مختلف الفئات والدول، وأجد أن هذه فرصة كبيرة جدًا أمام تجار العالم وأمام شركات العالم ليكونوا جزءا من السوق الصيني، والصين ترحب بهذا بل إن هناك إصرار من قبل الحكومة الصينية على مواصلة الانفتاح على العالم وهذا يعد بمثابة عامل جاذب مهم للتجار والشركات من جميع أنحاء العالم.

مما هو واضح أن هناك اهتمامًا كبيرًا من القيادة الصينية بهذا المعرض ودعوة الجميع للمشاركة وأن يكونوا جزءًا من الاقتصاد الصيني، وقد بعث الرئيس الصيني شي جين بينغ برسالة إلى مراسم افتتاح معرض الصين الدولي السادس للاستيراد، أكد خلالها أنه منذ عام 2018، عُقدت بنجاح 5 دورات لمعرض الصين الدولي للاستيراد، وأدّت دورَ منصةٍ للشراء الدولي وتعزيز الاستثمار والتبادل الثقافي والتعاون المنفتح، وقدمت مساهمة إيجابية في الإسراع بتشكيل الهيكل التنموي الجديد والدفع بالتنمية الاقتصادية العالمية، وقد أوضح شي أن التعافي الاقتصادي العالمي في الوقت الحاضر يحتاج إلى الزخم ويتطلب من جميع الدول العمل معًا والسعي لتحقيق التنمية المشتركة، وهذه الكلمات وهذه الرؤية تعطي لجميع المشاركين في المعرض ثقة أكبر بأن الصين تريد مشاركتهم النجاح والتوسع والعمل بمبدأ رابح رابح أي أن تجار وشركات العالم هي رابحة من الدخول للسوق الصيني والصين أيضًا رابحة بدخول منتجات وخدمات عالمية عالية الجودة.

شخصيًا.. أجدُ أن المعرض يحقق هدفًا مهمًا يكمن في جعل السوق الصينية سوقاً مشتركة للعالم وللجميع؛ حيث إن المعرض فرصة ومنصة لتعزيز التعاون والتبادل والمنفعة المشتركة للجميع، وفرصة أيضًا لتحقيق الانفتاح العالمي الذي تسعى له الصين وتركز عليه سواء من خلال المعارض التي تُقام في الصين وأيضًا من خلال عمل الحكومة الصينية وبرامجها ومبادراتها للانفتاح العالمي والذي بات ملاحظاً من قبل دول العالم كافة.

ولعل من أهم المفاهيم التي يركز عليها المعرض أنه يُبرز "المشاركة العالمية"؛ حيث عمد المعرض لأن تكون هناك مشاركة عالمية، وحث الشركات من كافة البلدان على المشاركة في المعرض. وبالنسبة للبلدان الأقل نموًا والواقعة ضمن مبادرة الحزام والطريق، فإنَّ المعرض يشجع على دخول منتجاتها المحلية إلى السوق الصينية من خلال توفير بعض الأكشاك المجانية وإعانات البناء والسياسات الضريبية التفضيلية وغيرها من السياسات التشجيعية وذلك لضمان فرص وصول منتجات هذه الدول للأسواق الصينية ودعم التنمية التجارية في هذه الدول، وهذه نقطة مهمة جدًا قلما نجدها في معارض الكثير من الدول، ولكن الصين تعي تمامًا مسألة الدول النامية وكيفية مشاركة شركات هذه الدول في المعارض الصينية.

من وجهة نظري، أعتقد أن معرض الصين الدولي للاستيراد يعد ممارسة حية لجهود الصين لبناء مجتمع "المصير المشترك للبشرية"، فمن خلال هذه النافذة وهذه الفرصة يمكن أن يرى العالم تصميم الصين واجراءاتها لدعم التعددية وتقاسم عوائد التنمية، وأيضًا يتيح لهم الفرصة لأن يكونوا جزءا من مسار التنمية الصينية وتقاسم الفرص وهذه هي روح مبادرة مجتمع المصير المشترك للبشرية القائم في أساسه على الانفتاح وخلق فرص تعاون شرقًا وغربًا وضمان الانفتاح العالمي ودعم التعددية الاقتصادية والتجارية، وأتمنى في نهاية هذا المقال أن نجد المزيد من الشركات العربية المشاركة في المعرض حيث إنَّ هناك مشاركة واسعة جدًا من قبل الدول العربية في هذه الدورة من المعرض وأتوقع أن يزداد حجم المشاركة عامًا بعد عام نظرًا لتطور العلاقات الصينية العربية وأيضًا لتركيز الصين على تنمية شراكاتها مع الدول العربية.

** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية