سامحينا غزة.. خذلتنا العزة

 

 

خالد بن سعد الشنفري

 

رغم النصر المؤزر- بكل ما تحمله الكلمة من معنى- لرجال كتائب القسام في سبت 7 أكتوبر 2023، وما أدراك ما كتائب القسام، فهم لا يتعدون سبعين ألف مجاهد من كم بشري يتجاوز 430 مليون من عرب هذا الزمان، ورغم الصمود الذي يندر أن عرفت له البشرية مثيلًا في تاريخها، ورغم أن كل ما يحدث بغزة يُشاهد بالصوت والصورة وعلى الهواء مباشرة، ورغم صمود مليوني غزاوي لا يملكون طائرة واحدة، ويُقصفون بأحدث الطائرات وأقسى وأفتك الذخيرة، ومحشورون في مساحة لا تتجاوز 360 كم مربع وسط كتل من المباني الخرسانية الواهنة لظروف حصارها لمدة تجاوزت 16 عامًا.

رغم كل هذا.. انبهر العالم الحُر برجال وشباب؛ بل وأطفال غزة، وهم يرفعون بأياديهم العارية أنقاض الدمار المُمنهج الناتج عن القصف الإسرائيلي الغاشم، لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه من أشلاء أحبائهم ممن تكومت البنايات على أجسادهم، غير مبالين ولا ملتفتين لا لطائرات هذا العدو الغادر، ودون انتظار مُعين مُساعد من خارجهم، ولا فرق إنقاذ عالمية تهرُع سريعًا لإعانتهم في الإنقاذ. ورغم ما سطّرته الأم الغزّاوية القابعة المحتسبة في دارها وسط كل ذلك والثكلى في ابن أو بنت وأخ أو أخت أو زوج أو جميعهم دفعة واحدة، فإنَّ هناك جيلًا جديدًا من العرب نستشعره اليوم بوضوح، لكن لسان حاله للأسف يقول هذه المرة "يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا".

من أنتم يا أهل غزة العزة؟! وكيف بنيتم كل هذا الإيمان بالله والثقة في نصره ونلتموها؟ ألا طريق إلى هذا الإيمان تعلمونا؟ ألا شجاعة تبثوها من جديد فينا؟ إن ما نخشاه أن كل صور شجاعتنا التي طالما تغنينا بها وأفرزنا لها دواوين شعرنا قد أصبحت كذباً وكل سيوفنا قد أصبحت خشبًا (مع الاعتذار لنزار قباني).