التحفيز وأثره على الموظف

 

ناصر بن مبارك الضامري **

يعد موضوع التحفيز في قطاع العمل خاصة القطاعات الإنتاجية وكذلك الخدمية من الموضوعات ذات الأهمية لدى الإدارات العليا في مختلف المؤسسات التي تسعى إلى رفع كفاءة موظفيها ومستوى جودة إنتاجها وكسب الزبائن، وبالتالي رفع مستوى الربحية وتحقيق الرضا بين العاملين في مؤسسة ما.

ومن خلال هذا المقال سوف يتم التطرق إلى تعريف موضوع التحفيز والنظريات ذات الصلة التي عرفته وبينت دور التحفيز وأثره على أداء الموظف ورفع كفاءته وتحسين سلوكه الوظيفي

هناك نظريات عديدة تناولت تعريف التحفيز وفسرته تفسيرا دقيقا في محاولة الاقتراب إلى تحديد وسائل التحفيز نحو تحقيق الأهداف التي تسعى المؤسسة وراء تحقيقها، ولعل أشهر نظرية للتحفيز هي نظرية هرم ماسلو (1943- 1954)Abraham Maslow    للحافزية التي وضعت الاحتياجات الأساسية للموظف في المؤسسة بشكل هرمي متدرج.

ومفهوم الدافعية (Concept Motivation) لدى ما سلو هي أن الدافع عند الإنسان هي عملية سيكولوجية (نفسية) تدور بداخله وتعمل على إثارة سلوكياته لإنجاز هدف ما، ووجود الدافع يعني الاستمرارية في تحقيق الهدف، وهو المعيار الذي يقاس به طموح الإنسان – أي المعيارالذي يتم التفريق به بين الإنسان الطموح والإنسان غير الطموح.

وتنقسم احتياجات الإنسان وفقًا لهرم ماسلو إلى:

الاحتياجات الفسيلوجية:

وهي الاحتياجات التي تبقي الإنسان على قيد الحياة، ولحمايته من الهلاك كالنوم والطعام والشراب والحاجة إلى  مكان الراحة والظل وكذلك الحاجة إلى الجنس لضمان استمرار الجنس البشري.

الاحتياجات إلى الأمن والأمان:

وهي متطلبات يحتاجها الإنسان تكفل له تحقيق الأمن والأمان لحياته.

الاحتياجات الاجتماعية:

بطبيعة الإنسان اجتماعي بالفطرة، كحاجته للحب والانتماء وكذلك حاجته لتحقيق علاقات أسرية وصداقة بما في ذلك العلاقات التعليمية.

الاحتياجات للتقدير:

الإنسان بحاجة إلى تقدير عمله وإنتاجه من قبل الآخرين.

الاحتياجات لتحقيق الذات:

لا شك أن الإنسان بحاجة ماسة إلى الشعور والإحساس بتحقيق ذاته بين أفراد مجموعته وأيضا بحاجة إلى الشعور بالعدل.

هناك من يرى أن الحوافز هي مجموعة من الوسائل التي تساهم في دعم الافراد في بيئة العمل من أجل زيادة الانتاجية، وتحقيق الاهداف المطلوبة بكفاءة، وتعرف أيضا بأنها عبارة عن الطرق التي تستخدم في الشكر للعاملين في مؤسسة ما، مقابل العمل الممتاز الذي قاموا بتحقيقه خلال فترة زمنية محددة، أو في حال تمكنوا من النجاح في الوصول إلى الأهداف المطلوبة، مما يؤدي إلى زيادة تميز العمل، كما أنها تساهم في دعم الأداء الوظيفي في المنشأة.

وبالتالي فإن تايلور يرى أن هذه المشكلة تتمثل في النقود التي هي خير دافع لهؤلاء العمال في مؤسساتهم، وأن العامل بطبيعته يسعى إلى زيادة مستوى أجره، وبالتالي ينبغي ربط الإنتاج في العمل بمستوى الأجر.

وهنا يتبين من خلال تدبر سور القرآن الكريم وكذلك الأحاديث النبوية الشريفة منذ قبل 1444 سنة، أن الإسلام لم يغفل جانب التحفيز نحو فعل الخير والإتيان بعمل إيجابي نحو المجتمع، فهناك سور وأحاديث نبوية تناولت هذا الموضوع وبينت أهميته قبل نشوء النظريات الحالية للتحفيز ومدى تأثيره على المجتمع والفرد. ويتضح أنه تناول هذا الجانب وتحدث عن تحفيز المسلم نحو فعل الخير والأعمال الصالحة ونيل الأجر والثواب من خلال قوله تعالى: "فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ".

وبالتالي فقد أولى الإسلام المورد البشري أهمية خاصة كونه هو الأساس في المجتمع والمؤسسة، ويعتمد عليه بشكل رئيس لتحقيق أهدافها وتنفيذ أنشطتها، وبين المنهج الإسلامي الذي يؤكد على كيفية تحفيزه ودفعه نحو طريق الخير والصلاح ورفع كفاءته بما يؤدي إلى تحقق أهداف مجتمعه والبيئة التي يعيش ويعمل فيها كمؤسسة العمل.

وهناك أحاديث أخرى تناولت جانب تحفيز الإنسان المسلم نحو تحقيق الأمن والأمان لمجتمعه والمحيط البيئي الذي يعيش ويعمل فيه.

أثر التحفيزعلى كفاءة الموظفين بالمؤسسة:

لا شك أن اعتماد الإدارة العليا بالمؤسسة على التحفيز له أثرا إيجابي على كفاءة الموظف بالمؤسسة وأداءه وسلوكياته الوظيفية، ولعل النقاط التالية تشير لأثر الحوافز على الموظف:

  • زيادة مستوى الإنتاج للموظف:
  • تطور المؤسسة؛ إذ لا شك أن ارتفاع مستوى الإنتاجية سيساهم ذلك في رفع كفاءة المؤسسة بشكل عام ويؤدي إلى ارتفاع الربح، وبالتالي تطور المؤسسة بشكل عام.
  • ارتفاع الروح المعنوية وروح الفريق لدى العاملين بالمؤسسة:
  • تشجيع الموظفين على الإبداع؛ حيث إن التحفيز يوفر بيئة صحية نحو الابتكار والإبداع في العمل ويؤدي إلى تطور مستوى الإنتاج والخدمات.

وختامًا.. في ظل احتدام المنافسة بين المؤسسات، وتنامي حدة التنافس بين المؤسسات الخدمية والإنتاجية يتضح مدى أهمية اعتماد الإدارات العليا في كل مؤسسىة على أهمية وجود  نظام ناجح وفعال لتحفيز موظفيها والعاملين فيها نحو رفع كفاءتهم وزيادة إنتاجيتهم بما يضمن تحقيق الأهداف المرجوو وزيادة نسبة الربح؛ سواء كانت حوافز مادية أو معنوية، وبالتالي رفع كفاءة النمو الاقتصادي للبلاد في هذا الوقت الذي برزت فيه كيانات اقتصادية قوية وبارزة، وزوال كيانات ضعيفة وصغيرة من الساحة الاقتصادية.

ولا شك أن فعالية الحوافز تكمن في معيار العدالة بين الموظفين والعاملين في المؤسسة وتقييم أدائهم وإنتاجيتهم بشكل عادل وبموجب ماهو متوقع من جهد، متجاهلة للعلاقات الشخصية، مؤكدين على الربط الموضوعي بين الأداء والمكافأة المادية أو المعنوية المناسبة، وبصورة تعكس الشفافية لدى المؤسسة والتزامها تجاه موظفيها والعاملين فيها.

** باحث دكتوراه في إدارة الأعمال

تعليق عبر الفيس بوك