اللحظة الفارقة

 

سمير الهنائي

دائمًا يعاني البعض منَّا نحن العرب شبح ما يطاردنا وهو الضعف والخوف من القوة، وما حدث سابقاً ويحدث الآن من توغلات واختراقات داخل المنظومة الأمنية الصهيونية دليل على مدى هشاشة هذا السياج الخرساني الذي يراه الآخرون عظيما، ومع تكتيكات المقاومة التي غالبا تعتمد على الدعم البسيط أو ما يكون مُصنّعا داخليًا، قد كسر القاعدة من حيث القوة والحسابات الرياضية.

غير إن الرهان في الانتصارات بالمعارك يتوقف على قوة الكادر البشري أولا، وكم من دول وكيانات تمتلك التقنيات وأضخم الترسانات الحربية ولكن لم يتحقق لها النجاح في تلك المعارك الخاسرة التي خاضتها. ولكي لا نطيل الحديث في هذا الجانب فقط لنضرب الأمثلة العظمى كحرب وانتصار فيتنام على أمريكا الذي يعد أكبر فضيحة في تاريخ الجيش الأمريكي، إضافة لمعركة أوسان الكورية والتي تعد هي الأخرى وصمة عار في تاريخ الجيش الذي يعد الرقم 1 عالميا. القوة العسكرية ليست دائما تعني الانتصار، هكذا تُخبرنا استراتيجيات الحروب في التاريخ.

وبعد هذه الاختراقات التي حققتها المقاومة الفلسطينية رغم مرارتها على أهل غزة، إلا أنها تشكل مرحلة مهمة من التقدم الفني والعسكري في مقاومة المحتل حتى جلاء آخر صهيوني من على فلسطين، لذلك في هذه العملية الباسلة التي شنتها كتائب القسام بات الأسرى الإسرائيليون الورقة المهمة التي ستساوم بها إسرائيل، رغم الثمن الذي سيكون مكلفا على المقاومة ولكنه لا بأس لدى الأحرار الذين يقدرون شرف النضال، لأن وجود أسرى وبأعداد كبيرة يمثل تحديًا هائلا وضغطا غير مسبوق على الكيان الصهيوني. وكما شاهدنا خلال السنوات الماضية عند تبادل أي أسرى بين الجانبين، نلاحظ الفارق تارة نجد جنديا إسرائيليا مقابل 100 أسير أو 400، فما بال هذا الكيان بعد هذه الأرقام التي بلا شك ستؤرقهم أكثر من أي وقت مضى، ناهيك عن أعداد المفقودين والقتلى الذين سقطوا في هذه الأحداث التي لا تزال مستمرة، والأضرار في شتى الأماكن بما فيها العتاد الذي سيكون باهظا على الإسرائليين.

أما عن التصريحات الغربية الأخيرة و التي ستقدم الدعم للكيان الهش بالبوارج العملاقة!! فهي ليست سوى حقيقة غائبة أن هؤلاء المحتلين يعانون أيضا في صفوف جيوشهم من هروب الجنود وهذه ظاهرة ليست وليدة اللحظة؛ بل بدأت الصحف العبرية لديهم تناقشها وتطرحها منذ عقود كناقوس خطر داخل المجتمع التائه وخصوصًا في الأجيال الناشئة الحالية وهي ظاهرة سنوية وشبه شهرية.

هناك إحصاءات تصدر وبالإمكان الاطلاع عليها في صحافتهم ومواقعهم الرسمية أو المستقلة المحايدة، ومشكلتنا نحن العرب- كما أسلفت في مقالات سابقة- أننا لا نقرأ كثيرا في الصحافة العبرية لكي نستقرأ ونحلل بشكل أعمق هذه الشروخات والحقائق التي تُنذر بأن للكيان نهاية، وهم يؤمنون بتلك الحقيقة المرة ولديهم قناعة كبرى بأن نهاية إسرائيل باتت قاب قوسين أو أدنى، ويدركون تمامًا أن أي احتلال زائل، فقط يتوقف على الظروف التاريخية لكل حالة.

وقبل أيام نشرت بعض الحسابات الرسمية في الجيش الصهيوني المحتل استدعاءات للقوات الاحتياطية والتطوعية السريعة للخدمة، وهذا يوضح لنا بشكل جلي عن المدى الفعلي داخل تلك القوة الهشة التي يتفاخر بها المحتل ويروج لها  الغرب المساند للكيان ويبالغ حولها الذين يرددون كالببغاوات في وطننا العربي.

ستستمر المقاومة الفلسطينية في كل متر مربع من على الأرض في الدفاع المقدس الشريف للتحرير، وسيواصل الشعب الفلسطيني صنع القذائف والبنادق والطائرات المسيرة بسواعد شبابه ورجالاته الذين لا يبالون وهم يدفعون بأرواحهم لأجل وطنهم المحتل، وأن الكيان الصهيوني حاله كحال أي محتل عبر التاريخ، ذاهب للزوال، بقدرة الخالق وبمقاومة الشرفاء داخل فلسطين والداعمين لهم حول العالم الحر.