ناصر بن سلطان العموري
ما دعاني لكتابة هذا المقال تلك الصورة التي جرى تداولها عبر تطبيق "واتساب" وربما عبر مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، لمواطن يقف أمام أحد القصور السلطانية، يحمل في يده لافتة مكتوب عليها "نداء مقابلة للمقام السامي" لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- إلى جانب نداءات كثيرة عديدة نسمعها من هنا وهناك عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
هذا يدفعنا لطرح مجموعة من الأسئلة: ما الذي يجعل امرأة كي تبعث برسالة تشكو حالها؟ وكيف لابنها ألّا يوفق في وظيفة ما رغم جدارته واستعداده والعذر كما قالت ليس بمسوغ على عدم قبوله؟ أو تلك الرسالة التي كُتبت بخط اليد لامرأة تشكو من ضيق الحال بعد تسريح زوجها من عمله وانقطاع الراتب الذي كان موردًا للصرف على عائلة مكونة من 10 أشخاص. ورسالة صوتية لشاب انتشرت عبر مواقع التواصل كانتشار النار في الهشيم وهو يحكي عن مُعاناة قلة الرواتب في ظل الأوضاع الحالية من غلاء الأسعار وتأخر الترقيات وارتفاع الرسوم والضرائب.. نداءات عديدة متنوعة نسمعها عبر الإذاعات ونشاهد بعضها عبر المواقع المختلفة تشرح واقع الحال وإلى أين وصل الحال بالمُسرَّحين من بيع منازلهم وتشريد أسرهم، والحال نفسه ينطبق على الأعداد الكبيرة بقوائم الباحثين عن العمل والذين ينتظرون دورهم في الحصول على وظيفة، ربما بعضهم ينتظر منذ سنوات ليست بالقليلة، إلى جانب العديد من القضايا الاجتماعية التي تمثل هواجس ذات شجون.
وأخيرًا وليس آخرًا، الانتقادات الواسعة التي نُطالعها عبر مواقع التواصل الاجتماعي ضد شركات الكهرباء بحجة عدم الشفافية والوضوح في ظل الشكاوى من "الفواتير الفلكية" والتي لا تعكس بأي حال من الأحوال الواقع الفعلي للاستهلاك.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا: أين دور الجهات التنظيمية والرقابية المختلفة المسؤولة عن توفير احتياجات المواطن، فما نسمعه ونشاهده بصفة تكاد تكون يومية، يُشير إلى أن هناك خلل في تطبيق المنظومة لدى بعض الجهات، فنحن في دولة القانون والمؤسسات، التي تطوّرت على مدى 53 عامًا، وهناك توجيهات سامية بإنشاء لجنة خاصة لمتابعة وتقييم عمل الوحدات الحكومية، لا سيما الخدمية منها، ورغم ذلك، ما زلنا نستشعر عدم وجود متابعة للقضايا الوطنية وما زال صوت المواطن لا يصل صداه بالشكل الأمثل للجهات ذات العلاقة؛ مما يضطره لتوجيه نداءاته عبر قنوات التواصل الاجتماعي.
في اعتقادي أنَّ الدور هنا يأتي على اللجنة المُكلّفة بمتابعة وتقييم عمل الوحدات الحكومية لمتابعة ما يحدث على أرض الواقع مباشرة، وتبيان الأسباب التي أدّت لذلك ومعرفة أسباب القصور فيما يتعلق بكثرة طلبات المواطنين وتعدد مناشداتهم ومعرفة مساراتها، وما أسباب تأخرها ورفضها والمعوقات التي أوصلت المواطن، كي يرفع التماسه ومطالبه وشكواه إلى المقام السامي؛ فالشفافية والوضوح مع تبيان الأسباب وتقديم مقترحات العلاج يمثل الهدف المفترض الذي ينبغي أن تعمل على بلوغه الجهات الخدمية على أرض الواقع.
وكل ذلك يستدعي التعجيل بتفعيل دور المتحدث الرسمي للوحدات الحكومية، خصوصًا الخدمية منها، والمعنية بشكل كبير بشكاوى المواطنين، وذلك للرد على تلك التساؤلات والمناشدات وإيضاح رسالة الجهة الحكومية وما تقدِّمه؛ وهو الدور الأصيل الذي تم تكليف الوحدات للقيام به لإظهار دورها فيما يتعلق بإجراءات حل المشكلة من منطلق مبدأ الشفافية.
وعلى الجهات الحكومية، وخصوصًا الخدمية منها، أن تُدرك تمام الإدراك أنه لا شيء يظل طيّ الكتمان في الوقت الحالي، والعالم أصبح قرية صغيرة في عصر التقنية، ومن هنا على دوائر خدمات المراجعين في الجهات الحكومية مسؤولية كبيرة للقيام بدورها بالشكل المطلوب، ونقل ما يُعانيه المواطن من عراقيل بيروقراطية وإجراءات لا جدوى منها، وأن تكون الشفافية والصراحة مع المواطن هي الهدف الأسمى.