حيدر بن عبدالرضا اللواتي
عُمان مُقبلة خلال أسابيع على إجراء انتخابات مجلس الشورى للفترة العاشرة لأعماله التي انطلقت في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، عندما كان المجلس يطلق عليه اسم "المجلس الاستشاري للدولة"؛ وذلك قبل أن تصدر مراسيم سلطانية أخرى بتحويله إلى مجلس الشورى، لتُجرى لاحقًا العملية الانتخابية الورقية لاختيار الأشخاص المؤهلين لعضوية المجلس.
وكانت الانتخابات تَعّدُ من الأحداث المهمة في وقتها قبل أن تتراجع وتيرة إشعاعها في الوقت الحالي نتيجةً لعدد من الأسباب التي تدعو بعض الناخبين لعدم الاكتراث بها، بسبب التحديات التي يُعاني منها المواطن في حياته الاجتماعية اليومية دون تدخل حاسم وفاعل لمجلس الشورى فيها، ولأنَّ الجهات الحكومية لا تأخذ عادة بتوصيات واقتراحات مجلس الشورى.
فهل يا تُرى يهتم الناخبون بالبرامج الانتخابية التي يقدمها بعض المُرشَّحين لعضوية مجلس الشورى للفترة المقبلة التي سيبدأ التصويت فيها يوم 29 أكتوبر المقبل؟
من خلال بعض متابعاتي لهذا الموضوع، أجدُ أن القناعات لدى الأشخاص الراغبين في عملية التصويت ما زالت تنحصر في الاختيار القائم على أسس قبلية، وليس وفق إمكانات وكفاءات الأشخاص المُرشَّحين، كما يعتمد الأمر حتى اليوم على مدى علاقات الناخبين بالمُرشَّح ومدى قربه منهم، بغض النظر عن مدى كفاءته وقدرته وأهميته، وما إذا كان مُؤهلًا للدخول لهذا البرلمان من عدمه.
وقبل الخوض في ذلك، نؤكد أنَّه من الضروري أن يهتم الناخبون باختيار الشخص المناسب في الانتخابات ليكون خير ممثل لهم في مجلس الشورى، مثل أن يتحلى الشخص المُرشَّح للمجلس بالمسؤولية أولًا، وأن يكون مُسلحًا بالعلم والمعرفة، وثانيًا مُلِمًا ببعض اللغات الأجنبية الأخرى، بجانب قدرته على التحليل والفهم والإدراك والمشاركة في قضايا مجتمعه ومتابعته للقضايا المحلية والإقليمية والدولية. وهذه قضايا مهمة يجب إدراكها قبل التصويت؛ فحياتنا أصبحت مرتبطة مع الآخرين، فما يحصل في العالم من أحداث وتغيرات نتأثر بها جميعاً في محيطنا اليومي، وعلينا فهمها واستيعابها من أجل وضع الحلول المناسبة لها، خاصة إذا كانت متعلقة بمجتمعاتنا؛ سواء كانت تتعلق بالأوضاع السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، الأمر الذي يتطلب من الناخب فهمه قبل عملية التصويت.
عضو مجلس الشورى أو أي عضو آخر مرشح لعضوية مؤسسات المجتمع المدني تقع عليه مسؤولية كبيرة تجاه قضايا مجتمعه ووطنه بشكل عام، وبالتالي على الناخبين اختيار الأكفأ والأعلم والأقدر في القائمة، بحيث يمكن له تمثيل مجتمعه بكل كفاءة ونجاح من أجل توصيل أصواتهم وقضاياهم إلى الجهات المعنية، في الوقت الذي يتطلب فيه من المؤسسات الحكومية الأخذ بالآراء والاقتراحات والتوصيات التي ترد إليها من المجلس، وبذلك سوف يزيد من نشر العدالة والمساواة بين أفراد المجتمع الواحد، وفي نفس الوقت يمكن مقاضاة ومعاقبة الفاسدين الذين يُسيؤون في حق المجتمع وينتهكون القوانين والتشريعات. وهنا يجب أن يحرص المجتمع على تحقيق هذا المطلب بحيث نستطيع توصيل الشخص المناسب إلى المكان المناسب.
اليوم.. تتزايد الحملات الدعائية للمُرشَّحين من خلال أحاديثهم في وسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال الجلسات التي يعقدونها في بعض السبلات والأندية لهذا الغرض، في الوقت الذي نجد فيه أن أعدادهم أصبحت كبيرة على مستوى كل ولاية. فعلى سبيل المثال هناك اليوم 14 مُرشَّحا عن ولاية مطرح التي أنتمي إليها، فيما المطلوب اختيار عضوين فقط؛ الأمر الذي يتطلب بذل جهد كبير منهم لإقناع الناخب بالحصول على صوته، في الوقت الذي نؤكد فيه أن العملية الانتخابية سوف تعتمد على مدى اقتناع الناخب بالشخص الذي يراه مُناسبًا وفق رؤيته وليس على مدى كفاءته، مع التركيز على الشخص الذي يأتي من قبيلته أولًا، ومن ثم يتم الاختيار وفق المعايير الأخرى مثل العلم والكفاءة والفهم والإدراك للشخص المُرشَّح لهذه العملية.
تلك معضلة يجب إدراكها في مثل هذه الانتخابات ووضع الحلول لها، بحيث لا تبقى عالقة في أذهان الأجيال المقبلة بسبب التغيرات التي تحصل في المجتمع والعالم أجمع.
هناك اليوم العشرات من التحديات التي تواجه المجتمع العماني والتي يتطلب من المجلس الجديد التركيز عليها في مناقشاته وأطروحاته. وتأتي مُشكلة الباحثين عن عمل، وتدني الرواتب، والمُسرَّحين من أعمالهم، وإيجاد السكن المناسب للعمانيين وغيرها من القضايا الاجتماعية والاقتصادية الأخرى في مُقدمة تلك القضايا؛ الأمر الذي يتطلب التركيز عليها لوضع الحلول المناسبة لها ليعيش الجميع في عز واحترام وتقدير.