حيدر بن عبدالرضا اللواتي
انعقد مؤخرًا في ربوع صلالة "منتدى شركاء المسؤولية الاجتماعية والاستدامة" المنبثق عن المنتدى العماني للشراكة والمسؤولية الاجتماعية، وذلك بتنظيم من جريدة "الرؤية" والشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية، والحقيقة أن هذا المنتدى الواعد يمثل واحدًا من أنجح المنتديات من حيث نوعية الشخصيات التي ساهمت في تقديم أعمالها، والتي ركزت على مبادئ الاتفاق العالمي للأمم المتحدة وقضايا المسؤولية والتنمية المستدامة.
حظي المنتدى برعاية كريمة من صاحب السمو السيد مروان بن تركي آل سعيد محافظ ظفار، وشهد مشاركة عدد من المسؤولين في المنظمات والمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية الخليجية والعربية والدولية في مجالات التنمية والشراكة في المسؤولية الاجتماعية والاستدامة.
وتضمنت أوارق عمل المنتدى، ورقة حول "مبادرة نعمتي" للمتحدثة هديل أحمد السبتي مستشار العلاقات الدولية في الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية بدولة الكويت الشقيقة. هذه الورقة تتحدث عن الهدر الذي يسببه البعض في الطعام والشراب في دولة الكويت وغيرها من الدول الأخرى في المنطقة والعالم الغني، في الوقت الذي نرى فيه هناك عائلات متعففة في المنطقة تبحث عن لقمة أكل وخاصة الفقيرة منها لبعض العائلات الوافدة التي تتوزع في مختلف المناطق.
وتقول المحاضِرة إن مبادرة "نعمتي" انطلقت عام 2021 بالكويت تحت مظلة الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، وبالشراكة مع مبرة البّر الخيرية وجمعية التميز الإنساني وجمعية العون المباشر. وتهدف هذه المبادرة تحقيق الهدف الثاني عشر من أهداف التنمية المستدامة لضمان وجود أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة التي تهدف من غاياته تخفيض نصيب الفرد من النفايات الغذائية العالمية على صعيد أماكن البيع بالتجزئة والمستهلكين بمقدار النصف، والحد من خسائر التغذية.
مبادرة "نعمتي" الكويتية تحمل شعار "احفظها من الزوال"؛ حيث لا تدوم النعمة مع الذين يتلاعبون بها ويبذرونها. وتهدف المبادرة إلى تلبية احتياجات الأسر المتعففة داخل دولة الكويت من المواد الغذائية الأساسية عبر إعداد سلات غذائية متنوعة ومتكاملة من المواد الغذائية الصالحة للاستخدام، وتلك التي بقي لها مدة صلاحية قصيرة لتناسب حاجة أفراد الأسرة وعددهم، وذلك لتحقيق المساهمة بالمسؤولية المجتمعية تجاه هذه الأسر. وهذا ما شاهدته أيضا في المجتمع الأمريكي قبل عدة سنوات؛ حيث تقوم عشرات المحلات بتزويد الجمعيات الخيرية من المواد الغذائية التي بقيت عليها مدد قصيرة للاستهلاك في حدود 3 إلى 6 أشهر.
هناك العديد من الأهداف التي ترمي إليها مبادرة "نعمتي" منها حفظ النعمة من الزوال والوصول للحفاظ على 100 ألف طن من إجمالي ما يهدر في دولة الكويت سنويًا. كما تهدف أيضاً للتقليل من الهدر الذي يُقدّر بنحو 400 ألف طن سنويًا من الطعام، بجانب تقديم الغذاء للأسر المتعففة، والمحافظة على البيئة بتخفيض التلوث الناتج عن هدر المواد الغذائية الزائدة، واخيرا العمل على تفعيل العمل التطوعي في هذه المجالات الانسانية.
لقد تمكنت المبادرة "نعمتي" من الحفاظ على 1000 طن من الهدر خلال الفترة الماضية، فيما استفادت نحو 1376 أسرة متعففة من منها، اضافة إلى توزيع 34410 سلة غذائية، في حين بلغت القيمة السوقية لهذه المأكولات حوالي 1.654 مليون دينار كويتي، فيما بلغ قياس الأثر لها 7.2 مليون دينار كويتي. ويحقق البرنامج هذه الفعاليات من خلال مشاركة أكثر من 1544 متطوعاً في المبادرة، فيما تمارس بعض الشركات الكويتية المتخصصة في مجالات الغذاء دورًا مهما في تغذية هذه المبادرة باحتياجاتها من الغذاء في إطار مسؤوليتها المسؤولية المجتمعية، حيث تعمل على تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لأفراد المجتمع.
من هذا المنطلق هناك أكثر من 100 شركة ومطعم لهم دور فعال في مبادرة "نعمتي" وتعتبر من الداعمين الرئيسين في هذا العمل الإنساني والاجتماعي نيتجة قيامها بتوفير مصادر التمويل والعمل على تحقيق التنمية المستدامة التي تهدف إليها مبادئ الأمم المتحدة. وتقوم تلك الشركات بتجميع الفائض والصالح غير المطبوخ للمسافرين على الطائرات بعد نزول المسافرين وإعادة توزيعها على المحتاجين فيما تقوم شركات أخرى بتجميع السلل الغذائية وتوزيعها وأخذ الفائض من المزارعين بشراكة مع الاتحاد الكويتي للمزارعين. كما تعمل شركات المطاحن والمخابز في توريد منتجات مثل الدقيق والخبز والكعك والبسكويت والزيوت النباتية وغيرها لدعم أعمال هذه المبادرة.
الفكرة جميلة جدًا، وهي مُطبّقة بشكل آخر في عُمان من خلال فريق "حفظ النعمة"، لكن يمكن تطبيقها بصورة أوسع وأشمل من خلال تأسيس جمعية "احفظها من الزوال" في السلطنة، وتحقيق مثل هذه المبادرات المتخصصة في المجالات الإنسانية والاجتماعية؛ حيث إن هناك هدر غذائي في المجتمع العماني، وخاصة في شهر رمضان المبارك؛ إذ تتضاعف كميات الهدر من مختلف المأكولات والأغذية والمشروبات.