.. ورحل الخال خلفان

 

‏راشد بن حميد الراشدي **

 

بين جنبات سوق سناو ترى حراكه الدائم منذ الصباح الباكر مع آبائنا الذين يسعون لأرزاقهم وقوت يومهم... دُكَّانه في سوق سناو مُميز للجميع خاصةً للشباب والأطفال طوال سنين عمله فيه.

كان الخال خلفان بن محمد الراشدي والذي تربطني فيه صلة رحم، صاحب قلب كبير وحاضرًا في مشهد السوق اليومي من خلال محل بيع مستلزمات الدراجات الهوائية؛ حيث كنَّا منذ الصغر نمر على متجره المتنوع بجميع الكماليات الخاصة بدراجاتنا الهوائية وقطع الغيار  التي نحتاجها لإصلاح تلك الدراجات  (السياكل).

رحل رحمه الله في هدوء كما عودّنا دائمًا بطيبته وبساطته وحسن خلقه في تعامله مع الكبير والصغير، وكان دائمًا شاكرًا لله مُبتسمًا رغم ظروفه وتقلبات الحياة، كان تقيًا تراه في مسجد الجامع أو مسجد الدغيشي مُحافظًا على صلواته.

سوق سناو ينعى رجلًا عاش فيه قرابة نصف قرن منذ سبعينيات القرن الماضي حاضرًا لمشهده وهو يتطور عامًا بعد آخر في بنائه وإقبال الناس عليه؛ فهو من أوائل من افتتح محلًا بالسوق.

رحل الخال خلفان كما رحل أصحابه من قبل، من تُجّار سوق سناو؛ حيث لم يتبقَ سوى عدد قليل منهم، متشبثين بتجارتهم ومحلاتهم التي يحفظ موقعها الجميع.

جيل من الآباء كانوا مثالًا لأخلاق التاجر المسلم والذين كان رقي معاملاتهم السمة البارزة في السوق والتي شهد عليها القاصي والداني من مرتادي السوق من مختلف  ولايات السلطنة.

رحل الخال خلفان وفي يوم رحيله بكيت أبي رحمه الله، الذي كان أحد تجار سوق سناو وأحد أعمدته الذين ساهموا في نجاح السوق مع إخوته بتعاملهم وأخلاقهم وأمانتهم وإشراقة وجوههم التي ترحب بالجميع، فصدقوا وبروا في تجارتهم رحمهم الله جميعًا.

يرحل الصالحون وترحل معهم تلك القسمات السعيدة والأيام المجيدة التي عشناها معهم في ذكريات جميلة، سنظل نتذكرها ما حيينا وندعو لهم بالرحمة والمغفرة.

رحل الخال خلفان، ورحلت معه وجوه كثيرة، والبركة- بإذن الله- في أولاده وأهله.. ألهمهم الله الصبر والسلوان.

إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.

** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية