حمد بن سالم العلوي
عجبًا من الردود والتعليقات التي وردتني حول مقالة الأسبوع الماضي، والتي كانت بعنوان "أحسبتم سلب الناس هينًا؟!" وقد تكلمت فيها عن بعض المواضيع، والشكاوى التي علمتها يقينًا من بعض الأصدقاء، والإشكاليات التي وقعوا فيها مع شركة نماء بوجهيها (الكهرباء والمياه) وطبعًا هي لها وجهًا ثالثًا وهو "حيا" ولكن لم أكن أتصور أنَّ حجم المشكلة بين الناس ونماء، قد بلغت هذه الضخامة من التعقيد.
فقد وردتني تعليقات كثيرة وقصص من مختلف المحافظات، وأن بعض الفواتير لا تصدق لكبر حجم الأرقام التي تنطوي عليها، فالعجب كل العجب، أن الجميع الذين أوردوا لي قصصهم مع نماء، أنهم يشكون عدم السماع لهم، وإن الجهة المعنية قد أعطتهم الآذان الصماء، فلم تُعرهم الاهتمام المناسب، وأن الجميع صدم بالحل الوحيد الذي تفتّق عن ذهن المسؤولين في هذه الشركة، ألا وهو تقسيط المبالغ، وليس التنازل عن شيء من تلك المبالغ، والتي قُررت من قبل الشركة نفسها، أكانت بالقراءة الذكية أو التقليدية أو التقديرية، والأخيرة تمثل مشكلة كبرى، لأنها أزعجت الجميع، وربما يقومون بخطوة جوهرية أخرى، ألا وهي تغيير لون الهاتف المُعلق على الجدار إلى لون آخر مختلف عن الأسود!!
إذن؛ بتلك المقالة قد أنكأتُ جرحًا غائرًا بغير قصد، والتي كتبتها الأسبوع الماضي، ولكن لا أشعر بأسف على ذلك، لأنني أظهرت حجم المشكلة التي يتأذى منها الجميع، ولا يُرى لها حل في الأفق القريب، طالما ظل اللجوء إلى الهاتف الأسود المعلق على الجدار في قاعات المراجعين لأفرع شركة نماء، وأن الذي يتكلم معك لا يراك.. ولا أنت تراه.
الناس أصبح لديهم قناعة، أن لا حلول لمشاكلهم المستعصية مع هذه الخدمات الضرورية، ذلك إن لم تتدخل الحكومة بحلول من لدُّنها، يرضي النَّاس ولا يبخس الشركة حقها، أو أن تستعيد الحكومة خدمات الكهرباء والمياه، كما كان عليه الحال قبل سنوات مضت.
لقد أرسل لي أحدهم رسالة صوتية من محافظة البريمي، يقول فيها؛ إن لديه عدادين لسكنين ملكا له، فاكتشف أن أحدهما أعلى من الثاني، والاستخدام يكاد يكون متقاربا، فيقول؛ إنه تواصل مع الشركة عدة مرات بطلب حل المشكلة، وبعد طول انتظار وإلحاح، أتاه الرد الفاجعة، فقيل له نحن "نماء" أكتشفنا أن عندك 16 شقة باسمك في ولاية عبري بمحافظة الظاهرة، قال لهم لن أكذب عليكم، أنا عندي أرض سكنية تجارية في عبري، ولكن عاجز عن بنائها في الوقت الراهن، ولكن إذا أحد الناس بناها بغفلة مني، فأعطوني صور الملكيات، فقالوا ما عندنا صور للملكيات، قال؛ إذن ليست لي، ولكن كيف تسجلوا أملاك الناس باسمي أنا ودون علمي؟! فقيل له: والله الخطأ وارد، فيقول: طلبت منهم أن يصححوا خطأهم، وإلى اليوم مرت ثلاثة أشهر، والحال كما هو في وضع الانتظار.
وآخر يقول: اكتشفت أن نماء مسجلة أربعة منازل باسمي، ورافضين تسجيل منزلي الحقيقي كمنزل لشخص مواطن، وذلك رغم إني أرسل لهم معلوماتي الرسمية، وملكية المنزل والرسم المساحي، ولكنهم ظلوا يعطون التخفيض المقرر لي، لناس غرباء أنا لا أعرفهم، وظل الموضوع مُعلقًا، حتى توصلنا إلى صديق يعرف مسؤولا في الشركة فتدخل بحل العقدة والتي كانت من صنيع أخطائهم. وشخص آخر يقول: ظللت أجادلهم في عداد للماء يحسب مبالغ أعلى من العداد الأول، فحكموا في الأمر أن هناك تسريبا في البيت، وأحضرت شركة من الشركات المتعاقدة معهم، وعلى حسابي الخاص، وعندما أقتنعوا أن العداد عطلان بالفعل، أتوا ليلًا واستبدلوا العداد، واكتشفت ذلك في الصباح صدفة.
وشخص آخر يعلق بالقول: أضفني إلى قائمة أصدقائك، فأنا معدل فاتورة الماء تأتيني في حدود 45 ريالًا شهريًا، فتأخرت عن الدفع شهرًا واحدًا، يفترض أن تكون الإضافة في حدود الضعف، ولكن أتت الفاتورة 1000 ريال، فذهبت أراجع، ونفس الشيء أحالوني إلى الهاتف الأسود، فجاءني الرد بالقول سنؤجل دفع المبلغ حتى نتوصل إلى حل للمشكلة، ولكن لم يحصل الحل، ووجدوا الأسهل لهم، إرسال الإنذار بقطع الخدمة، وهنا أصبح مضطرًا للدفع برغم عدم اقتناعي.
الملاحظات التي وردتني كثيرة، وإنما هذه نماذج لها، وما يزال المجتمع في شحن مستمر ضد هذه الشركة، فهناك من ينشر مقاطع فيديو يتكلم فيها عن مشاكل الناس مع الكهرباء والماء، وخاصة في هذا الجو الحارق لا أحد يطيق العيش ساعة واحدة دون كهرباء على وجه الخصوص، وقد يكون الماء أمره أقل خطورة، ففي منطقتنا الخليجية حيث تصل درجات الحرارة بين 50:45 درجة، لا أحد يستطيع أن يستغني عن خدمات الكهرباء.
لذلك نتقدم برجاء إلى الحكومة الرشيدة، أن تمنع قطع الكهرباء والماء عن سكن الناس مهما كانت الأسباب.. إلا بحكم قضائي، لأن الطريقة التي تتبعها الشركة في استيفاء الحق بالذات، مخالفة لنص صريح في قانون الجزاء العُماني، وهذا النص لم يستثنِ أحدًا من الخضوع له، وأفعال هذه الشركة خارج نطاق القانون، وليس في هذا الإجراء أي نوع من الإنسانية.. حفظ الله عُمان وشعبها الأبيّ وسلطانها المبجل، اللَّهُمَّ آمين يا رب العالمين.