بين الأذان وتعليم القرآن سكنت روحه الطاهرة

 

 

‏راشد بن حميد الراشدي *

على ضِفَاف الإيمان وتقوى الله والعمل الصالح سكنت روحه المعطاءة بنور العلم ومحبته لخالقه عز وجل، وفي مآذن جامع سناو صدح صوت أذانه عاليا لعشرات السنين، وفي مدرسة مسجد الحصن بولاية سناو فاض علمه وتعليمه للقرآن لأجيال وأجيال تعاقبت على سنوات عطائه اللامحدود والذي حفر فيه على قلوب الناشئة آنذاك محبتهم لتلاوة وحفظ كتاب الله ونعلمه.. إنَّه المعلم محمد بن حمود الراشدي أحد أعمدة تعليم القرآن الكريم في ولاية سناو، والذي كانت مدرسته ملحقة بمسجد الحصن أمام سوق سناو القديم، وكان -رحمه الله- مؤدناً في جامع سناو لسنوات كثيرة.

بالأمس ودَّعت سناو أحد روافد التعليم فيها، وأحد زروع الخير الذين أناروا بفضل الله قلوبَ شبيبتها بنور العلم وقراءة القرآن وتعليم الآداب والأخلاق الحميدة.

كنت أحد تلامذته وهو يغرس فينا غِرَاس الخير، وفي مدرسته تسمع تلاوة القرآن وترتيل آياته من طلاب العلم كأزيز النحل، ومن بين فتحات جدار المدرسة المبني بالطين يتراءى لك ذلك المشهد الجميل بتجمع طلابه حوله في حِلق الذكر في عفوية خالصة بين المعلم والطالب، ومع بساطة مدارس الكتاب التي كانت منتشرة في مدن وقرى السلطنة وأسهمت في محو جهالة الناس.

سنوات العُمر تمضي وتطوى سجلاتها بين عباد الله، وأفعال المؤمنين تبقى شامخة بالأعمال الصالحة التقية التي تقرِّبهم لله؛ فمعظم من كان في أعمارنا مر على مدرسته مُلتمِّساً ختم جزء من القرآن أو القرآن كاملا، وكانت تقام احتفالية بعد ختم القرآن لا يعرف طعم حلاوتها إلا من مر بتلك الحقبة الجميلة والرائعة من عمره.

كما شهدتْ مآذن جامع سناو على أذانه الذي لم ينقطع طوال سنوات طويلة، ومواظبته على رفعه في جميع الصلوات.

لتودِّع سناو أحد معلمي القرآن الصالحين، ونحسبه كذلك عند الله، وكل أبنائها الذين زكتهم تلك الأنفس الصالحة بمحبة الله وتلاوة كتابه وحفظه يرفعون لله العلي القدير أكُفَّ الضراعة بأن يغفر الله للمعلم محمد بن حمود الراشدي، ولموتانا وموتى المسلمين، وأن يتغمدهم جميعاً بواسع رحمته وفضله، فقد كانت حياته بين الأذان وتعليم القرآن.

* إعلامي وعضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية

الأكثر قراءة