وَهنُ الأنا!

 

 

عائض الأحمد

عندما يُقال اكذب ثم اكذب ثم تأكد بأنك ماضٍ في كذبتك حتى تحقق حلمًا، أو تعبر نهرًا، أو تطير فوق سحاب، لا أعلم ماذا تسمى في "علم النفس"، حتى لو علمت فلن أجرؤ على الفتيا. شاهدت بأم عينك أو لقطت بصيوان أذنك أو شممت بأرنبة أنفك، ووقفت بباب صاحبك الدكتور الجليل وصاحب الدراسات العليا في جغرافيا "الموزمبيق" وثورة بركان كليمنجارو "التنزاني"، أغرق في كذبته فصدقها فكانت حاضنة له يفعل بها ما يريد حتى استوطنته، فحاك خطاه على وقعها ولبس نظارته الداكنة وقابل شمس الصيف الحارقة بابتسامة الرضا، والجميع يرحب بقدوم الدكتور ذي الصوت الرخيم صاحب الفضل في انتشار الأصوات الإعلامية في إذاعه "سنابل الخير" و"مهد السكينة" لسعادته يدا طولى لم تقصر يوما في نسج أعرافها المستوحاة من آمال هذا فحدث العكس.

الرجل يعيش في جلباب خادع، رسمه لنفسه بغباء، ثم تقمَّص الدور وتفاعل معه بشكل مذهل، يقول صديقنا المشترك ولعله محب للنميمة: "ليته تبنى فكرتي عندما عرضتها"، لمشاركته في مشروعه التجاري قبل خسارته الفادحة، فلعلي أخرج منه بفائدة، أو ألعب دورَ رجل أعمال فاحش الثراء فأحقق أمنيتي، أولم يكن صديقنا "الدكتور" مَطْمَعا يُغري في تحقيق الأساطير؟ فكيف أنْ "عشعش" الوهم في رؤوسنا، وبنينا صرحا، فإذا به حلم خيالات ساكنيه في صحراء يبحثون عن ماء يقربهم من النجاة، ولم يكن إلا سرابًا، كطوق نجاة حتى بلغوا به "حتفهم" جلدا في تحقيق مخرجا وإن كان أبعد من اوهامهم.

قد تحتاج أحيانا إلى شعور زائف تنام وتصحو عليه، فليس بالضرورة أن تقسو عليك الحياة حتى في أحلامك، لك ذلك يا رجل!!!! افعلها ولكن لا تجعلني أداتك التى تحقق بها هذا فأنا شاهد طيف، عبر ذات مرة ولن أحسن ما يُردده شاهدو العصر فأبوح بما رأيته، وأزيد حبا في سرد القصص وابتهالات الخيال ورسم دستور الأوهام في زمن الأنا الأعظم.

في إحدى جلسات سمره، تقمَّص دور القمر، فشتم الشمس وتبرَّأ منها، ثم انتظر الصباح فسألته لمَ؟ فقال أنا أكره الظلام وأحب طلوع الفجر، فتفجرت عقيرتي بما يسمعه الثقلان، وأسقطت قناع دبلوماسيتي وحلفت له أن أعيد قراءة ما قيل عن الراعي والذئب والحمار والعربة، فلربما لم أعد أفهم من هو الحمار؟ ومن سكنته تخمة الألقاب حتى تورَّمت مخطوطته؟ معكم الدكتور "مرزوق" بفضل الله وستره، اللهم احفظ صالح وهونها على عقل فالح؛ فشطط القوم لم يعد له طب.

وختاما:

لن تحظى بعفو دائم فأنت عليل القلب ولست سقيم الهوى.

--------------------

شئ من ذاته:

سقط في الوحل ذات مرة، وعاد عنه ألف مرة، لكنها لم ترَ منه غير تلك المرة.

"ليتني أستطيع أن أحضن نفسي، وأبكي على كتفي" بعيدا عن أعينهم.