سارة البريكية
رُبَّما تتحرك المياه الراكدة، وربما هناك آذان صاغية لما أود قوله وأحزنني بالفعل، فهناك رسالة وجب عليَّ أن أوصلها لمن يهمه الأمر، أنَّ هناك أسرًا مُقيمة تُعاني من القرار الأخير، وعوائل قُطِعت أرزاقها مِن مَن لديهم ظروف والتزامات ومدارس وديون، وجب الالتفات لهم ألا وهم "فئة المُعلمين والمُعلمات غير العمانيين". فبعد القرار الأخير والتخلي عن مئات المُعلمات والمُعلمين، مَنْ سيكون لهم بعد الله غيرنا؟ ومن لهم بعد الله إلا نحن؟ لذا كل المطالب تنصبُّ في أنْ لا يتم إنهاء خدماتهم حتى يحين انتهاء عقود عملهم في السلطنة، ولا تصدموهم وهم ضيوف بيننا، إنَّ ما سمعته ولمسته أحزنني كثيرا؛ فالعُماني الأصيل بطبعِه لا يرضى بالذل والإهانة لغيره، فما بالك بمُعلِّم علَّم أولادنا وسخَّر نفسه لطلابنا ووقته وجهده وصحته، وفي النهاية يأتي قرار مُفاجئ بإنهاء خدماته.
نحن لا نرضى ذلك، فكيف لأبناء الدول العربية الذين كانوا معنا "في الحلوة والمرة" أن نتخلى عنهم، وأن نُنهِي خدماتهم دون سابق إنذار، وبطريقة عاجلة وسريعة، ولمَ لم يتم التريث في ذلك؟!
إنَّ معلمي الإعارة ممن هُم من دفعة 2021م تم التخلي عن خدماتهم قبل إكمالهم مدة الإعارة، مما عرَّضهم لخسائر مادية ومعنوية جمَّة؛ فقد تمَّت مُساواتهم بمن كان في الخدمة سنوات عديدة، بينما هم لم يكملوا السنتين منذ قدومهم بلدنا، وكما تعلمون فإنَّ الإقامة والسكن يترتب عليه أمور كثيرة من إيجار ودفع فواتير كهرباء وماء وقس على ذلك الأمور المعيشية الأخرى، في ظل الغلاء الذي نعيشه.
إنِّهم إذ يلتمسون من جلالة السلطان المُعظم، ومن وزارة التربية والتعليم الموقرة البقاء في السلطنة لإكمال فترة إعارتهم، فإنهم في هذا الصدد ليؤكدون استعدادهم للعمل في أي محافظة وولاية حسب النواقص والشواغر، وهم أيضًا راضون بكل ما يترتب على نقلهم لأماكن أخرى، فقد خسروا الترقية في بلدانهم جراء إنهاء خدماتهم؛ لذا أتمنى النظر في هذا القرار خصوصًا وأنه يمس ما يقارب الـ318 معلمًا ومعلمة.
أحبَّتي في وزارة التربية والتعليم.. أن نزرع شجرة ونغرس حبا ونعلم وطنا ونُنجِب شعبا طيبَ الأعراقِ، وأن نكون بلدا آمنا مطمئنا بمن فيه ومن عليه ومن حوله ومن به، فإننا نعتقد أنَّ هذا الجانب لستم بغافلين عنه، فعلينا أن لا نسعى في قطع الأرزاقِ ولا التسرُّع في اتخاذ قرارات سيروح ضحيتها أسر عربية كثيرة.
لقد رأيتُ دموعَ المعلمات المقيمات، وكم تألمتُ كثيرا حيال ذلك، فقد وقفتُ في موضع الذي لا حول له ولا قوة، وما كان مني إلا إيصال مطالبهم وأصواتهم الجريحة والمكلومة والمكبوتة والحزينة، التي تطالب بإكمال سنوات عملهم، إلى من يعنيه الأمر في هذه الدولة العظيمة.
إنَّ عُمان بلدٌ عظيم، عُرِف عنه التفريج عن كربِ الناس، ومن له حاجة، وعنده ظروف مختلفة.. وفئة المعلمين والمعلمات من هؤلاء أتوا إلى عُمان ومعهم أسرهم وأطفالهم، ومنهم من هو مُقيَّد في الصفوف العمانية ويُمارس حياته بشكل طبيعي كأطفال عُمان وأبناء هذا البلد العريق.
إنَّ مُعلمي الإعارة، والذين لم يُكملوا سنوات عملهم، وكي لا يخسروا ترقياتهم في دولتهم، علينا أن نقف معهم، ونساندهم ونبقيهم في أعمالهم، وأن نكون سندا لهم لا عليهم؛ فالإنسان للإنسان، وأرضنا أرضهم، فهم منَّا ولن نكون أبدا عليهم.
--------------------
رسالة عاجلة:
النظر كل النظر في أمر المعلمين، واتخاذ قرار عاجل بشأن عودتهم واستكمالهم سنوات عملهم، والشكر موصول لوزارة التربية والتعليم الموقرة على سعة قلوب المعنيين فيها ورحابة صدورهم، وأملنا بالله أولا وبهم ثانيا كبير جدا.. وكان الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.