تشو شيوان *
عُقدت الدورة الثالثة للمعرض الاقتصادي والتجاري الصيني الإفريقي في مدينة تشانغشا بمقاطعة هونان، في الفترة من 29 يونيو إلى 2 يوليو 2023، وقد بلغ عدد اتفاقيات التعاون الموقعة أثناء الدورة الثالثة للمعرض 120 مشروعاً بقيمة 10.3 مليار دولار أمريكي، مع قيمة تعاقدات أولية في موقع المعرض بلغت 400 مليون دولار أمريكي، وبمناسبة انعقاد المعرض أردت أن أتشارك معكم بعضًا من إنجازات التعاون الصيني الإفريقي، وكيف أسهم هذا التعاون في تحسين حياة الشعوب الإفريقية، وتحسين الاقتصاد في دولها.
وبحسب نتائج بيانات رسمية أصدرتها وزارة التجارة الصينية، حافظتْ الصين على مكانتها كأكبر شريك تجاري لإفريقيا خلال الأعوام الـ14 الماضية، مع وصول قيمة التجارة الصينية الإفريقية في العام 2022 إلى 282 مليار دولار أمريكي، بزيادة 11.1 في المائة على أساس سنوي، في حين أنَّ قيمة التجارة بين الصين وإفريقيا عام 2000 كان فقط 14 مليار دولار؛ أي أن التجارة تضاعفت لأكبر من 20 ضعفًا خلال هذه السنوات مما يُثبت أن الزيارة الكبيرة في التعاون الاقتصادي حسنت الأوضاع الاقتصادية في الدول الإفريقية وأسهمت بشكل أو بآخر في تحسين حياة الشعوب الإفريقية، خصوصاً وأن الاستثمارات الصينية تنوعت في عدة مجالات؛ أهمها: تحسين البنية الأساسية ومجالات البناء والتعدين والصناعات التحويلية، وحالياً يجري العمل على التعاون في المجالات الصحية والصناعات الحديثة، خصوصاً الطاقة المتجددة والخدمات الرقمية والتكنولوجية.
وتحتلُّ الصين المرتبة الرابعة كأكبر مُصدر للاستثمار في إفريقيا، وربما هذا الأمر قد أزعج الكثير من دول العالم، ففي الوقت الذي كان فيه العالم ينظر لإفريقيا نظرة الاستعباد ونهب المقدرات والثروات نظرت الصين للقارة السوداء على أنها فرصة للاستثمار والنهوض بدولها لما هو أفضل، وعندما توجَّهت الصين لإفريقيا مدت لهم يد العون في تحسين حياتهم وتحسين بنيتهم الأساسية، فلقد قامت الشركات الصينية بإضافة وتحديث أكثر من 10 آلاف كيلومتر من السكك الحديدية، وحوالي 100 ألف كيلومتر من الطرق، وما يقرب من 1000 جسر، وما يقرب من 100 ميناء في إفريقيا، وهذه الإنجازات لم تأتِ بها أي دولة في العالم بخلاف الصين، بل عمدت الكثير من دول العالم على استضعاف الدول الإفريقية وسرقة مقدرات شعوبهم من ذهب ومعادن.
يُصادف هذا العام الذكرى العاشرة لطرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادئ سياسة الصين تجاه إفريقيا، التي تتمثل في: الإخلاص، والنتائج الحقيقية، والصداقة، وحُسن النية، والسعي لتحقيق الصالح العام والمصالح المشتركة، والتي طرحها خلال زيارته الأولى لإفريقيا في العام 2013، وإضافة لذلك فإنَّ الكثير من الدول الإفريقية تلعب دوراً مهمًّا وعنصراً فعالاً في مبادرة الحزام والطريق الصينية؛ مما يعمق التعاون الصيني الإفريقي في جميع الجوانب وبأعلى المستويات.
وبالعودة لما يُسمَّى فخ الديون الصينية في إفريقيا، فكما أظهرت البيانات الصادرة عن البنك الدولي العام الماضي أنه من بين إجمالي 696 مليار دولار أمريكي من الديون الخارجية في 49 دولة إفريقية، فإنَّ ثلاثة أرباع هذه الديون مملوكة لمؤسسات مالية متعددة الأطراف ودائنين تجاريين، وهو نصيب الأسد من ديون إفريقيا؛ في حين أنَّ 35% مستحقة لمقرضين غربيين من القطاع الخاص؛ أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف إجمالي الالتزامات تجاه الصين، وهذه البيانات تفند بشكل واضح ما يُسمى بـ"فخ الديون الصينية" وتبين أن المؤسسات المالية الغربية هي من تضع الدول الإفريقية في فخ وهذا ما تثبته جمعية Debt Justice الخيرية البريطانية التي قالت في تقاريرها إنَّ إجمالي ديون الدول الإفريقية المقترضة من المؤسسات المالية الغربية الخاصة يبلغ ثلاثة أضعاف الديون من الصين، في حين أن معدل الفائدة هو ضعف سعر الفائدة للصين.
إنَّ تشويه صورة الصين وعلاقتها بالدول الإفريقية لن يدوم طويلاً؛ فالإنجازات والتقدم في العلاقات على أرض الواقع والتحسن الملحوظ في حياة الناس والبنية التحتية للدول الإفريقية هو الفارق والدليل على مقاصد الصين من هذا التعاون؛ فبالوقت الذي استنزفت فيه الدول الغربية مقدرات الشعوب الإفريقية فلماذا تأتي اليوم لتقف محاميَ دفاع عن إفريقيا ضد الصين؛ هذه المفارقة وحدها تجعل الجميع على يقين بمقاصد بعض الدول الغربية التي لا تريد احتكار مقدرات إفريقيا لها وحدها بينما الصين مدت يد العون لشعوب هذه الدول، والوقت كفيل بأن يظهر لنا جميع الحقائق ويثبت أن العلاقات الصينية الإفريقية صفقة مربحة للجانين وأمر مرحب فيه من قبل شعوب إفريقيا التي ذاقت الويل من الدول الغربية التي تنظر لهم نظرة العنصرية والاستعلاء.
* صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية ـ العربية