رويترز: أردوغان يقترب من تمديد حكمه

 

 

أنقرة - رويترز

 

يواصل الناخبون في تركيا الإدلاء بأصواتهم في جولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية اليوم الأحد والتي قد تشهد تمديد حكم الرئيس رجب طيب أردوغان لعقد ثالث.

وخالف أردوغان (69 عاما) استطلاعات الرأي وحقق تقدما مريحا بفارق خمس نقاط مئوية تقريبا على منافسه كمال كليتشدار أوغلو في الجولة الأولى للانتخابات في 14 مايو أيار. لكنه فشل في الحصول على نسبة الخمسين بالمئة المطلوبة لحسم السباق الذي ستكون له تأثيرات كبيرة على تركيا والوضع الجيوسياسي العالمي من الجولة الأولى.

وزادت حظوظ أردوغان بعد أدائه القوي غير المتوقع في الجولة الأولى رغم أزمة غلاء المعيشة، وفوز تحالف يضم حزبه العدالة والتنمية المحافظ وحزب الحركة القومية وأحزابا أخرى بالانتخابات البرلمانية.ويروج الرئيس المخضرم للتصويت لصالحه على أنه تصويت للاستقرار.

وبدأ التصويت في الساعة الثامنة صباحا (0500 بتوقيت جرينتش) وينتهي في الخامسة مساء (1400 بتوقيت جرينتش). ومن المتوقع أن تبدأ النتائج في الظهور بحلول مساء اليوم. وتشير تقارير إلى أن مراكز الاقتراع في الكثير من المناطق تشهد هدوءا مقارنة بالجولة الأولى التي وصلت نسبة التصويت فيها إلى 89 بالمئة.

ولن تحدد الانتخابات فحسب من سيحكم تركيا، وهي دولة عضو في حلف شمال الأطلسي يبلغ عدد سكانها 85 مليون نسمة، ولكن أيضا كيف تُحكم، ومسار اقتصادها بعد أن انخفضت عملتها إلى عشرة بالمئة من قيمتها مقابل الدولار خلال عقد من الزمن وكذلك شكل سياستها الخارجية التي أثارت غضب الغرب بسبب تعزيز تركيا لعلاقاتها مع روسيا ودول الخليج.

وتجمع أنصار لأردوغان في مدرسة قرب منزله بالجانب الآسيوي من إسطنبول حيث أدلى بصوته عند الظهيرة(0900 بتوقيت جرينتش) قبل أن يصافح الناخبين ويتبادل أطراف الحديث معهم.

وقالت نوران التي توجهت للتصويت ومعها ابنتها البالغة من العمر ثلاث سنوات "إن شاء الله سيفوز. البلاد بها الكثير من المشاكل ولا يستطيع أحد غيره حلها".

وفي أنقرة، عبرت جولجان دميروز (32 عاما) عن أملها في أن تسفر الانتخابات عن تغيير.

وأضافت جولجان التي تعمل في صناعة النسيج بعد التصويت لكليتشدار أوغلو "هذا البلد يستحق الأفضل. إننا بحاجة لكل العقول وليس لرجل قوي فاتر منعزل يحكم بمفرده".

وأدلى كليتشدار أوغلو ( 74 عاما) بصوته في أنقرة. وهو مرشح تحالف المعارضة المكون من ستة أحزاب، ويقود حزب الشعب الجمهوري الذي أنشأه مؤسس تركيا مصطفى كمال أتاتورك. وكافح معسكره لاستعادة الزخم بعد صدمة تفوق أردوغان في الجولة الأولى.

وأظهرت نتائج الجولة الأولى دعما أكبر من المتوقع للقومية، وهي تيار قوي في السياسة التركية واشتدت بسبب سنوات من القتال مع المسلحين الأكراد ومحاولة الانقلاب في عام 2016 وتدفق ملايين اللاجئين من سوريا منذ بدء الحرب هناك في 2011.

وتركيا هي أكبر دولة مضيفة للاجئين في العالم، حيث يوجد بها حوالي خمسة ملايين مهاجر، منهم 3.3 مليون سوري، وفقا لبيانات وزارة الداخلية.

وقال المرشح الرئاسي الذي حل في المركز الثالث سنان أوغان، وهو من غلاة القوميين، إنه يؤيد أردوغان على أساس مبدأ "النضال المستمر (ضد) الإرهاب"، في إشارة إلى الجماعات الموالية للأكراد. وحصل أوغان على 5.17 بالمئة من الأصوات.

وأعلن قومي آخر، هو أوميت أوزداغ زعيم حزب الظفر المناهض للهجرة، عن اتفاق يعلن دعم حزبه لكليتشدار أوغلو، بعد أن قال إنه سيعيد المهاجرين إلى أوطانهم. وفاز حزب الظفر بنسبة 2.2 بالمئة من الأصوات في الانتخابات البرلمانية التي أجريت هذا الشهر.

أظهر استطلاع للرأي أجرته شركة كوندا للأبحاث والاستشارات أن نسبة التأييد المتوقعة لأردوغان في جولة الإعادة ستكون 52.7 بالمئة مقابل 47.3 بالمئة لكليتشدار أوغلو بعد توزيع الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم. وأجري استطلاع الرأي في 20 و21 مايو أيار قبل أن يعلن أوغان وأوزداغ موقفيهما.

وهناك عامل مهم آخر وهو كيف سيصوت أكراد تركيا الذين يشكلون حوالي خُمس السكان.

ودعم حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد كليتشدار أوغلو في الجولة الأولى، ولكن بعد ميله إلى اليمين للفوز بأصوات القوميين، لم يسمه صراحة وحث الناخبين على رفض "نظام الرجل الواحد" لأردوغان في جولة الإعادة.

* "المزيد من أردوغان"

بذل الرئيس التركي قصارى جهده خلال حملته الانتخابية بينما يكافح للنجاة من أصعب اختبار سياسي له. ويحظى الرجل بولاء مطلق من الأتراك المتدينين الذين كانوا يشعرون في الماضي بأن تركيا العلمانية سلبتهم حقوقهم. وسبق أن تغلب أردوغان على محاولة انقلاب في 2016 واجتاز العديد من فضائح الفساد.

قال نيكولاس دانفورث وهو زميل غير مقيم في المؤسسة اليونانية للسياسة الأوروبية والخارجية (إلياميب) ومتخصص في التاريخ التركي "تركيا لديها تقاليد ديمقراطية قديمة وتقاليد قومية راسخة، ومن الواضح الآن أن التقاليد القومية هي التي انتصرت".

وأضاف "لقد مزج أردوغان بين الشعور الديني والكبرياء الوطني ، وقدم للناخبين نزعة معادية جدا للنخبوية".

وخلال سنوات حكمه الطويلة أحكم أردوغان قبضته على معظم المؤسسات التركية وهمش الليبراليين والمعارضين. وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها العالمي لعام 2022 إن حكومة أردوغان أعادت سجل تركيا في مجال حقوق الإنسان عقودا للوراء.

لكن إذا أطاح الأتراك بأردوغان فسيكون هذا إلى حد كبير نتيجة شعورهم بتبدل أوضاعهم الاقتصادية وتراجع قدرتهم على تلبية الاحتياجات الأساسية في ظل تضخم تجاوز 85 بالمئة في أكتوبر تشرين الأول 2022 وانهيار الليرة.

على الجانب الآخر، تعهد كليتشدار أوغلو وهو موظف حكومي سابق عن الكثير من التغييرات التي أدخلها أردوغان على السياسات الداخلية والخارجية والاقتصادية التركية.

كما قال إنه سيسعى لإعادة البلاد إلى نظام الحكم البرلماني وإلغاء النظام الرئاسي التنفيذي الذي اقتنص أردوغان الموافقة عليه عبر استفتاء عام 2017.

تعليق عبر الفيس بوك