هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية

 

 

يوسف عوض العازمي

alazmi1969@

 

"لمّا كان الأثر العُماني زاخرًا وحاضرًا في مختلف الحواضر والمدن العُمانية، فإن الكشف عنه وتقديمه يتطلب نهجًا من العمل العلمي، ومنهجًا من البحث العميق في أغوار الحضارة والتاريخ العُماني" حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية.

 

******

أُتابع دائمًا أعمالًا مميزة لمركز الدراسات والبحوث الكويتية، في دولة الكويت، الذي يقوم بأعمال جليلة لحفظ وتوثيق التاريخ الكويتي العريق، وذلك من خلال عدة محاور مختلفة وإصدار أبحاث وتقارير منوعة تضيف للباحث التاريخي والمهتم كثيرًا من العلوم والمعلومات، كذلك أتابع العمل الكبير الذي تقوم به "دارة الملك عبد العزيز" في المملكة العربية السعودية من جهود توثيقية لحفظ وتأريخ التاريخ السعودي العريق. وفي زيارة سابقة لسلطنة عُمان تعرّفتُ على هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية من خلال قراءة ومتابعة عدد من انشطتها المتنوعة، ووجدت بهذه الانشطة فائدة مهمة لمن يهتم بالتاريخ عمومًا وبتاريخ السلطنة العريق خصوصًا.

تقوم هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في سلطنة عُمان بدور مُهم ومحوري في حفظ التاريخ بأدواره المتعددة في السلطنة العُمانية، وتقوم بطرق متعددة من خلال إدارات متنوعة بإجراءات وأنشطة وفعاليات لحفظ وتأريخ وتوثيق التاريخ العُماني العريق للحفاظ على تاريخيته وتقديمه بأمانة نزيهة للأجيال القادمة من خلال توظيف قدرات ومواهب مؤرخين عُمانيين مميزين قاموا ويقومون بأعمال جليلة ومقدرة لإعادة الوهج لتاريخ تم وضعه على الرف لعقود ليست قصيرة!

تابعت ومنذ فترة ندوات أقامتها الهيئة في عدة محافظات عُمانية لغرض التأريخ والتوثيق والحفظ، وإبراز مشاركة عدة باحثين من عُمان وخارج عُمان في الفعاليات البحثية، لتحقيق أكبر قدر ممكن من الفائدة المرجوة، والمغزى المطلوب من إقامة مثل هذه الفعاليات المثمرة.

مما لاحظت وتابعت أن الهيئة تقوم بنشر دراسات مطبوعة متركزة حول التاريخ العُماني، وشخصيًا حصلت على عدة كتب من سلسلة الدراسات الرصينة خصوصًا السلسلة التاريخية والحضارية للمحافظات والمدن العُمانية؛ حيث قرأت عن مسندم في ذاكرة التاريخ العُماني، وكذلك كتاب من جزئين عن: ملامح من تاريخ وحضارة مدينة نزوى، واشتملت هذه السلسلة على أبحاث قيمة لشريحة مهمة من الباحثين الجادين، وكذلك سلسلة البحوث والدراسات في الوثائق الوطنية والدولية؛ حيث قرأت ثلاثة كتب زاخزة القيمة عن العلاقات العُمانية البريطانية وقد كانت الكتب كالتالي في مواضيعها:

  1. العلاقات العُمانية البريطانية من القرن السابع عشر إلى نهاية القرن التاسع عشر.
  2. العلاقات العُمانية البريطانية والتنافس الأوروبي والأمريكي.
  3. العلاقات العُمانية البريطانية ورؤية المؤرخين والرحالة.

وما سبق إصدارات رصينة حصيفة المصدر، وثيقة المرجع، تامّة التأريخ، غزيرة العلم عما تم بحثه؛ إذ وضعت الخبرات التاريخية وفق مناهج كتابة تاريخية مدققة المفردات، مثبتة الأركان، وفي طبعات فاخرة تليق بالحدث المبحوث، وبالفترة المنظورة؛ حيث يتم إلقاء الضوء على جوانب تاريخية وجغرافية، واقتصادية واجتماعية وثقافية، وعبر أبحاث يتصدى لها خيرة كتبة التاريخ ومؤرخيه.

تابعتُ باهتمام في الأسبوع المنصرم فعاليات الندوة التي نظمتها هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية في سلطنة عُمان بعنوان: "ندوة جنوب الشرقية في ذاكرة التاريخ العُماني"، وأقيمت الندوة في ولاية صور الساحلية العريقة، حضرها عدة باحثين من دول متعددة، واختلفت الأبحاث في بحث كثير من المهتمات المهمات في تاريخ المدينة العريقة والتي هي جزء من جغرافيا جنوب الشرقية في سلطنة عُمان العزيزة.

مما لفت اهتمامي من مواضيع الأبحاث بحث للباحث د. حسام السيد شلبي بعنوان: " علاقة محافظة حنوب الشرقية بسلطنة عُمان مع دولة الكويت خلال النصف الأول من القرن العشرين"، وتركزت محاور الورقة البحثية على 3 حيثيات:

  1. العلاقات التجارية بين محافظة جنوب الشرقية ودولة الكويت.
  2. دور مدينة صُور في حركة النقل البحري الكويتي، والعلاقة بين نواخذة صور ونواخذة الكويت.
  3. الصلات بين تجار الكويت وتجار مدينة صور.

ومن الأمور التي تميزت بها هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، وفي إنجاز فريد، وفي مواكبة لثورة الاتصالات، ومسايرة للتطور الكبير في وسائل التواصل الاجتماعي، أنها تفردت بإطلاق بودكاست "وثيقة"؛ إذ يقوم هذا البودكاست بتقديم عدة أحداث حصلت في التاريخ العُماني وتسليط الضوء عليها من خلال عمل مُتقن يقرِّب المعلومة، ويُسهِّل الوصول إليها، وبطريقة ترتكز على اجتهاد مُقدَّر، ومما تابعت في هذا البودكاست الشيِّق عدة مواضيع، القليل جدًا مما يعرف أو قرأ عنها، حيث عرضت وشرحت بطريقة سهلت وصول المعلومة بتقديم وإنتاج ممتاز.

أتمنى للهيئة استمرار التميز والتقدم، وأن تستمر في حفظ التاريخ بأمانة ونزاهة، سيما وهي جهة حكومية ليست في حاجة فلان أو علان؛ فالتاريخ إما أن يُكتب ويُنشر بأمانة أو يبقى بعيدًا خيرًا من نشره غير مكتمل أو مُضافًا إليه على غير الحقيقة أو محذوفًا منه.