سارة البريكية
يطير العصفور من عش إلى عش ومن شجرة إلى أخرى، باحثًا عن المأوى المناسب له؛ فأحيانًا يطيبُ له العيش في مكان دون غيره من الأمكنة، وتارة أخرى لا يناسبه العُش الذي كان يرتاده كثيرًا..
يحتاج المرء أن يغير مكان وأسلوب حياته، وأن يبحث ويفتش عن مأوى جديد يتناسب مع تقدمه في الحياة والعمر والفكر والتفكير، وليس بالضرورة أن يستطيع ذلك في أغلب الوقت؛ لصعوبة التنقل من مكان لآخر، ولكن تبقى الفكرة بالتجديد مطلوبة.
تمر الأيام ونحن نرتقب أمنياتنا التي رسمناها منذ الصغر أو منذ فترة التفكير الجيد والعقل الناضج والاختيار الصحيح، لكن لا نجد أنها تتحقق في بعض الأحيان وفي البعض الآخر يتحقق بعضها شيئًا فشيئًا في التوقيت الرباني المهيأ لها والمناسب مع كل المتغيرات الطارئة.
تدهشك عظمة الخالق في ترتيب الأمور ومجريات الحياة والواقع الجديد وتدهشك أكثر ترتيبات ربانية لحياتك بسرعة كبيرة.
تذهب وجوه وتأتي وجوه أخرى قد تكون التي ذهبت على قيد الحياة ولكنها ميتة من حياتك وقد تكون فعلا تلك الوجوه قد غادرت من الدنيا ولكنها لاتزال تسكن الجزء الأكبر من عقلك وقلبك، وما تزال متعلقًا بذكرياتك القديمة التي ترافقك أينما ذهبت وانتصاراتك التي حققتها ذات يوم معهم.
الرياح العاصفة وكمية المخاوف التي تعيش في ذاتك تحاول التغلب عليها بنجاحاتك وامتيازاتك ومواصلة التجديف نحو حلمك الذي كاد قريبا.
ولكن المحبطين الذين يحيطون بك هم الذين في دمهم السوء والخبث يستمرون في نسج خيوط العنكبوت حتى تتعثر ولكن هيهات هيهات ستنتصر على الجميع ولو بعد حين فلعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا.
إن الناظر لمجريات الحياة التي تدور بنا ومتغيرات الزمان، وأن ما كان من الصعب أن يحدث صار سهلًا، وأن الانخراط في ممارسة الخطأ والبحث عن الشهرة الزائفة والتنابز بالألقاب والقيل والقال هو من أتفه الأمور التي ينشغل الواحد بها وأننا نحن من نرفع السفهاء وعديمي الأدب والمنحطين بمتابعتنا لهم ونحن من نجعل من مشاهداتهم "ترند"، ونحن من نشجعهم على مواصلة ما هم ماضون نحوه، فهل يعقل لبنت عربية أصيلة ولدت في منطقة الخليج العربي أن تسافر وحيدة إلى بلاد غريبة عنها دون محرم وهي حاسرة الرأس وخليعة اللبس ونحن نشجعها على ذلك؟! فهذه الأمور ليست من شيمنا كعرب وليست من أخلاقنا، لكن الناظر لهذه الأمور يراها في الآونة الأخيرة في ازدياد كبير، وأن الأرقام سجلت ذلك والمشاهدات حاضرة، لذا وجب التنويه للجهات المختصة أن تعزز التوعية للحد من هذه الظواهر التي أصبحت دخيلة على العُمانيين، فنحن مسلمون والإسلام فضلنا وكرمنا عن الآخرين، لذا يجب علينا أن نوقف الأمور عند حدها إن لزم الأمر، والتدخل السريع مطلوب من الجهات المعنية بهذه الأمور.
إننا عندما نتحدث عن تلك الأمور التي نراها بأعيننا فإننا نشعر بالحزن والأسى على حال الأمة، أين كان وكيف أصبح وإلى أين يمضي؟! وعندما ننتقد، فالانتقاد بنّاء وأننا نسعدُ كثيرًا عندما نرى أن مواطنين ومواطنات البلد هم الأفضل في كل المجالات العلمية والعملية، وأن شباب عمان في الطليعة والمقدمة دائمًا، وأن الرياح تجري باتجاهها الصحيح وأن السفينة ثابتة ولا تتأثر بالرياح العاصفة، وأن الخريف الذي ننتظره آتٍ في وقته، وستثمر الثمار وستتفتح الأزهار وسيطيب اللقاء.