إجازة العيد

 

 

سعود بن حمد الطائي

تعوَّدنا لسنين عديدة أن نرى طوابير طويلة من السيارات على مراكز الحدود، وأعداد كبيرة وهي مُحمَّلة بالعائلات والأطفال والأماني الجميلة لقضاء أوقات سعيدة في إجازة عيد الفطر، وتحت هجير الشمس ونقاط التفتيش تمضي العائلات صابرة في سبيل إسعاد أطفالها، وهي تبحث عن أشياء كثيرة تفتقدها؛ مثل: المناطق الترفيهية والأسواق الشعبية ومراكز التسوق الكبيرة والبحيرات والقنوات المائية، وغير ذلك من التسهيلات والخدمات التي تقدمها لهم الدول الأخرى.

والأعداد من المسافرين على الحدود البرية تُماثلها أعداد لا تقل عنها في المطارات، ولا يُمكن إلقاء اللوم على الأسر والاطفال في تكدسهم على الحدود والمطارات، وإنما يقع اللوم علينا جميعًا، فهل يُعقل لبلدية مثل بلدية مسقط أن لا تملك شبرًا واحدًا من الأراضي لتقيم عليه فعاليات مهرجاناتها؛ فتارة في العامرات، ومرة في القرم، وأحيانًا في حديقة النسيم، ومرة في العذيبة، قبل أن تقضي جائحة كورونا على ما تبقى من فعاليات المهرجان، والموقع المقترح حاليًا وإنْ كان بعيدًا بعض الشيء في حلبان بولاية بركاء!

التسهيلات التي يُفترض أن يتم تقديمها ربما تساعد على جذب الكثير من الأسر التي تغادر البلاد في أيام الإجازات؛ فالناس بحاجة لمتنزهات جميلة وأسواق شعبية متنوعة ومراكز تسوق ومطاعم ومقاهٍ وبحيرات وأنهار صناعية وفنادق لكي يُصبح الموقع قابلًا للحياة طوال العام، وليس لفترة المهرجان التي في العادة لا تتجاوز الشهر الواحد. وإذا عُدنا بنظرة سريعة إلى الأرقام لوجدنا أن أعداد المغادرين يتجاوز في بعض الأحيان 30 ألفًا، ويصل معدل إنفاق كل أسرة إلى 1000 ريال، وذلك يعني أن مبلغ 30 مليون ريال يتم صرفه في كل إجازة من إجازات الأعياد والعيد الوطني المجيد، ويصل حجم المبالغ مجتمعة إلى حوالي 90 مليون ريال غير المبالغ التي تُصرف في إجازات الصيف ورحلات العلاج في الخارج؛ الأمر الذي يستدعي توفير التسهيلات والأسواق والحدائق الترفيهية والمنتجعات والمستشفيات المتخصصة في البلاد في أسرع وقت ممكن.

وإذا عُدنا للغة الأرقام، فسنجد أنَّ ما يتم صرفه طوال العام من قبل المواطنين لا يقل عن 200 مليون ريال في رحلات علاج واستجمام وعطلات خارج الوطن، وهذه المبالغ لو صُرف بعضها أو جزء منها على إقامة مستشفيات متخصصة تتوفر فيها جميع المعدات والأجهزة الطبية المتطورة، ويتم تدريب وتعليم الكثير من خريجي الطب والصيدلة على إدارتها، لكانت شريحة واسعة من المواطنين استفادت من تلك التسهيلات، ولم تغادر للعلاج الى الخارج، وينطبق ذلك أيضًا على الأسواق والمشاريع الترفيهية وحدائق الألعاب والترفيه التي يبحث عنها الأطفال ويسافرون لأجل الاستمتاع بتلك التسهيلات التي تتوفرها لهم تلك الدول الأخرى.

خلاصة القول.. نحن بحاجة لمراجعة شاملة للأسباب التي تجعل من تلك الطوابير على الحدود مناظر مألوفة في كل إجازة، والعمل على خلق مصادر جذب  تقلل من سفر المواطنين إلى خارج البلاد، ومن الممكن أن تتعاون الجهات الحكومية والقطاع الخاص في طرح مواقع للاستثمار في مشاريع متخصصة؛ كالمستشفيات وحدائق الترفيه والأسواق الشعبية والمراكز التجارية الكبيرة...وغير ذلك من المشاريع التي تُسهم في إبقاء أكبر عدد من المواطنين داخل بلادهم، وسيستفيد من بقائهم الاقتصاد الوطني اللذي هو أولى بأموال أبنائه.

وختامًا.. أتشرف أن أرفع للمقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- والشعب العماني العزيز أسمى آيات التهاني والأمنيات الصادقة بمناسبة عيد الفطر المبارك، أعاده الله على جلالته وعلى الشعب العماني العزيز أعوامًا عديدة وأزمنة مديدة، وكل عام والجميع بخير.