مؤيد الزعبي *
كثيرًا ما نتساءل: كيف ستكون عملية الطبخ في المستقبل؟ في أبعد تصوراتنا أن الروبوتات هي من سيقوم بهذا الدور عن طريق أذرع روبوتية هي من تُعد الوصفة أو الطبخة وسندخل البيت نجد سفرتنا جاهزة، والروبوتات هي نفسها من ستطلب مكونات الطعام من السوبرماركت، وهذا تصور منطقي وسيحدث، ولكن ماذا لو أخبرتك بأننا في المستقبل لن نطبخ بل سنطبع، فتقنيات طباعة الطعام عن طريق طابعات 3D بدأت في الظهور بشكل متطور وستقدم لنا تجارب فريدة في قادم الأيام.
حسب تصوري؛ ففي قادم الأيام ستصبح الطابعات ثلاثية الأبعاد جزءًا لا يتجزأ من أجهزة المطبخ؛ مثل: المايكرويف والثلاجة، وستوضع ضمن أجهزة "الجهاز" لكل عروس جديد في المستقبل؛ وفي المستقبل لن نحتاج لغاز لنحضر طعامنا ولن نقف بالساعات في المطبخ لإعداد وجبتنا المفضلة، ولن نحتاج لأن نذهب لأشهر المطاعم لنتناول طعام المطاعم ما دام كل هذا يمكن أن يحضر أمامك وبدقائق، ولا تفهمني بصورة خاطئة عزيزي القارئ فأنا لا أقصد أبدًا تطور تقنيات توصيل الطعام "الديليفري"؛ بل أقصد بأن الطعام سيُطبع أمامك في بيتك، نعم حتى وجبة "ماك برجر" الشهيرة ستُطبع أمامك، ما المانع في ذلك إن كانت التقنية موجودة والمكونات موجودة، ولا تتعجب إن قلت لك إنَّ ماكدونالدز نفسه هو من سيشرف على عملية الطباعة؛ فالوصفة هو من أعدها وأرسلها لطابعتك حتى تنفذها وتعدها لذيذة من أجلك.
في بادئ الأمر، قد يبدو الأمر غير مفهوم، ولكن إنْ تعمقنا قليلًا في فهم قدرات الطابعات ثلاثية الأبعاد، فسنعرف أنَّ الأمر ممكن، وأنه في طور التطوير، وهناك من يقدم وجبات مطبوعة في العديد من مدن العالم، وتخيل معي أن يوضع في الطابعات مواد أولية للأطعمة، وعندما تطلب منها أي طبق تريده ستقوم بخلط تلك المكونات وطباعتها لتشكل لك طبقك المفضل، فلو طلبت شرائح البطاطا "الفرنش فرايز" وهي لديها معجون البطاطا أو "حبر" البطاطا فسوف تطبع طبقك وتقدمه بالنكهة التي تريدها حسب طلبك وحسب ما هو بمقدورها أن تُنفذ، ففي هذا المجال ستشتد المنافسة وسيخرج لنا شركات عالمية تُحضر وصفات خاصة بهذه الطابعات، وكما أخبرتك أنه حتى المطاعم العالمية كـ"ماكدونالدز" و"كنتاكي" و"برجر كينج" أو حتى مطعمك الشعبي المفضل، يمكنه إعداد وصفته الخاصة لتكون متاحة على هذه الطابعات، وأنت حينها ستدفع ثمن الوصفة وثمن السر لن تنجو من ذلك.
وفي ذلك الوقت، سيُصبح بمقدورك أن تتناول أشهر الأطباق محضرة بوصفات أشهر الطهاة وبالكميات التي تناسبك، والطلب مسبق ويمكنك جدولة أكلاتك الشهرية فلا داعي أن تضيع وقتك في هذا الأمر حتى، وحينها سيكون بمقدورك أيضًا استثمار هذه التقنية في تجهيز وصفاتك الخاصة وبيعها فلن يكون حكر الوصفات للشيف منال العالم ولا للشيف الشربيني وحتى للشيف العالمي غوردون رامزي، في المستقبل سيظهر علينا شركات ستستثمر في إعداد الوصفات المتخصصة للطابعات ثلاثية الأبعاد وستدخل حياتنا بشكل أو بآخر.
هناك تُوجه عالمي بدأ في الظهور يطالب بوقف ذبح الحيوانات من أجل لحومها، طالما بالإمكان صناعة اللحوم في المعامل عن طريق دمج مكونات معينة للوصول للنكهة واللون والملمس المطلوب للحوم، وأعتقد أنَّ هذه المطالب ستنسجم بشكل كبير مع تطورات الطابعات ثلاثية الأبعاد في قادم الأيام وسنجد لحومًا ليست لحومًا، وخضارًا ليس خضارًا لكن تتشابه في اللون والشكل والملمس وحتى الفوائد الغذائية.
رغم أن الصورة قد تبدو معقدة ولن نستوعبها بسهولة، لكن هذا ما سيحدث في المستقبل؛ فالطابعات أصبحت موجودة والمكونات موجودة ولم يتبقَ إلا تطويرها لتدخل المنازل والمطاعم وتصبح رائجة كأسلوب للطبخ وتقديم الأكل، وإذا ما زال الشك داخل قلبك من هذه التطورات، فابحث عن الطابعات المتخصصة لطباعة الأطعمة فستجدها، وستجد نماذج بسيطة يمكنها طباعة بعض الحلويات أو أكلات معينة، وهذا ما زال في البداية، والقادم سيكون أكثر تطورًا وأكثر تعقيدًا.
عندما نتحدث عن إنترنت الأشياء، ويتم ربط هذه الطابعات بالإنترنت ودمجها بأنظمة وأذرع روبوتية، ستكون أمام أمهر الطهاة القادرين على تحضير أعقد الوصفات من خلال طباعتها، وستكون أمام طبق مطبوع بالكامل ومحضر بإتقان عالي الدقة، وبالطبع هذا ليس التطور الوحيد الذي سنشهده في عالم المطابخ والطعام، بل سيحمل لنا المستقبل الكثير من الإبداعات في هذا المجال؛ فالطعام جزء من الإبداع البشري الذي سنطور طريقة تحضيره كلما ظهرت لنا تقنية أو أدوات جديدة.
* منسق إعلامي ومنتج أخبار لصالح مجموعة الصين للإعلام الشرق الأوسط