مشيرين إلى أهمية الاستخدام الأمثل لتجنب مخاطر الذكاء الاصطناعي

مختصون يؤكدون ضرورة الاستفادة من "تشات جي بي تي" في قطاعي التعليم والاقتصاد

 

مسقط- العُمانية

أصبحت منصة "تشات جي بي تي" خلال الأشهر القلية الماضية هي المنصة الأشهر من بين تطبيقات الذكاء الصناعي، ليتجاوز عدد المشتركين فيها أكثر من 100 مليون مشترك مع بداية هذا العام ، وهي عبارة روبوت محادثة متطور قادر على تلبية مجموعة واسعة من الطلبات المستندة إلى النصوص، سواء كانت الإجابة على أسئلة بسيطة أو استكمال المهام الأكثر تقدمًا مثل كتابة برمجية معينة أو كتابة مقالات علمية كاملة في غضون ثوانٍ بأقل قدر من المدخلات من الباحث.

وقالت الدكتورة ماجدة بنت طالب الهنائية أستاذ مساعد بقسم الرياضيات بكلية العلوم في جامعة السلطان قابوس، إن المنصة لها القدرة على تحليل وتفسير كميات كبيرة من النصوص لتسهيل مهام البحث وإعداد الوثائق، وتستمد أهميتها من التفرد بالقدرة على توليد لغة شبيهة بالبشر وإكمال المهام المعقدة، مما يجعلها ليس فحسب ابتكارًا مهمًّا في مجال معالجة اللغة الطبيعية والذكاء الصناعي بل طفرة تفتح آفاق الثورة الصناعية الخامسة المستقبلية، وتهدف إلى أن يعمل البشر والروبوتات بشكل وثيق يحقق المنفعة لكليهما.

وأضافت أن استقاء منصة "تشات جي بي تي" المعلومات من مخازن البيانات الضخمة ومعالجتها والتصميم الفعال لفهم طلبات المستخدم وتفسيرها وتوليد الاستجابات المناسبة بلغة بشرية طبيعية إلى حد كبير، سيتيح المجال للاستفادة من هذه المنصة في مجال التعليم وتجعل منها أداة معاونة للمعلم، موضحة: "على سبيل المثال يستطيع المعلم وضع خطة الدرس وفق أحدث الاستراتيجيات التعليمية أو إنشاء بنوك أسئلة أو حتى في عملية التقويم وتقديم الملاحظات للطلبة عبر هذه المنصة".

وذكرت أنّ التعليم على وجه الخصوص يحظى باهتمام كبير، وأنه لابد أن نفكر بصورة استباقية في التعامل مع شات جي بي تي في قطاع التعليم وأن نتفادى الطريقة التي تعاملنا بها في العقود السابقة مع الطفرة التكنولوجية المتعلقة بالتعليم عن بعد ولم تلق الاهتمام اللازم وقتها، إلى أن جاءت جائحة "كورونا" فوجدناها ضرورة لا مفر منها، مبينة أن الكثير من المخاوف أثيرت حول هذ التقنية، منها ما هو متعلق بالنزاهة الأكاديمية ومنها ما يثير المخاوف على نمو القدرات الذهنية لدى الطلبة إذا ركنوا بصورة اتكالية على هذه التقنية، وهناك من تحدث عن عدم حيادية هذه التقنية تجاه بعض الموضوعات.

وأشارت إلى أنّ أحد المتحدثين في إحدى المحاضرات بجامعة السلطان قابوس سلط الضوء على بعض جوانب القصور في تشات جي بي تي مثل الخوارزميات التي تستمد معلوماتها من مخازن بيانات ضخمة كان آخر تحديثاتها في عام 2021، ناهيك أن هذه التقنية لا تسرد المصادر التي استقت منها المعلومة مما قد يوقع مستخدميها تحت طائلة النزاهة الأكاديمية، مضيفة: "في الأمور الإنسانية وقضاياها الجدلية علينا أن نعي ما يرد لنا من تشات جي بي تي، إذ أننا لا نعلم منابع معلوماته ولا أجندة من قام بتغذية هذه البيانات والمعلومات".

وتابعت الأستاذ المساعد بجامعة السلطان قابوس: "يمكننا القول إن تشات جي بي تي ما هي إلا أداة لها مخاطرها ولها فوائدها، والعالم من حولنا يتطور بسرعة مذهلة ولا يمكن أن نحرم الأجيال القادمة من الولوج في بوابة المستقبل، لذا علينا التعامل مع مستجدات التقنية بصورة نشطة وفاعلة تتحلى بالحكمة في ذات الوقت أي، يجب أن نعي ماهية المخاطر والمزايا ومن ثم نعمل على تعظيم الفوائد وتخفيف المخاطر المحتملة والحد منه، كما أن التطور التكنولوجي آخذ في التسارع بصورة مذهلة، ونحن نناقش استخدام شات جي بي تي من عدمه لتطالعنا أنباء تطوير هذه التقنية بإصدار شات جي بي تي4 وهنا قد يتساءل البعض عن ماهية هذه التقنية وهل هي ذاتها شات جي بي تي، فالإجابة ليس تماما ولكن يمكننا القول بصورة بسيطة أنه إذا نظرنا إلى شات جي بي تي على اعتبار أنها سيارة فإن شات جي بي تي4 ستكون هي المحرك لتلك السيارة، وهو جزء من جيل جديد من أنظمة التعلم الآلي التي يمكنها أن تقوم بمعالجة الصورة والفيديوهات وإنشاء نص مقروء عند الطلب وإنتاج صور ومقاطع فيديو جديدة".

من جانبه، يوضح حسن بن فدا اللواتي رئيس البرنامج الوطني للذكاء الصناعي والتقنيات المتقدمة بوزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات أن "تشات جي بي تي" عبارة عن منظومة تم تطويرها بواسطة مؤسسة  Open AI، وتعمل على أساس مُحوّل توليديّ مُدرَّب مُسبقًا للدردشة تستخدم تقنيات التعلم العميق "تقنيات التعلم المراقب والتعليم المدعوم" لإنشاء نص بنفس مستوى الإمكانيات والمهارات البشرية بناءً على المدخلات التي يتلقاها من المستخدم، حيث يمكن استخدام هذه المنظومة بأكثر من لغة ومن ضمنها اللغة العربية والتعاطي معها حالها كحال التعاطي مع البشر لتوليد الأفكار واقتراح المحتوى المناسب كمخرجات بأنماط مختلفة مثل كتابة التقارير، وصياغة أبيات شعر وكلمات الأغاني، وتأليف الموسيقى والحكايات والقصص الخرافية، وتصميم رسومات بناء على وصف معين، ورسم مسار خوارزميات لحل مشكلة ما ومحاكاة أجهزة إلكترونية، وإبداء الرأي في موضوع ما وما شابه، مع وجود محدودية في بعض الإمكانيات التي هي لازالت قيد التطوير.

وأضاف أنه جرى تحديث أربع نسخ من منظومة "شات جي بي تي" منذ عام 2018م حتى الآن تدرجت في تطوير إمكانياتها لتصل الى ما وصلت اليه الآن، وبعدها بفترة قياسية ظهرت مؤخرا النسخة رقم 4 منه في شهر مارس الماضي تتفوق بإمكانيات أخرى جديدة.

ولفت إلى إن العالم يتسارع في الاستفادة من التقنيات المرتبطة بالجيل الجديد من الذكاء الاصطناعي، نظرا لقدرة هذه التقنيات على القيام بمهام كانت حتى وقت قريب حصرا على البشر، وهنا تأتي أهمية استغلال الفرص والاستفادة من هذا النوع من التقنيات في سلطنة عمان لتعزيز إنتاجية القطاعات وبالخصوص القطاعات الاقتصادية بحيث يمكن تسخيرها لتسهل نمو الإسهام في الناتج المحلي الإجمالي في وقت أسرع ورفع مستوى جودة المنتجات والخدمات، حيث إن هذه التقنيات لها إمكانات قد تفوق في سرعتها وجودتها إمكانات البشر.

وأكد أن الشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة المحلية بإمكانها ابتكار منتجات جديدة منبثقة من هذا النوع من التقنيات لخدمة احتياجات الأسواق العالمية بجانب السوق المحلي، كما تتيح فرص المنافسة على مستوى الأسواق العالمية ولا تقيد عمل المؤسسات والتنافس داخل حدود جغرافية معينة، خاصة إذا تم استغلال الفرص بشكل سريع مع تسارع تطور هذه التقنيات.

تعليق عبر الفيس بوك