قطع الكهرباء في رمضان!

علي بن بدر البوسعيدي

لا شك أن الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه، لا غنى عنها لأي إنسان يعيش في هذا العالم، ونظرًا لأهمية هذه الخدمات تتولى عادة الحكومات مسؤولية إمداد السكان بها، من خلال شركات عاملة في هذا المجال، لكن يبدو أن هذه الشركات تميل في كثير من الأحيان إلى اتخاذ قرارات تؤثر بشدة على المجتمع، ولنا في بعض شركات الكهرباء والمياه في عمان مثال على ذلك!

فماذا يعني قيام شركة الكهرباء بقطع الخدمة في رمضان عن مواطن تأخر عن دفع الفاتورة، مهما كان السبب، ربما لا يملك الأموال الكافية نتيجة تحديات المعيشة التي يعلمها الجميع، أو أنه كان مسافرًا للعلاج أو ما شابه، أو ربما لم يتذكر دفع فاتورة الخدمة. لا شك أن للشركات الحق في تحصيل مبالغ الفواتير، لكن يجب على هذه الشركات أن تبحث عن حلول إنسانية تتماشى مع طبيعية المجتمع، في حال تأخر المشترك عن دفع قيمة الفاتورة.

الحقيقة وصلتني رسائل عدة كما قرأت على وسائل التواصل الاجتماعي العديد من المناشدات التي تطالب هذه الشركات بعدم قطع الخدمة عن المتأخرين عن سداد الفواتير خلال شهر رمضان المبارك، لما في هذا الشهر من خصوصية لا يُنكرها أحد، فالناس في هذا الشهر يصومون النهار، وربما لا يجدون الوقت المناسب أو الكافي للذهاب إلى أجهزة دفع الفواتير، ومن ثم ضمان عدم انقطاع الخدمة. أيضًا التحديات الاقتصادية على المواطنين، لا سيما أصحاب الدخل المحدود وأولئك الباحثين عن عمل أو المُسرّحين من أعمالهم، وغيرهم، لا يجدون المال الكافي لدفع الفواتير، ويكفي أن نرى المناشدات التي نطالعها بصفة يومية على منصات التواصل الاجتماعي لجمع مبالغ لمساعدة المتأخرين عن سداد فواتير الكهرباء والمياه، لكي نعلم حجم التحدي المعيشي على الكثير من الأسر والأفراد.

إنني هنا لا أنادي بعدم تحصيل الفواتير، ولكن أطالب بكل قوة الشركات أن تتوقف عن قطع التيار الكهربائي عن المتأخرين عن سداد الفواتير، على أن تبحث عن حلول أخرى تُلزم بها المشترك بدفع الفاتورة، على أن يكون خيار قطع التيار آخر الحلول المُرة، وإذا حدث القطع، يكون في أوقات لا تضر بمعيشة الأطفال أو سكان المنزل.

كما أناشد أصحاب الأيادي البيضاء والمنفقين في الخير، أن يُسارعوا ونحن في هذه الأيام المباركة، إلى مساعدة المحتاجين من الأسر التي لا تملك ثمن فاتورة الكهرباء أو المياه، فمجتمعنا عُرف عنه التضامن والتكافل الاجتماعي، ولله الحمد أن من بيننا الآلاف من التجّار وأصحاب الأعمال الميسورين القادرين على التبرع لصالح الجمعيات المعنية بهذه الأمور، أو من خلال الذهاب إلى شركات الكهرباء نفسها ووضع مبالغ مالية في حسابات المواطنين الذين تعسروا ولم يستطيعوا دفع الفواتير.

وفي الأخير.. علينا أن نرفع شعار التضامن الاجتماعي والتكافل المجتمعي، وعلى الميسور أن يُعطي المحتاج دون أن يسأل، وقد أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وحثنا ديننا الحنيف على البذل وإخراج الصدقات وأموال الزكاة، خاصة وأن من مصارفها المشروعة دفع مثل هذه الفواتير للفقراء والمحتاجين.