"عُمان عبر الزمان".. الحضارة العريقة

علي بن بدر البوسعيدي

شاهدنا وشاهد العالم معنا الافتتاح الرسمي لمتحف عمان عبر الزمان، الذي تشرف بتفضل حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ــ حفظه الله ورعاه- فشمله برعايته السامية، إيذانًا ببدء مرحلة جديدة من العمل المتحفي في وطننا الحبيب.

والحقيقة أن هذا المتحف الذي وضع حجر أساسه المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- إنما يُراد منه أن يكون أيقونة عصرية تجمع بين جنباتها الأمجاد العمانية التليدة، والإرث الحضاري العماني على مر العصور، ليس فقط في الفترات التي عاش فيها الإنسان واستوطنها البشر، لكن أيضًا خلال الحقب الجيولوجية التي شهدت تواجد حيوانات منقرضة الآن، ما يؤكد على قدم هذه الأرض الطيبة، وأنها واحدة من الأراضي التي استُوطِنَتْ قل فجر التاريخ.

وهذا المشروع الوطني العملاق يسرد قصة عُمان، الأرض والإنسان والتاريخ، في مختلف الأزمن، ولذلك وجدنا هذا الدعم السامي الكبير، فشاهدنا صرحًا شامخًا تزدان به ولاية منح، ونفخر به نحن العمانيين في كل أرجاء المعمورة.

إننا لنفخر أن هذا المتحف من بين منجزات نهضتنا، يعتمد أحدث التقنيات التكنولوجية في العرض المتحفي، وينتهج الأسلوب العرض التفاعلي مع الجمهور، ويؤكد ما تزخر به عُمان من إرث حضاري عريق، وموروث تاريخي ضارب في القدم، ولذلك نجد الإنسان العُماني يفاخر الكون بتاريخ وطنه.

المُدهش في هذا المتحف أنه يجمع كل الحضارات في مكان واحد؛ بل يتضمن معروضات تعود بالزمن إلى 800 مليون سنة، منذ مراحل التشكل الجيولوجي، وحتى يومنا هذا.. ففي قاعة التاريخ وحسبما جاء في تفاصيل هذا المتحف، يمكن للزائر أن يتعرف على الحقب المختلفة لعُمان مثل جيولوجيا الأرض والسُكّان الأوائل، بداية من التكون الجيولوجي للأرض، ثم العصر الحجري (جناح المستوطنين الأوائل)، ثم العصر البرونزي (جناح حضارة مجان)، ثم العصر الحديدي (جناح مملكة عُمان)، وبعدها أجنحة اعتناق الإسلام، ودولة اليعاربة وأخيرًا دولة البوسعيديين، أدام الله عزها.

نقطة أخرى أودُ التطرق إليها، وهي الرعاية السامية لجلالة السلطان المعظم- أيده الله- للمتحف، والتي تؤكد أن جلالته يولي البُعد الحضاري والتاريخي لعُمان اهتمامًا وعناية خاصة جدًا؛ لأن تاريخ عُمان هو المرتكز والوتد الراسخ في الجذور الذي نتكئ عليه في حاضرنا كي نتمكن من استشراف مستقبلنا على أسس متنية وأعمدة صلبة.

وختامًا.. إنَّ هذا المتحف بكل ما يحتويه وما يبعث به من رسائل عديدة، يمثل نقلة نوعية في قطاع التراث والثقافة، ويتيح للباحثين والمُهتمين مزيدًا من الإبحار في أعماق التاريخ، ليلتقطوا منه جذوة النور والمعرفة التي تضيء لهم المستقبل المُشرق وتساعدهم على التقدم بخطى واثقة إلى الأمام.