ناصر بن سلطان العموري
لم أكن أنوي هذا الأسبوع طرح مقال لولا رؤيتي لذاك المقطع المتداول لسائق حافلة مدرسية يتسبب لرعونته في سقوط طفلة وكأنه يرمي كيس قمامة- أعزكم الله- هذا المقطع الذي أجزم أنه تم تداوله بأرجاء عُمان من أقصاها إلى أقصاها بل ربما قد تعدى الحدود ونحن في عصر السرعة ومواقع التواصل الاجتماعي التي تنتشر فيها الأخبار كانتشار النار في الهشيم.
بصراحة المقطع هزَّ وجدان كل ما شاهده وأتساءل هنا أليس لسائق الحافلة قلب رحيم وضمير حي وروح إنسان وهل يرضى ما حدث للطفلة أن يحدث لأحد من أطفاله أو إخوانه؟!
كنَّا قد تطرقنا في مقالات سابقة لضرورة تأهيل سائقي الحافلات المدرسية وتزويدهم بدورات في القيادة الوقائية ومعايير الأمن والسلامة والحفاظ على أرواح الطلبة.
وبات المطلب هنا ملحًا وضروريًا في توفير مشرفين ومشرفات لاسيما للحافلات التي تقل المرحلة التأسيسية من الحلقة الأولى حديثي العهد بالمدرسة ومن لا يستطيعون الاعتماد على أنفسهم وهذا ما سوف يسهم في توفير الوظائف للباحثين عن عمل أو حتى للمتقاعدين ضمن عقود مؤقتة لمساعدتهم في تحسين دخلهم لا سيما مع تعدد المدارس لدينا في جميع أرجاء السلطنة، لكن السؤال الأهم الذي يطرح نفسه هنا هل لائحة تنظيم وسائل النقل المدرسية الصادرة بالقرار الوزاري رقم 58/2020 مُفعلة على أرض الواقع ومطبقة في جميع المدارس أم أن الأمر مجرد حبرٍ على ورق؟!
لا أزعم أنني متخصص في القانون ولكني سوف أمر بشكل سريع على أهم البنود المذكورة في اللائحة.
ومن المواد المهمة في اللائحة المادة رقم (6) المتضمنة الشروط الواجب توفرها في وسيلة النقل المتعاقد معها ومن أهم هذه الشروط "أن تتوفر فيها شروط الأمن والسلامة الخاصة بالطلبة والمحددة من قبل الوزارة" وحقيقة ما نراه غير هذا فهناك حافلات تنقل أبناءنا عفا عليها الزمن بل واستهلكت سنين طوالا.
وإذا جئنا للمادة رقم (8) ومن بنودها "أن يقود الحافلة المالك نفسه أو يتعاقد مع شخص آخر لمدة لا تقل عن فصل واحد وأن لا يستبدل قائد الحافلة بقائد آخر إلا بعد موافقة مدير المدرسة"، وما يلاحظ هنا أن هناك تغيير في سائقي الحافلات في الفصل الواحد أكثر من مرة وكأن هناك تناوب بينهم كلٌ يغطي على الآخر.
أما عن المادة رقم (9) فمن ضمن شروطها "أن لا يكون سائق الحافلة شاغرا لإحدى الوظائف الحكومية أو في القطاع الخاص" وما أكثر سائقي الحافلات من العاملين في القطاعين وهذا ما أفرزه وساعد عليه نظام ساعات العمل المرن في اعتقادي؟!
وفي المادة رقم (10) نجد أن هناك بنوداً غاية في الأهمية ومنها إلزام سائق الحافلة بسلامة الطلبة ومراعاة حالتهم الصحية والقيادة الآمنة وهذا ما لم نره في المقطع المتداول فهي أبعد من أن تكون قيادة آمنة، أضف إلى ذلك التقيد بالسعة المحددة للحافلة وأعتقد أن الكل يرى ويشاهد كيف هي الحافلات مكتظة بالطلبة ؟! تحمل طلبة فوق طاقتها الاستيعابية وأكثرهم وقوفا لا جلوسا.
المادة رقم (13) في اعتقادي هي من أكثر المواد أهمية ويتجلى هنا دور وزارة التربية والتعليم ممثلة في مراقب وسائل النقل المدرسية والواجبات التي من المفترض أن تحتم عليه الأمانة الوظيفية أن يقوم بها من حيث "زيارة المدارس المشرف عليها بشكل دوري للتأكد من التزام المدرسة والمالك بأحكام اللائحة والعقد المبرم بينهم وفحص الحافلات والتأكد أنها مطابقة لاشتراطات الأمن والسلامة ومراقبة كثافة الطلبة في كل حافلة ومراقبة الحافلة أثناء سيرها ومدى التزام قائدها بأنظمة المرور"، والسؤال المطروح هل هناك بالفعل رقابة على أرض الواقع بعدما رأيناه؟!
أعتقد أن هناك حلقة مفقودة بين ما تضمنته اللائحة من مواد وبين ماهو ملموس على أرض الواقع فلو جاز لهذه اللائحة التطبيق الفعال لاختلف الحال ولبات أطفالنا في أمان فعلى وزارة التربية والتعليم هنا العمل الجاد في مراقبة التنفيذ من قبل إدارات المدارس من جهة وسائقي الحافلات من جهة أخرى.
نحن هنا لسنا ضد سائقي الحافلات فمنهم بطبيعية الحال السائق الملتزم، لكن من باب الحرص على أرواح أبنائنا الطلبة في المقام الأول ومن الضروري هنا تنظيم قطاع النقل المدرسي حتى لو من خلال إنشاء شركة حكومية تكون تحت مظلة جهاز الاستثمار العماني.
حفظ الله أبناءنا الطلبة من كل مكروه.