تشو شيوان **
"الصين مستعدة للعمل مع المجتمع الدولي لتجنب المزيد من التدهور في الوضع الأوكراني، وللسعي الدؤوب من أجل السلام".. هذا ما ورد في تصريحات وانغ يي مدير مكتب لجنة الشؤون الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، خلال اجتماعه مع وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، على هامش مؤتمر ميونخ للأمن في دورته الـ59.
وفيما يتعلق بالقضية الأوكرانية، قال وانغ إنَّ الصين تقف دائما إلى جانب السلام والحوار، وتصر دائمًا على تعزيز محادثات السلام، مضيفًا أن الصين لا تريد أن تستمر الأزمة الأوكرانية وتتصاعد، ومن خلال هذه التصريحات توكد الصين مرة أخرى أن السلام العالمي هو ضمن الأولويات الصينية تجاه العالم والمجتمع الدولي.
وعلى الطرف الآخر هناك ثقة عالمية بأن الصين يمكنها أن تؤدي دورًا إيجابيًا في حل الأزمة الروسية الأوكرانية فمن جانبه قال وزير الخارجية الأوكراني كوليبا إن أوكرانيا تتوقع من الصين أن تواصل لعب دور بناء، وهذا التصريح يأتي من مسؤول أوكراني الطرف الأساسي في هذه القضية وبعيدًا عن تشويشات الإعلام العالمي تأتي هذه التصريحات لتؤكد أن هناك مساعي حقيقية تقودها الصين نحو السلام وإنهاء الصراع.
ومن يتابع الأحداث الأخيرة والحراك الدبلوماسي الذي قامت به الصين خلال الأيام الماضية بداية من الجولة الأخيرة التي قام بها وانغ يي ضمن جولته الأوروبية والتي زار خلالها فرنسا وإيطاليا وهنغاريا وألمانيا، والتقى العديد من قادة الدول الأوروبية وعلى رأسهم لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إضافة للمشاركة في مؤتمر ميونخ للأمن ولقائه على هامش المؤتمر عدد من قادة الدول الأوروبية أيضًا وحديثة حول الخطة الصينية أو المبادرة الصينية لحل الأزمة الأوكرانية وإحلال السلام، ومن قبلها عبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن هدف مشترك بين فرنسا والصين يتمثل بـ"المساهمة في السلام" في أوكرانيا "وفقًا للقانون الدولي، كل هذه الأحداث مجتمعة توكد قدرة الصين على لعب دورٍ حاسمٍ وفعّالٍ في هذه القضية، خصوصًا وأن آخر محطات وانغ يي كانت في موسكو، ولقاؤه مع القادة في روسيا، وربما نشاهد خطوات إيجابية في هذا الملف خلال المرحلة المقبلة.
الصين ومنذ اليوم الأول للأزمة طالبت بالسلام والعودة لطاولة المفاوضات، ودعت الدول الغربية للتحلي بالعقلانية وعدم تصعيد الأمور، والصين لم تكن طرفًا في هذا النزاع؛ بل تقف وقفة الدولة التي تحمل المسؤولية تجاه قضايا العالم وتحاول تقريب وجهات النظر والدعوة للامتثال للقوانين الدولية، ولم نجد من الصين أي تصريح أو ردة فعل فيها تقارب لجانب على حساب جانب آخر رغم بعض الاتهامات الغربية بذلك، لكن إن عدنا لأرض الواقع سنجد أن الصين وقفت في منتصف الطريق تنظر للتطورات وتدعو للسلم والسلام على طول الخط منذ اللحظة الأولى إلى الآن.
الصين والعقيدة الصينية في مسألة العلاقات الدولية لها طبيعتها الخاصة؛ طبيعةٌ أقرب ما تكون مبنية على مبادئ صينية أصيلة في التعاملات الدولية أساسها وقوامها العمل المشترك والفوز المشترك، ولطالما برهنت الصين أنها قريبة من الجميع بنفس الدرجة، وأنها لا تنوي التقارب مع طرف على حساب طرف، بل تفضل أن يجمعها دائمًا علاقة جيدة مع الجميع وهذا ما نجحت الصين في تحقيقه على مدار أعوام وأعوام، واليوم نحصد النتائج كصينيين وكدولة صينية بأن علاقاتنا بالعالم مبنية على شراكات وتبادلات ودية عميقة وقابلة للتطوير والبناء عليها في أي لحظة وفي أي وقت.
إن السلام والسلم العالميين مسؤولية الصين تجاه العالم، وبصفتها دولة كبيرة ولها تأثيرها العالمي ويربطها علاقات جيدة مع جميع الأطراف فإن الفرصة بأن تلعب الصين دور الوسيط أقرب وأرجح، واليوم هناك ثقة عالمية بالصين وبقدرة الصين على إيصال وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة، وسواء نجحت هذه المساعي أو فشلت إلا أنها فرصة لأن يتأكد العالم أن الصين دولة ترعى السلام وتدعمه في قراراتها وتوجهاتها وخطهها ومساعيها، وأكبر دليل على ذلك أن الصين لم تطلق طلقة على أحد في هذا العالم بل حملت معها التنمية والتطور وتنمية الإنسان وتوفير أساسيات الحياة وبناء مقومات الحياة الجيدة وتطوير البنية التحتية للكثير من دول العالم، وهذا ما يجعل من الصين رائدة في الدبلوماسية وكيفية بناء العلاقات الدولية المبنية على الثقة والمنفعة المتبادلة.
** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية ـ العربية