سالم بن نجيم البادي
كنت قد تكلمت مراتٍ كثيرة عن الألم الذي يعتصر قلوبنا، كلما رأينا الأطفال والنساء والرجال في سوريا وهم يُعانون من قسوة الشتات والتشرد في مخيمات الصقيع والبرد والجوع والبؤس الذي يظهر على الوجوه الكالحة، ودموع الكبار وبراءة الأطفال، وقد حُرموا من دفء الوطن والأسرة، بعد أن تفرّق الأهل في أماكن متباعدة، والتيه في الدروب المجهولة نحو أوروبا أو في معسكرات اللجوء أو الموت غرقًا في بطون البحار، ورحيل بعض أفراد الأسرة في حرب لا ندري على من نُلقي فيها باللوم، أعلى المُواطنين الثائرين وصراعاتهم والأخطاء التي ارتكبوها أم على من زينوا لهم الثورة وأغرقوهم بالأموال والسلاح مُقابل الولاء وتنفيذ أجندتهم، التي بالتأكيد ليس من بينها مصلحة الشعب السوري؟ أم نلوم الحكومة السورية التي أوغلت في قمع الثورة بطرق وحشية؟!
هل يُدرك من قاموا بالثورة أن الثمن الذي دفعه الشعب السوري كان- وما زال- فادحًا وكارثيًا وهائلًا، في مقابل السعي للتخلص من حكومة أو نظام، وأن الخاسر الوحيد هو الشعب السوري؟!
اليوم تتجدد المأساة والوجع، مع حدوث الزلزال الذي دمر النفوس والمباني مع قلة الإمكانيات، خاصة في المناطق التي لا تسيطر عليها الحكومة السورية المركزية.
وحين نتحدث عن الإنسان لا نفرّق بين الناس في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية أو تلك التي هي خارج سيطرتها، وبين الناس في تركيا الذين نتضامن معهم ونشاطرهم أحزانهم.
لكن الحديث هنا عن توفر الإمكانيات في تركيا وندرتها في سوريا، والعقبات الجمّة التي تواجه الناس وفرق الإنقاذ في بعض المناطق التي ضربها الزلزال في سوريا، وصعوبة وصول المساعدات والطعام ووسائل التدفئة بسبب الطرق المسدودة.
لعله من المناسب أن نسأل عن مدى استجابة الناس في المجتمع العماني لنداءات الاستغاثة التي تحث على مد يد العون للذين تضرروا من الزلزال، وهل كانت هذه الاستجابة مناسبة مع عظم الكارثة التي يعاني منها الناس في المناطق التي ضربها الزلزال في سوريا؟
نأمل أن يتداعى كل الناس في كل مكان في عُمان للتبرع، ندعو أصحاب رؤوس الأموال والتجار وأصحاب الأيادي البيضاء وأهل الخير والجمعيات الخيرية والبنوك والشركات والأفراد الصغار والكبار، وكل على قدر استطاعته، وأن تتزايد الحملات الساعية لجمع التبرعات عبر مختلف وسائل الإعلام. الآن هناك بدايات مشجعة؛ حيث بدأ جمع مبالغ مالية مناسبة خلال ساعات قليلة، وكذلك المساعدات العينية، والدعوات مستمرة للتبرع، لكن نطمع في المزيد، وأن تكون عملية جمع التبرعات أكثر تنظيمًا وأن يتم التنسيق مع الجهات المصرح لها بجمع التبرعات؛ لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها.
إن أهل سوريا إخوة لنا في الإنسانية والدين والعروبة، وواجبنا الوقوف معهم في هذه الظروف الصعبة، من أجل التخفيف من معاناتهم.
أغيثوهم وارحموا ضعفهم وقلة حيلتهم..