"ChatGPT".. وبدأ عصر الدردشة مع الروبوتات!

 

مؤيد الزعبي **

خلال الفترة الماضية انتشرت الأخبار عن منصة ChatGPT كالنار في الهشيم؛ إذ إن هذه المنصة تُمكن المستخدمين من التحدث مع الروبوتات وسؤالها عن أي شيء في جميع المواضيع؛ بما فيها المواضيع العلمية والقانونية ومواضيع التقنية وصولًا للمواضيع الشخصية والتحليلات النفسية.

ولنا أن نتخيل أنه في غضون 5 أيام فقط سجّل مليون شخص الدخول إلى البرنامج بالفعل، وحتى تستوعب حجم هذا الرقم فلك أن تعلم أن منصة انستغرام مثلًا احتاجت شهرين للوصول إلى هذا الرقم من الزوار، ولكن ChatGPT لم تحتج سوى 5 أيام، وهذا يبين لنا حجم تفاعل الناس مع المنصة التي مازالت في البداية.

ولمن لا يعرف ChatGPT- وأشك في هذا الأمر إلا أنني سافترض ذلك- فهو عبارة عن برنامج المحادثة الآلية ChatGPT في 30 نوفمبر 2022 أنتجته شركة OpenAI ومقرها وادي السيليكون في الولايات المتحدة الأمريكية، وتعد المنصة واحدة من أكثر منصات المحادثة الآلية قدرة على تقديم الإجابات للمستخدمين، وهو مُصمم لإنشاء نص يشبه نصوص الإنسان، وقد تم تم تدريب ChatGPT على مجموعة كبيرة من البيانات النصية ليتمكن النظام من تحليل هذه البيانات وتقديم إجابات كما لو كان إنسان أمامك يتحدث معك ويجيبك ويتحاور معك.

بصورة أوضح، فإن منصة ChatGPT عبارة عن منصة محادثة تفاعلية بينك وبين روبوت أو نظام ذكاء اصطناعي بحيث يمكنه الإجابة على جميع الأسئلة والاستفسارات التي تطلبها منه وبعدة لغات، فيمكن له أن يؤلف لك قصيدة أو يكتب لك مقالًا أو يقوم بإعداد بحث بسيط عن موضوع تريده أو أن يقوم بكتابة كود برمجة لبرنامج بسيط أو أن يقوم بمراجعة كود برمجة فيما إذا كان صحيحًا أم لا، ويستطيع النظام توليد الأفكار الإبداعية وبعض التصاميم  والديكور، وإبداء رأيه حول الموسيقى ويقدم تحليلًا حولها، وهذا جزء مما يستطيع هذا النظام القيام به، ومع تجارب المستخدمين أكثر فأكثر من جانب، ومن جانب آخر القيام ببعض الإصلاحات وإدخال المزيد من البيانات للنظام من قبل المطورين فنستطيع أن نتعرف على إمكانيات أكبر لهذا النظام في قادم الأيام.

وللعلم نحن ما زلنا في البداية، فالنظام سيتطور بشكل كبير في قادم الأيام خصوصًا وأنه مبرمج على التعلم من المستخدمين وهذا سيتيح له التعرف على طريقة كتابة وصياغة المستخدمين العاديين، وكل هذا سيكون محفوظًا في سجل بياناته والتي سيعتمد عليها في الوصول لنصوص أكثر دقة وأكثر قربًا من لغة البشر، وسيكون بمقدوره الرد على الكثير من التساؤلات التي لا يستطيع الإجابة عليها الآن.

وبما أن النظام انتشر انتشارًا كبيرًا وبسرعة قد لا يكون لها مثيل في عوالم منصات الإنترنت فكانت هناك مخاوف كثيرة من بروز نظام بهذه القدرات، والمخاوف كثيرة في هذا الشأن؛ ولك أن تتخيل عزيزي القارئ أن بعض الطلاب بدأوا باستخدام النظام ليحل لهم واجباتهم المدرسية، أو راح بعض المبرمجين لجعل النظام يكتب كود برمجة بدلًا عنه، والأمر بدأ يأخذ تفرعًا كبيرًا في طريقة استخدام النظام، فراح البعض لجعل النظام يكتب له مقالًا علميًا والبعض الآخر يطلب منه تصميم ديكور لغرفة نومه، والبعض راح يسأله في مواضيعه الشخصية وكيف يتصرف في موقف ما، ولهذا تتزايد المخاوف كثيرًا في حال وجد نظام متكامل بهذه القوة وبهذه القدرات خصوصًا وأن الجميع ينتظر هكذا برمجية لتسهل عليه حياته وتسهل عليه عناء البحث الإلكتروني.

ومن ضمن المخاوف التي وجدت مخاوف متعلقة بأن يحل ChatGPT محل الموظفين خصوصًا في مجال البرمجة، فبعد أن يتم تدريب النظام بشكل كامل على لغات البرمجة وإدخال المزيد من البيانات من هذا النوع فسيكون البرنامج قادرًا على كتابة أكواد برمجة معقدة، وفي كل مرة يكتب النظام كود برمجة يتعلم من نفسه وهكذا سيصبح ChatGPT كبير المبرمجين العالمين ومتاح للجميع.

من بين الوظائف المهددة من قبل ChatGPT وظيفة الكتاب والصحفيين، فلك أن تتخيل أن هذه المنصة تستطيع أن تكتب مقالًا مكتملًا وتجلب لك الحقائق والإحصائيات خلال دقائق، بل تستطيع أن تؤلف لك فصلًا من كتاب يتحدث حول موضوع معين، ولك أن تتخيل السرعة التي تتم بها هذه الأمور كلها؛ بضع دقائق وسيكون كل شيء جاهز أمامك، وهذا الأمر بحد ذاته مرعب؛ وما زلنا في البداية!!

أيضًا موظفي خدمة العملاء عليهم أن يخافوا من مثل هذه الأنظمة فتخيل أن تقوم شركة ببرمجته على جميع استفسارات العملاء وجميع تفاصيل المنتجات والمشاكل التي تتكرر من قبل العملاء، وما هي طلباتهم واستفساراتهم كل هذا سيتعلمه النظام خلال أيام وسيصبح متمكنا من خدمة العملاء بشكل سريع ودقيق، وليس فقط موظفي خدمة العملاء عليهم أن يخافوا بل أيضًا موظفي المبيعات فمثل هذا النظام يستطيع القيام بدراسة السوق والطريقة التي يتعامل بها السوق مع الزبائن واحتياجات الزبائن وعن ماذا يبحثون وسيقدم تقريرًا مفصلًا عن كيفية إدارة المبيعات خلال دقائق بدلًا من اجتماع رؤساء الاقسام المعنية بالمبيعات والقيام بدارسة كل هذا.

في الحقيقة.. قد يتخوف الكثيرون من ظهور مثل هذا النظام، ولكن على الجانب الآخر يجب علينا أن نستعد لظهوره وظهور ما هو أقوى منه، ويمكننا الاستفادة منه بشكل كبير في حياتنا العملية، فبدلًا من قراءات عشرات الصفحات وتلخيص مئات المقالات لكتابة بحث بسيط، أو البحث عن حقائق وإحصائيات لكتابة مقال مثلًا؛ فباستخدام هذا النظام سيقوم بعمليات البحث والتجميع وما عليك إلا أن تقوم بصياغة الموضوع بطريقتك، ولكن إن تعلم النظام طريقتك وأسلوبك فحينها فلتحمل حقائبك وتكسر أقلامك وتغادر، ولتترك المجال لبذوغ عالم تكون فيه الروبوتات والأنظمة هي من تقوم بكل شيء.

** المنسق الإعلامي ومنتج أخبار بمجموعة الصين للإعلام- الشرق الأوسط