قوة الاقتصاد الصيني تنعش الاقتصاد العالمي

 

تشو شيوان **

خلال الأيام الماضية وتزامنًا مع احتفالات الصينيين برأس السنة الميلادية وعيد الربيع شهدت المواقع السياحية في جميع أنحاء الصين إقبالًا كبيرًا من قبل الزوار، واكتظت دور السينما بالمتفرجين، وأضاءت عروض الألعاب النارية سماء الليل، بالإضافة لانتعاش المبيعات في الأسواق والمحلات التجارية وأيضًا شهدت مواقع التسوق الإلكترونية إقبالًا كبيرًا وهذا كله يدل بأن الانتعاش القوي لاقتصاد الصين في العام الجديد بدأ أن يكون واضحًا للجميع.

حسبما ذكرت وزارة الثقافة والسياحة الصينية فقد انطلق نحو 308 ملايين رحلة محلية في الصين خلال عطلة عيد الربيع للعام الجاري، بزيادة 23.1 بالمئة على أساس سنوي، وأفادت الإحصاءات الصادرة عن الوزارة بأن العائد الناجم عن السياحة المحلية خلال العطلة التي استمرت لمدة أسبوع بلغ 375.8 مليار يوان (نحو 55.52 مليار دولار أمريكي)، بزيادة 30 بالمئة على أساس سنوي. مع تحسن ثقة المستهلك وتحرير الطلب، أصبح الطلب المحلي الضخم محركًا قويًا يقود الاقتصاد الصيني، وفي هذا الشأن قال حامد راشد الاقتصادي البارز في الأمم المتحدة، إن الصين يمكن أن تلعب دورًا مهما في تحفيز النمو العالمي في عام 2023 خصوصًا مع رفع القيود المتعلقة بفيروس كورونا وعودة الحياة لطبيعتها داخل الصين.

الرحلات الخارجية للمواطنين الصينيين عززت هي الأخرى الثقة في الانتعاش العالمي، حيث قام الركاب بـ2.88 مليون رحلة عبر محطات التفتيش الحدودية الصينية عند نقاط الدخول والخروج خلال عطلة عيد الربيع، بينما تجاوزت والرحلات الوافدة 1.43 مليون شخص، لتسجل ارتفاعًا بنسبة 123.3 في المئة، مقارنة بالأعداد التي تم تسجيلها عام 2022، بينما ارتفعت الرحلات المتجهة للخارج بنسبة 117.8 في المئة لتتجاوز 1.44 مليون شخص، وقد كانت العديد من المواقع السياحية الرئيسية مزدحمة؛ حيث قال موقع حجز السفر Trip.com إن الحجز للسفر المحلي قفز بنسبة 100% وزادت الطلبات الإجمالية للسفر إلى الخارج بنسبة 640% على أساس سنوي، ومن جانبه قال وزير السياحة في جزر المالديف "معصوم" إن وصول السياح الصينيين سيعزز بشكل كبير صناعة السياحة في جزر المالديف. وقال "شو تشيتشاو" نائب رئيس وكالة السفر الفلبينية الشرقية إن "السائحين الصينيين هم مجموعة ضخمة ولديهم قدرة إنفاق قوية، مما سيوفر دعما كبيرا لقطاعات خدمات السياحة مثل الفنادق والمطاعم في الفلبين".

كما رحب يحيى زكريا الممثل الخاص لوزير الطيران المدني المصري ورئيس مجلس إدارة الشركة القابضة لمصر للطيران بالمجموعة السياحية الصينية الأولى إلى مصر بعد أن قامت الصين بتحسين وتعديل سياسة الوقاية من الوباء، وقال إن مصر والصين تمثلان حضارتين عريقتين لكلاهما تاريخ زاهر، ومن المتوقع أن يستمر عدد السياح الصينيين المتجهين إلى مختلف الوجهات السياحية في مصر في الازدياد، وتلعب الصين دورًا مهما للغاية في صناعة السياحة العالمية، وسوف يفيد نمو السياحة الخارجية العديد من الدول التي تعتمد على هذه الصناعة.

الصين تشارك الإنجازات والفرص التنموية مع العالم ففي 17 يناير صدر التقرير الاقتصادي الصيني السنوي لعام 2022. ووفقا للحسابات الأولية، تجاوز الناتج المحلي الإجمالي 120 تريليون يوان، ووصل إلى 121020.7 مليار يوان، أي ما يعادل أكثر من 18 تريليون دولار أمريكي، وظلت مساهمة الصين في النمو الاقتصادي العالمي عند حوالي 30% لسنوات عديدة متتالية، وهي أكبر محرك للنمو الاقتصادي العالمي، وفي الآونة الأخيرة رفعت مورغان ستانلي وغولدمان ساكس وجي بي مورغان تشيس والعديد من مؤسسات الاستثمار الدولية الأخرى توقعاتها للنمو الاقتصادي الصيني في عام 2023، ووفقًا لاستطلاع أجرته رويترز بناء على مقابلات مع 49 خبيرًا اقتصاديًا فمن المتوقع أن ينتعش النمو الاقتصادي الصيني إلى 4.9 في المائة في عام 2023، ومن أجل السماح للعالم بمشاركة إنجازات وفرص التنمية في الصين بشكل أفضل فقد تم إنشاء منصات متعددة عالية المستوى وعالية الجودة لترويج الواردات مثل معرض الصين الدولي للاستيراد ومعرض الصين الدولي للسلع الاستهلاكية وقد وفرا ضمانًا قويًا لتعزيز انتعاش الاقتصاد العالمي.

لا يمكن فصل تنمية الصين عن العالم، وتنمية العالم بحاجة إلى الصين أيضًا. ستجلب الصين المنفتحة بشكل متزايد فرصًا جديدة للعالم مع التنمية الجديدة للصين، وسيتعزز التقدم الشامل للبشرية من خلال التحديث الصيني النمط، مما يوفر المزيد من الاستقرار واليقين للعالم الذي يشوبه الاضطرابات والنزاعات، والعالم اليوم بأمس الحاجة لانتعاش اقتصادي صيني ليخلق دفعة قوية للانتعاش الاقتصادي العالمي فالعديد من دول العالم تعاني اقتصاديًا بما فيها الاقتصاديات الكبرى في العالم، ولهذا على العالم أن يثق بقدرة الصين على دفع الانتعاش والعمل على تعزيز التعاون مع الصين والربط بين اقتصاديات الدول بالاقتصاد الصيني لدفع عجلة النمو في هذه البلدان، فالصين تشارك النجاح مع الجميع بخلاف بعض الدول التي تعتبر النجاح والتنمية حكرًا لها أو لحلفائها.

** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية ـ العربية