فوائد التأمين على حياة المقترضين

 

حمود بن علي الطوقي

 

استوقفني خبر نُشر في الصحف مفاده أنَّ الهيئة العامة لسوق المال أعلنت عن إصدار وثيقة تأمينية موحدة للتأمين على حياة المقترضين، وقد قرأت بتمعن محتوى الخبر، ورأيت أن هذه الوثيقة رغم أنها جاءت متأخرة إلا أنها ستحقق منافع على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، وستعزز الطمأنينة لدى المقترضين؛ حيث إنَّ الوثيقة التأمينية ستنظم العلاقة التعاقدية بين المقترض والمصرف (البنك) وشركة التأمين، وهذا يسهم في الحد من الخلافات والنزاعات التي قد تحدث بين هذه الأطراف الثلاثة.

لا شك أن الهيئة العامة لسوق المال درست المنافع التي قد تعود بشكل أساسي على المقترض، خاصة في ظل الارتفاع في الحالات التي تعاني من المشاكل بسبب عدم إيفاء المقترضين بتسديد ما عليهم من أقساط، والخلافات التي تصل إلى المحاكم بسبب تراكم الشيكات المرتجعة، لهذا نجزم بأن إصدار هذه الوثيقة سيسهم في تنظيم عمليات التمويل المصرفي، وحماية حقوق حملة وثائق التأمين على حياة المقترضين.

وكما ذكر سعادة الشيخ الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال في تصريحه أن الوثيقة التأمينية الجديدة في حالة تطبيقها وإقرارها ستحقق العديد من الأهداف التنموية ذات الأبعاد الاجتماعية المتمثلة في تعزيز الأمان الاجتماعي من خلال تسهيل عملية الحصول على التمويل المناسب من جانب وتوفير الحماية للمقترض وورثته من جانب آخر؛ كونها توفر لهم الإطار القانوني الذي يضمن لكافة الأطراف مركزًا ماليًا مناسبًا في حالة تحقق الخطر المؤمن ضده المتمثل في وفاة المقترض أو تعرضه لعجز كلي مُستديم أو حتى عجز جزئي مستديم يتجاوز 75% والذي يكون ناتجًا عن حادث أو مرض.

الهيئة العامة لسوق المال كونها تشرف على قطاع سوق المال وقطاع التأمين تدرك أن إطلاق هذا النوع من المنتجات التأمينية من خلال نموذج موحد للوثيقة التأمينية، سوف يحقق بعدا اقتصاديا على المقترضين؛ سواءً من المواطنين أو الوافدين الذين يعملون ويساهمون في دفع عجلة التنمية، لهذا فإن الدور المناط بهذه الوثيقة يكمن في تقليل المخاطر الائتمانية، وهو ما يعني توفير التسهيلات المالية للجمهور.

إن الوثيقة الجديدة ستساهم أيضا في إيجاد بيئة وعلاقة بين الأطراف وستمتد هذه العلاقة على نشاط التمويل العقاري والتمويل الشخصي؛ فالمنافع لحامل وثيقة التأمين على حياة المقترضين، متعددة ولتحقيق الأهداف والمبادئ التي بموجبها أصدرت الهيئة العامة لسوق المال هذا القرار فيطلب من المستفيدين إظهار مبدأ حسن النية، الشفافية والإفصاح لتحديد الوضع الصحي للمقترض، وهو ما يسهل تحديد حجم الخطر التأميني ووضع المعايير المناسبة لمعايير الاكتتاب وتسعير التغطية.

فقد ذكر بيان الهيئة العامة لسوق المال أن معطيات الوثيقة التأمينية الجديدة ستنعكس بشكل إيجابي في الحد من إثارة الخلافات بين أطراف العملية الإقراضية المتمثلة في المصرف والمقترض وشركة التأمين ويحد من الممارسات السلبية والتي يفترض أن تنعكس جميعها إيجابا في تقليل تكاليف التأمين.

وتضمنت الوثيقة التأمينية مجموعة من الاشتراطات والأحكام لحفظ حقوق جميع الأطراف المتعاملة، منها التزام الطرفين بمبدأ منتهى حسن النية عند الإفصاح عن الحقائق الجوهرية المرتبطة بالوضع الصحي للمقترض بمنتهى المصداقية وفق الأمراض التي تم تحديدها في الوثيقة التأمينية، كما حددت الوثيقة لشركة التأمين مدة عامين من تأريخ إبرام العقد التأميني (الوثيقة) كحد أقصى لرفض المطالبة في حالة تقديم بيانات أو معلومات جوهرية خاطئة، لا يجوز لشركة التأمين رفض المطالبة بعدها بحجة الإخلال بمبدأ الإفصاح.

وطرحت هذه الوثيقة معالجات قانونية تتمثل في طريقة احتساب القسط التأميني؛ حيث سيتم احتسابه على أساس القسط الواحد (One Single Premium)، والذي يجب تحديده في بداية التعاقد وهو ما يحافظ على كلفة القسط دون أن يتأثر بأي تقلبات مستقبلية ناتجة عن تغير السياسة التسعيرية لشركة التأمين أو رغبة المصرف بالتعاقد مع شركة تأمين أخرى، وهو ما يتيح أيضًا أن تكون فترة التغطية هي فترة سداد القرض وليس فترة الاتفاقية المبرمة بين المصرف وشركة التأمين.

وتضمنت الوثيقة أيضا 5 حالات استثنائية يسقط بموجبها حق حامل الوثيقة التأمينية لهذا النوع من المنتجات التأمينية راعت خلالها المدة الطويلة لسريان هذا النوع من الوثائق والمتغيرات التي قد تطرأ خلال هذه المدة فقد استثنت تقديم التغطية التأمينية في حالة إخفاء حالة مرضية مسبقة ومشخصة قبل شراء الوثيقة أدت إلى عجز أو وفاة، وذلك خلال سنتين فقط من بدء سريان الوثيقة، كذلك إنهاء الحياة أو الإصابة الجسدية المتعمدة خلال سنة واحدة فقط من تاريخ منح القرض.

تقول الهيئة العامة لسوق المال في بيانها إن إصدارها لهذه الوثيقة يأتي ترجمة للخطة الاستراتيجية التي تعكف على تطبيقها خلال الفترة من 2021 إلى 2025، من خلال تعزيز المستوى التنظيمي للمنتجات التأمينية وتوفير الإطار القانوني الذي يحمي أطراف العملية التأمينية وهو ما يساهم في بناء الثقة بين أطراف التعاقد.

نأمل أن نرى الفائدة المرجوة لهذه الوثيقة كبيرة ونأمل كذلك أن نرى تراجعًا ملموسًا بين المتنازعين وأن تقل حالات الأحكام التي تُصدرها الجهات القضائية ضد أصحاب الشيكات المرتجعة.