وقفة مع نتائج الانتخابات

 

سالم البادي (أبو معن)

شهدنا قبل أيام انتخابات أعضاء المجالس البلدية للفترة الثالثة، وما أعقبها من نتائج ومتغيرات انتخابية، لكنها في الوقت نفسه لم تشهد الإقبال الكبير الذي كان يُفترض أن يحدث، بالرغم من الاستعدادات الكبيرة والإمكانيات التي سخرت من أجل تشجيع المواطن على المشاركة في هذه الانتخابات.

بطبيعة الحال أن بلادنا العزيزة سلطنة عُمان تحظى بتجربة ديمقراطية ليست وليدة اليوم والتي تركت بصماتها في المراحل السابقة بصورة مباشرة على اصطفاف والتفاف وتكاتف المواطنين مع الحكومة. لكن ما لاحظناه أن نسبة الإقبال التي وصلت إلى 39.42% لم تكن كافية لإثبات هذا التعاون والتكاتف والتعاضد المجتمعي بين الشعب والحكومة من أجل بناء الوطن العزيز. نحن ندرك تمامًا أن الوعي راسخ لدى مجتمعنا العُماني، ولكن يجب الوقوف بجدية نحو هذا النوع من المشاركة والمساهمة في صنع القرار وفي بناء سلطنتنا الحبيبة عُمان.

لا شك أن للجهات التنفيذية والتشريعية تأثير كبير في تغيير هذه الأوضاع والظروف التي تمر فيها الدولة من أجل تطوير المشاركة المجتمعية، وهذا ما تعكف عليه الحكومة الرشيدة بهدف التعاطي مع التحديات وإيجاد الحلول والبدائل المتاحة نحو صناعة مستقبل زاهر للأجيال الحالية والقادمة، من خلال تنويع المشاريع وجودة الخدمات في مختلف المحافظات بصورة عامة، وخاصة فيما يتعلق بحياة المواطن الاجتماعية والصحية وتوفير الحياة الكريمة السعيدة.

المتابع لسير نتائح الانتخابات يُلاحِظ أننا لم نشهد الزيادة الكبيرة المتوقعة في نسبة التصويت رغم توفير بيئة مناسبة وسهلة ومُيسرة للتصويت عبر تطبيق "أنتخبُ" الذي وفَّر الكثير من الجهد والوقت والمال.

إنَّ نشر الوعي والمعرفة بين أفراد المجتمع يعد من الأولويات والمسؤوليات والواجبات الوطنية الكبرى والغايات الحقيقية، وعلينا كمجتمع وحكومة أن تتكاتف جهودنا لتحقيق ذلك.

الحكومة من جانبها، قامت بدورها الريادي في إيجاد البيئة المناسبة لتأسيس قاعدة بيانات ومعلومات بكل المقاييس والمعايير العالمية، ووفرت كل السبل اللازمة للتسهيل على الناخبين للإدلاء باصواتهم بكل اريحية وسلاسة وسهولة وبأقل جهد وفي أسرع وقت، وأنشأت نظامًا تقنيًا حديثًا ومتطورًأ وهو الأول من نوعه في الشرق الأوسط والوطن العربي وهو تطبيق "أنتخبُ" الذي أثبت نجاحه في العملية الانتخابية، وهذا بشهادة الخبراء والمراقبين والمتابعين.

ويبقى الدور الكبير الذي ينتظره الجميع وهو دور الناخب المواطن، في المساهمة والمشاركة في العمليه الانتخابية وهي بمثابة مشاركة في بناء وطننا العزيز ومستقبل أجيالنا. فعلى المواطن أن يخرج من الدائرة التى يعيش فيها، ويسعى إلى توسيع مداركه بالوعي والمعرفة والثقافة للوصول إلى أفكار يخدم بها مجتمعه ووطنه. ولا بُد لنا كناخبين أن نكون مدركين تمامًا أن بناء الأوطان لا يأتى بالعزوف عن التصويت بالانتخابات؛ بل بالمشاركة إذا أردنا الإسهام في مسيرة البناء. وكلنا نكمل بعضا وكلنا يجمعنا وطن واحد وأرض واحدة ومصير واحد ومستقبل واحد.

الجميع يعلم أن جلالة السلطان- حفظه الله- عندما تولى مقاليد الحكم بالبلاد كانت هناك تحديات اقتصادية مختلفة، ووصل الدين العام إلى مستويات مرتفعة تأثرًا بالأزمات العالمية. لكن بفضل الله تعالى ورحمته بأهل عُمان وحكمة جلالته، استطاعت عُمان النهوض من جديد وتخفيض الدين العام وتحسين الخدمات، واستمرار تنفيذ المشاريع الخدمية والتنموية. وما زالت التحديات قائمة ومستمرة، لكن بالإرادة والعزيمة والتكاتف والتعاون والتكافل والتعاضد من جميع شرائح المجتمع العُماني سنتخطى هذه المرحلة بعون الله تعالى.

الدرب ربما يكون طويلًا، لكن الإصلاحات والتعديلات مستمرة وقائد هذا البلد هو الأمين عليها وهو الذي بايعناه على المنشط والمكره، وهو قادر على قيادة المسيرة بإذن الله تعالى، بتعاوننا وتعاضدنا وتكاتفنا حول قيادتنا الحكيمة؛ للوصول إلى طموحاتنا وتحقيق التنمية المستدامة، واستمرار عملية البناء، حتى تمضي حركة البناء بخطى ثابتة وتتحقق الإنجازات.

وذلك لا يتأتى سوى بالتخطيط السليم والعمل الوطني المتواصل والمشاركة البرلمانية والشعبية الفاعلة لتحقيق الأهداف المرجوة، وفي مقدمتها توفير العيش السعيد للمواطن وتوفير المظلة الاجتماعية، دون أن نغفل عن التحديات، من أجل مواصلة جهود تنمية الوطن في كافة مناحي الحياة.