أكدوا حرص الحكومة على تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي ومواصلة مبادرات التعافي

خبراء لـ"الرؤية": "ميزانية 2023" ترتكز على "توقعات حصيفة" للإيرادات والإنفاق.. والوفورات المالية تساعد على خفض الدين العام

أدهم بن تركي: الميزانية تستهدف مواصلة التوازن المالي مع الحفاظ على الدعم والإنفاق الاجتماعي

الريامي: تبعات الأزمة الأوكرانية والإغلاقات في الصين تؤثر على آفاق النمو الاقتصادي العالمي

تحديد 55 دولارًا لبرميل النفط سعرًا معياريًا للإيرادات يتماشى مع الأوضاع العالمية

الاقتصاد العُماني لن يدخل دائرة الركود.. لكن سيتأثر بالمتغيرات الدولية

قرارات "أوبك بلس" تترجم النظرة الصائبة لتحديات النمو والطلب على الخام

الوردي: الحكومة تولي أولوية لسداد الدين العام.. ونجحت في خفض المديونية إلى 43% من الناتج المحلي

الخروصي: لجوء الحكومة للاقتراض في 2023 يهدف إلى خفض المديونية وليس لسداد العجز المُقدَّر

قانون الدين العام المرتقب يسهم في تنظيم الاقتراض وفق "الحدود المُثلى"

 

الرؤية- مريم البادية

 

أجمع خبراء اقتصاديون على أن تقديرات مشروع الميزانية العامة للدولة لعام 2023 وُضع وفق سيناريوهات حصيفة للغاية، تؤكد أن القائمين على شأن الاقتصاد الوطني يواصلون المساعي لتحقيق معدلات نمو مرتفعة، مع الاستفادة من أية وُفورات مالية في خفض الدين العام وزيادة الإنفاق على المشاريع الاجتماعية والخدمية.

وقال الخبراء- الذين تحدثوا لـ"الرؤية"- إن ميزانية العام المقبل وضعت في عين الاعتبار التحديات التي تحيط بالاقتصاد العالمي، وتأثيرات ذلك على النمو المحلي، لكنها في الوقت نفسه لم تغفل الاعتبارات الاجتماعية، من خلال الحفاظ على مخصصات الدعم والإنماء الاجتماعي، أو زيادتها، بما يساعد في تحقيق مستوى معيشي مستقر للمواطن، ويدعم الفئات الأكثر تضررًا من تداعيات الأزمات الاقتصادية الخارجية، وعلى رأسها التضخم وارتفاع الأسعار.

متغيرات عالمية

وأكد صاحب السمو السيد الدكتور أدهم بن تركي آل سعيد أستاذ الاقتصاد بجامعة السلطان قابوس أن الإعلان عن الميزانية العامة للدولة لعام 2023، يتزامن مع متغيرات وتحديات إقتصادية واجتماعية وجيوسياسية عدة، من شأنها أن تؤثر على فرضيات استشراف العام الجديد. وقال سموه- في تصريح خاص لـ"الرؤية"- إن التحديات الاقتصادية تتلخص في توقعات الركود الاقتصادي العالمي بسبب التباطؤ في الاقتصاديات الكبرى، مثل الصين والولايات المتحدة، علاوة على أن التصخم العالمي ما زال يمثل هاجسًا كبيرًا، لما له من تأثيرات اجتماعية، مشيرًا إلى أن العديد من البنوك المركزية رفعت الفائدة المصرفية بوتيرة سريعة لكبح جماح التضخم. وفي المقابل، يرى سموه أن هذه المستجدات الاقتصادية تعد مصدر قلق لدول المنطقة عمومًا وسلطنة عمان خصوصًا؛ بسبب ارتباط عملاتها المحلية مع الدولار، وتحرك سعر الفائدة وكلفة الاقتراض بالتزامن مع تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأمريكي، موضحًا أن ارتفاع كلفة الاقتراض يؤدي لزيادة كلفة الاستثمار وتقلص نمو الائتمان، فضلًا عن تداعيات ذلك على انفاق القطاع الخاص والأفراد.

د. أدهم بن تركي.jpg
 

وأشار سمو السيد الدكتور أدهم بن تركي آل سعيد إلى أن الحكومة استطاعت التعامل مع هذه التحديات والمتغيرات عند إعداد الميزانية العامة للدولة، وقال إن الميزانية ارتكزت على سلسلة من الإجراءات المتبعة والفرضيات المطروحة للتعاطي مع الأوضاع الراهنة، أولها الاستناد على مبادئ وثيقة رؤية "عمان 2040" وخطة التنمية الخمسية العاشرة، وبرنامجي التوازن الاقتصادي والتنويع الاقتصادي والبرنامج الوطني للتشغيل. وأشار إلى أن من أبرز تلك الفرضيات وضع سعر متحفظ لبرميل النفط عند 55 دولارًا كمعدل متوقع لبناء توقعات الإيرادات والإنفاق على أساسه، موضحًا ان هذا السعر التحفظي "مطلوب وواقعي" في ظل المعطيات الاقتصادية المتوقعة للعام 2023.

ومضى سموه قائلًا إن ميزانية 2023 مبنية على إطار التوازن المالي والذي يأخد في الاعتبار ضبط الإنفاق في مستويات معتدلة، مع إدارة المديونية العامة بشكل آمن بما يتناسب مع الاوضاع الاقتصادية العالمية والمحلية، علاوة على أن الميزانية عمدت على الحفاظ على الجوانب الاجتماعية من خلال دعم المحروقات والأغذية الأساسية والفئات ذات الدخل المحدود، كما تضمنت زيادة في الانفاق الإنمائي ودعم تنمية المحافظات حسب التوجيهات السامية للخطة الخمسية العاشرة.

الاستثمارات الإنمائية

وتوقع سُّموه أن يعتمد النمو الاقتصادي في 2023 على قطاع النفط بشكل كبير، مقارنة بالقطاعات غير النفطية، وذلك مع استمرار الحكومة في الإنفاق الإنمائي بما يزيد عن مليار ريال عماني، يقابله التركيز على استمرار دعم التنويع الاقتصادي من خلال استثمارات متجددة. وقال إنَّ هذا ما أشار إليه البيان الأوَّلي للميزانية وقيمة الاستثمارات المتوقعة من جهاز الاستثمار العماني والتي تصل إلى 1.9 مليار ريال عماني، موزعة على عدد من القطاعات الإنتاجية ضمن خطة استثمارات الجهاز.

وذكر سُّمو السيد الدكتور أن من أبرز أوجه الإنفاق في الميزانية العامة، الإنفاق الاجتماعي والذي يشمل الخدمات والحماية الاجتماعية؛ إذ تبلغ قيمته ما يقارب 4.4 مليار ريال عماني وهو ما يمثل نحو 34% من الإنفاق العام، وذلك في مجالات الصحة والتعليم والإسكان والضمان والحماية الاجتماعية. وأكد سموه أن الحفاظ على مستويات الإنفاق في هذه المجالات أمر مهم للغاية، بما يضمن تقديم الخدمات الاساسية والتي تمس حياة الأفراد بشكل مباشر، مشيرًا إلى أنه يُضاف لمنظومة الحماية الاجتماعية ما يُقدّم من دعم لتثبيت أسعار المحروقات والمواد الغذائية الأساسية، وهو ما يُقدّر بنحو 1.8 مليار ريال عماني.

خدمة الدين العام

وشدد سموه على أن التحدي الأكبر لأي ميزانية، هو تحقيق التوازن بين النفقات والإيرادات، وفي عُمان ومع التحوط لتقلبات أسعار النفط، فإن معدل سعر الميزانية يحتم وجود نسبة عجز تقدر بقيمة 1.3 مليار ريال عماني أو 3% من الناتج المحلي الإجمالي، معتبرًا ذلك "نسبة معقولة". لكنه يرى في المقابل أن تحقق هذا العجز يعتمد كليًا على سعر النفط وضبط الإنفاق العام. وأضاف أن جهود إدارة الدين العام نتج عنها تخفيض الدين العام من 22 مليار ريال إلى 17 مليار ريال عماني، مما قلَّلَ من تفاقم مخاطر كُلفة وخدمة الدين العام. وأوضح أن عمان عليها استحقاقات مكلفة لخدمة الدين العام في 2023، تصل إلى 1.2 مليار ريال عماني حسب تقديرات الميزانية، لذا يجب الاستمرار في إدارة الدين العام حسب المعطيات الاقتصادية واستغلال الوُفورات المالية في تقليصه وإعادة جدولته.

وأكد صاحب السمو السيد الدكتور أدهم بن تركي آل سعيد أن الميزانية العامة للدولة لعام 2023 تتزامن مع مرحلة تتسم بـ"الضبابية" في التوجهات الاقتصادية والجيوسياسية حول العالم، وأن التوقعات العامة تشير لركود اقتصادي محتمل، والذي إن تحقق سيمثل خطرًا على أسعار النفط، ويؤثر على الاقتصاد العماني. لكنه أعرب عن ثقته في أن ميزانية 2023 تبرهن على التزام الحكومة بالحفاظ على وتيرة التنمية والخدمات والحماية الاجتماعية مع مواصلة تنويع الاقتصاد وسداد التزاماتها الخارجية، مشيرًا إلى أن الميزانية نجحت في بناء "تركيبة متزنة" مع المعطيات الراهنة. وأكد سموه في ختام تصريحه أن الميزانيات العامة للدول تظل مشاريع إنفاق تتأقلم حسب المتغيرات الداخلية والخارجية، بصورة مرنة، وهو أمر مهم لأي منظومة مالية.

تذبذب النفط

وقال علي بن عبدالله الريامي الخبير في تسويق النفط والغاز- في تصريحات لـ"الرؤية"- إن اعتماد السلطنة لسعر 55 دولارًا للبرميل يأتي منطلقًا من التغيرات العالمية، حيث تتزايد المخاوف من احتمالية تذبذب أسعار النفط خلال الفترة المقبلة، لا سيما وأن المؤشرات الأولية تظهر استمرار التقلبات التي يمر بها الاقتصاد العالمي؛ سواء نتيجة الحروب والصراعات المسلحة أو التغيرات الجيوسياسية. وأضاف أن من الملاحظ أن تداعيات الحرب بين روسيا وأوكرانيا أخذت حيزًا كبيرًا، وألحقت تبعات اقتصادية مؤثرة على مختلف دول العالم، وليس فقط على القارة الأوروبية، علاوة على أن الولايات المتحدة الأمريكية ما زالت تساند أوكرانيا وتزودها بالأسحلة؛ الأمر الذي يعني استمرار الحرب وتصاعدها على المدى المنظور. وأشار الريامي إلى أن الاتحاد الأوروبي وضع سقفًا لأسعار النفط الروسي وسقفًا آخر لسعر الغاز الروسي، تزامنًا مع تزويد أوكرانيا بالأسلحة والتقنيات العسكرية الدفاعية، معتبرًا أنَّ كل هذه الخطوات تتسبب في زيادة وتيرة تأجيج الموقف بدلًا من محاولة حلحلة القضية، والجلوس على طاولة المفاوضات والتوصل إلى حلول تخدم مختلف الأطراف.

علي الريامي.jpeg
 

وأضاف الريامي أن ثمة إشكاليات أخرى في العالم تؤثر على آفاق التوقعات المستقبلية للاقتصاد العالمي، منها التخوف من الزيادة الكبيرة في حالات كورونا في الصين، خاصة بعد إعلان السلطات الصينية عن إصابات تقدر بنحو نصف مليون حالة مصابة بكورونا خلال الأيام القليلة الماضية، إضافة إلى أن خفض روسيا لإنتاجها من النفط سيزيد من تذبذب الأسعار ويعمّق حالة عدم اليقين الاقتصادي.

وأشار الريامي إلى أن متخذي القرار في عُمان وضعوا كل هذه الاعتبارات السياسية والجيوسياسية والصحية- خصوصا في آسيا والصين- في عين الاعتبار، لذا كان التحوُّط في تحديد سعر النفط في الميزانية العامة للدولة عند 55 دولارًا، مؤكدًا أنها تنطلق من سياسة اقتصادية حصيفة ترى بدقة المتغيرات. وأوضح الريامي أن هذا السعر مناسب للظروف الاقتصادية، والتي من المحتمل أن تتزايد حدتها خلال الفترة المقبلة.

واستبعد الخبير الاقتصادي دخول الاقتصاد العماني في حالة ركود، معتبرًا أن الوضع القائم حاليًا ربما يظل قائمًا فترة من الوقت، مع استمرار الحرب في أوكرانيا والتدابير الاحترازية التي تتخذها الصين نتيجة جائحة كورونا. وأشار إلى أن السعر الحالي لبرميل النفط الذي يدور حول مستوى 75 دولارًا سيستمر خلال المرحلة المقبلة، مستبعدًا نزول السعر دون مستوى 55 دولارًا الذي قدرته الميزانية العامة للدولة سعرًا معياريًا لتحديد الإيرادات العامة. ووصف الريامي هذا السعر بأنَّه "مقبول للغاية ومنطقي"، على الرغم من أن هذا السعر يتسبب في تسجيل عجزٍ بالميزانية والذي يُقدر بنحو 1.3 مليار ريال تقريبًا.

وقال الريامي إن هناك طرقًا ووسائلَ لتغطية هذا العجز، من خلال السحب من الاحتياطي والاقتراض من البنوك الدولية أو المحلية أو الخليجية، علاوة على أن زيادة في سعر البرميل عن السعر المعياري للميزانية يساعد على تغطية العجز المالي. ويؤكد الريامي أن السعر المُحدد في الميزانية "لا ينطوي على أي مبالغة"؛ بل العكس أنه يؤكد الخطط التحوطية، خصوصًا أن هذه الخطط التحوطية أثبتت نجاحًا في "ميزانية 2022" عندما وُضعت على أساس سعر 50 دولارًا، بينما بلغ متوسط السعر السنوي أكثر من 95 دولارًا تقريبًا، وبالتالي نجحت الحكومة في تسجيل فائض مالي بالميزانية، معربًا عن ثقته بأن ذات السيناريو سيتكرر خلال 2023.

وحول توقعاته لأسعار النفط خلال العام المقبل، أوضح الريامي أنه يتوقع أن يتحرك سعر برميل النفط بين مستوى 70 و80 دولارًا خلال الربع الأول من 2023.

فائض لا عجزًا

إلى جانب ذلك، قال الدكتور محمد الوردي الأكاديمي والمحلل الاقتصادي إن الإنفاق بلغ قرابة 13 مليار ريال وهو ما يُماثل الانفاق الفعلي لسنة 2022، بينما بلغت الإيرادات 11.6 مليار ريال مبنية على سعر متحفظ برميل النفط عند 55 دولارًا؛ للتحوط من تذبذبات النفط وبناء على ذلك سيبلغ عجز الموازنة 1.3 مليار ريال، لكن مع ارتفاع النفط ستحقق الموازنة فائضًا وليس عجزًا.

محمد الوردي.jpg
 

وأشار الوردي إلى أن السلطنة تمكنت من سداد 3 مليارات ريال عماني هذا العام، لينخفض الدين العام من 20.8 مليار (يشكل 70% من الناتج المحلي) إلى 17.7 مليار ريال (يشكل 43% من الناتج المحلي) بالرغم من انخفاض الدين، لكن ما زالت فوائد الدين "هائلة" بسبب ارتفاع أسعار الفائدة عالميا، مشيرًا إلى الميزانية رصدت 1.2 مليار ريال لسنة 2023. وتحدث الوردي عن خدمة الدين العام، وقال إنه منذ تراكم الديون دفعت السلطنة منذ 2016 وحتى هذا العام قرابة 5 مليارات ريال لفوائد الديون؛ منها 1.1 مليار ريال فقط خلال 2022، وهو ما يؤكد حرص الحكومة على خفض الدين العام؛ بما يضمن الاستقرار المالي والاقتصادي.

وأضاف الوردي- ردًا على سؤال "الرؤية" حول توقعات النمو الاقتصادي- أن الميزانية العامة للدولة تهدف إلى رفع الناتج المحلي في العام المقبل بأكثر من 3% بالأسعار الثابتة، والعمل في ذات الوقت على كبح التضخم المحلي ليكون دون مستوى 3%، وبحسب التوقعات فإن وزارة الاقتصاد تتطلع بأن ينمو الاقتصاد العماني بنسبة 5.5% بالأسعار الحقيقية (الجارية) للعام المقبل بعد أن حقق نموًا بنسبة 5% بالأسعار الحقيقية في عام 2022.

وتوقع الوردي أن يعاني العالم من ركود نتيجة سياسات البنوك المركزية لكبح التضخم من خلال رفع تكلفة التمويل، مما سيحد من الطلب العالمي على السلع والخامات، لكن بحسب توقعات صندوق النقد والبنك الدوليين والكثير من المنظمات الاقتصادية، فإن دول الخليج- كونها مصدرة للنفط- فإنها لن تعاني من هذا الركود المتوقع، وإنما ستتباطأ معدلات النمو الاقتصادي؛ حيث من المتوقع تباطؤ النمو في دول الخليج العربي لكنها لن تعاني من الركود بفضل التحكم في التضخم مع ارتفاع أسعار النفط، مما سيسهم في نمو الإيرادات النفطية وارتفاع مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي. وقال إن الإنفاق الحكومي سيعمل على تحفيز نمو الاقتصاد، وتنشيط القطاع الخاص، إضافة إلى خلق فرص عمل للشباب.

ميزانية متحفظة

وقال الباحث الاقتصادي ماجد بن عابد الخروصي إن ميزانية السلطنة للسنة المالية 2023 خصّصت إنفاقًا بنحو 12.9 مليار ريال وفقا للبيان الأولي لوزارة المالية، معتبرًا أن هذا الرقم أقل من الإنفاق العام المتوقع بنهاية ديسمبر للسنة المالية الحالية. وأضاف الخروصي أن بعض الخبراء اعتبر ميزانية 2023 "ميزانية متحفظة" إلى حد ما، عوضًا عن أن تكون "ميزانية توسعية" رغم الوفورات المالية التي تحققت في 2022. وأوضح الخروصي أن بيان الميزانية عزا ذلك إلى "مخاطر اقتصادية"؛ أبرزها التوقعات بركود اقتصادي عالمي، وبالتالي تراجع في أسعار النفط، الأمر الذي ترتب عليه وضع سعر 55 دولارًا لبرميل النفط سعرًا معياريًا لتحديد الإيرادات. وأشار الخروصي إلى أن المنظمات والوكالات العالمية تتوقع ارتفاع أسعار النفط لأكثر من 75 دولارًا للبرميل.

ماجد الخروصي.jpeg
 

ووصف الخروصي جهاز الاستثمار العُماني بأنه "صمام أمان الاقتصاد الوطني"، وأنه يعوَّل عليه الكثير من الجهد للإسهام في خطط التنمية والتنويع الاقتصادي، مشددًا على أن الإطار التنموي الشامل المتمثل في رؤية "عمان 2040" مُقسَّمٌ إلى خطط تنموية خمسية، وجميع الوحدات الحكومية ملتزمة بتنفيذها. وأكد أن جهاز الاستثمار يمثل الركيزة الأساسية في هذه الخطط، لا سيما وأن نتائج استثماراته باتت "تؤتي أكلها"، ولا شك أن ضخ المزيد من الاستثمارات سيرفد ميزانية الدولة بعائدات تحقق تطلعات التنمية، خاصة في قطاعات مثل الصناعة والتكنولوجيا والسياحة؛ كون هذه القطاعات الثلاثة تتميز بقدرتها على تحفيز قطاعات أخرى وتوفير وظائف مباشرة وغير مباشرة.

وتطرق الخروصي إلى الدين العام للدولة، وقال إن الحكومة اعتمدت خلال الفترة السابقة على طريقتين رئيسيتين لتقليل ضغوط الدين العام الذي بلغ مستويات غير مسبوقة، وتمثلت الطريقة الأولى في الالتزام التام بالإطار الزمني للسداد، إضافة إلى السداد المُبكِّر لبعض القروض المستقبلية، وهو ما أعطى أريحية وموثوقية أكثر للسلطنة في أسواق الائتمان ودفع وكالات التصنيف الائتماني لتحسين تصنيف عمان. أما الطريقة الأخرى، بحسب الخروصي، فهي آلية مستحدثة تتمثل في استبدال قروض مرتفعة الفائدة بأخرى أقل، من خلال استغلال الوفورات المالية التي تحققت في السنة المالية 2022، وهذا بطبيعته خفف من ضغوط تنامي بند خدمة الدين على كاهل الميزانية، وأسهم بشكل كبير في ضبط الدين العام وانخفاضه. وقال إن الحكومة تتطلع لإصدار قانون للدين العام خلال 2023، والذي بدوره سيضع الإطار القانوني الذي سينظم عمليات الاقتراض ومستوياتها بما يضمن حدود مثلى للدين العام.

ويوضح الخروصي أن ميزانية الدولة تعد الإطار المالي المستقبلي للاقتصاد، وتستهدف بصورة رئيسية رسم سيناريو للإيرادات ومصادرها، والإنفاق وأنواعه وقنواته؛ لذلك فإنَّ ميزانية 2023  تأخذ في الحسبان تسجيل عجزٍ يبلغ نحو 1.3 مليار ريال، وهنا نرى أن مصادر التمويل لسد العجز مُحددة مسبقًا في حالة حدوثه، غير أن المؤشرات والتوقعات الاقتصادية تشير إلى أن السلطنة في طريقها إلى تحقيق فوائض مالية أخرى في عام  2023، وفي حالة لجوئها إلى الاقتراض، فسيكون بغرض استبدال قروض ذات معدلات فائدة عالية، بأخرى أقل فائدة، ما يخفف من ضغوط خدمة الدين في الميزانية.

تعليق عبر الفيس بوك