من المسؤول عن سلامة الطرق ومستخدميها؟

 

سالم البادي (أبو معن)

 

باتت ظاهرة انتشار الحفر والأضرار في الطرق والشوارع، أمرًا مؤرقًا لمستخدميها من مواطنين ومقيمين وزوار وسياح، وهذا ما زاد دهشتنا نظرًا لما آلت إليه الطرق والشوارع خاصة في الفترة السابقة من إهمال وتأخر في صيانتها وغياب وتأخر التنسيق والمتابعة من قبل المختصين بالأمر.

ما يزيد الأمر سوءًا أن هذه الظاهره تزداد مع تساقط الأمطار، أو أثناء قيام بعض الشركات الخدمية بأعمال الحفر لإيصال تمديداتها، كالكهرباء والمياه أو الاتصالات أو الصرف الصحي. بيد أن امتعاضًا شديدًا من قبل مستخدمي الطرق والشوارع من تأخر صيانة ومعالجة هذه الظاهره، يثير تساؤلات كثيرة وعديدة خاصة إذا علمنا أن أضرارها تنعكس سلبا على جوانب اقتصادية واجتماعية وصحية وغيرها.

حتى إن الزوار والسياح لم يخفوا امتعاضهم الشديد من حالة الطرق المتهالكة التي يرتادونها ذهابا وإيابا، وهم ينتابهم الحذر والخوف من تأثر وأعطاب سياراتهم ومركباتهم بسبب وجود تلك الحفر المفاجئة.

لم يتوقف الأمر للأسف عند انتشار ظاهرة الحفر بالطرق فحسب؛ بل إن تلك الطرق ليست آمنة بسبب عدم وجود "أكتاف"على جانبي الطرق مما يعرض مستخدميها للخطر أثناء تفادي تلك الحفر خاصة إذا كانت الطرقات أو الشوارع على مستوى مرتفع، مما يشكل خطرا كبيرا على حياة سائقي السيارات والمركبات وحافلات المدارس التي تنقل أطفال وتلاميذ المدارس. وإذا ما أضفنا أيضا إلى ذلك عدم وجود التنبيهات والإرشادات على تلك الطرقات التي هي بحاجة إلى صيانة ومعالجة ضرورية لتفادي حوادث السير.

إن انتشار الحفر والتشققات في شوارع وطرقات المحافظة ظاهرة يجب معالجتها بأسرع ما يمكن والحد منها، لأن وجودها مصدر لأعطاب السيارات والمركبات بأعطال ميكانيكية فادحة، قد تترتب عليها مبالغ مالية كبيرة، فضلا عن الأضرار النفسية والاجتماعية والاقتصادية الأخرى.

تعددت الأضرار في طرقاتنا وشوارعنا، وتعددت أسباب حدوثها، فيما المسؤولية تتحملها جهات متمثلة في وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، بالإضافة لبلدية مسقط، وإذا ما أضفنا أيضا المحافظ وولاة الولايات، كل هذه الجهات لم تحرك ساكنا لتدارك تلك الظاهرة التي يتسبب بعضها بحوادث خطيرة ومميتة.

هنا حفرة ناتجة عن هبوط أرضي مفاجئ، وهناك حفرة ظهرت بسبب تهالك طبقة الأسفلت، وحفر أخرى من بقايا أعمال الشركات الخدمية بعد ما تركتها نسيًا منسيًا من دون إتمام صيانتها.

ويبقى الشيء المؤسف والمؤكد أن أضرار تلك الحفر بأنواعها المختلفة لم تقتصر على أضرار السيارات والمركبات، بل تسببت في حوادث سير أودت بحياة أشخاص، وبعضها إلى إصابات خطيرة تركت أصحابها إلى اليوم بعاهات مستديمة.

والسؤال هنا للمعنيين بالأمر: ماذا لو نعطي الأمر أهمية كبرى ونبدأ بشكل فعلي وعاجل في وضع استراتيجية وطنية لصيانة وإصلاح الطرق بطرق مبتكرة وحديثة وسهلة وسريعة وتوفر على الدولة تكاليف باهظة، وينعم جميع مستخدمي الطرق والشوارع بطرق صالحة وآمنة وسليمة؟

صيانة الطرق لا بد أن تكون من أولويات الجهات الحكومية المعنية وتوليها اهتماما بالغ الأهمية لإيماننا العميق بأن صيانة الطرق والمحافظة عليها لا تقل أهمية عن تنفيذها، وإذا ما علمنا بأنها أثقلت ميزانية الدولة لعقود سابقة حتى أصبحت يضرب بها المثل على مستوى العالم، وحتى نحافظ عليها وعلى تطبيق أعلى معدلات معايير ومقاييس سلامة الطرق العالمية، وتأمين أمن وسلامة مستخدميها.

ومن منطلق مسؤوليتنا المجتمعية في المساهمة في إيجاد حلول مبتكرة لسلامة الطرق ومستخدميها، تواكب العصر الحديث، للارتقاء بطرق وشوارع آمنة وسليمة وتشمل جميع مواصفات ومقاييس الأمن والسلامة المعتمدة عالميا، عليه أرتأينا وضع بعض الحلول المبتكرة الآتية للحد من انتشار هذه الظاهرة والحفاظ على طرقنا بطريقة أفضل وأسلم وهي:

أولا: تقوم الجهات المعنية بصيانة الطرق من خلال التعاقد مع شركات عمانية متخصصة، كل سنتين، مع ضرورة متابعتها ومراجعة جودة أعمالها أولا بأول.

ثانيا: يتم التعاقد مع شركات عمانية متخصصة لصيانة وتشغيل إنارة الطرق والأعمال الكهربائية لمدة سنتين ومتابعتها ومراجعتها أولا بأول.

ثالثا: الزيارات الدورية المتواصلة للطرق من قبل المختصين والمعنيين بالطرق وما يرتبط بها من إضافات إنشائية أخرى.

رابعا: التعاقد مع شركات عمانية متخصصة لتنظيف الطرق بصفة متنظمة وعلى مدار الساعة وإزالة كل ما يعيق حركتها وتنظيف مجاري الأودية وتصريف مياه الأمطار أولا بأول.

خامسا: التعاقد مع شركات عمانية متخصصة لأعمال التشجير والزينة على جانبي الطرق والشوارع مع التزامها بإدارة ريها بأساليب وتقنيات حديثة ومتطورة استهلاكا وتوفيرا للمياه.

 سادسا: التعاقد مع شركات عمانية متخصصة في فحص وصيانة وإصلاح وسائل السلامة كالحواجز والسياجات، وعمل أو استبدال الإشارات ودهان الطرق والشوارع.

سابعا: الاستفادة من التقنيات الحديثة والأساليب المتطورة على مستوى العالم للتعرف على مشكلات الطرق وسبل معالجتها وتقييم تأثيرها على كل الطرق ومستخدميها، فضلا عن متابعة كل ما هو جديد في مستقبل تطوير وتحديث الطرق.

ثامنا: إضافة مواقف جديدة للحافلات وسيارات الأجرة على جوانب الطرق الداخلية خاصة تفاديا للحوادث أو الوقوف المفاجئ من قبل مستخدمي الطرق، من أجل سلامة الجميع.

تاسعا: إضافة "أكتاف" لجميع الطرق وخاصة التي تنعدم بها وسائل السلامة المرورية.

عاشرا: إنشاء مخارج ومداخل لجميع الدوارات لتقليل زحمة المرور خاصة أوقات الذروة ورفع كفاءتها.

أحد عشر: إنشاء كاسرات سرعة على جميع التحويلات والتقاطعات للحد من السرعة وتفادي حوادث السير المُفاجئة.

 

اثنا عشر: إعادة تأهيل ومعالجة جميع كواسر السرعة القديمة، بحيث تتناسب مع المركبات والسيارات الصغيرة، لأن بعضها للأسف صممت بطريقة بدائية وعشوائية وبدون دراسة، بحيث أصبحت تتسبب في أضرار للسيارات والمركبات بسبب حجمها.

ثالث عشر: إعادة النظر في دراسة وتخطيط تحديد السرعة على طرقاتنا وخاصة الطرق الداخلية.

رابع عشر: استمرار تواجد سيارات شرطة المرور في أوقات الذروة على الطرقات والشوارع التى تتزايد فيها الزحمة المرورية بصفة دائمة.

خامس عشر: رفع كفاءة جميع الطرق والشوارع التي زادت عليها الكثافة السكانية والعمرانية.

سادس عشر: إنشاء أرصفة للمشاة والممرات المخصصة لراكبي الدراجات الهوائية والنارية للتقليل من حوادث الدهس.

سابع عشر: رفع كفاءة الطرق التي بها ممرات للأودية والشعاب بحيث يتم عمل مخارج لها لسلامة الطرق، وتوسعتها مع ضرورة عمل تنبيهات وإرشادات لها.

ثامن عشر: إعادة دراسة وتطوير القوانين والأنظمة والتشريعات المتعلقة بالطرق بغية مواءمتها مع المعايير الدولية والإقليمية المعاصرة.

تاسع عشر: إدخال منهج دراسي جديد في المنظومة التربوية والتعليمية يعنى بسلامة الطرق ومستخدميها وأهمية الحفاظ عليها واحترام قوانينها وتشريعاتها، لكي تصبح لدينا أجيال تعي وتدرك مفهوم السلامة المرورية وسلامة الطرق، فضلاً عن وجود مخرجات معنية بهندسة الطرق والمرور وخططها وتنظيمها وتنميتها لأعلى مستويات سلامة الطرق.

عشرون: استبدال الدوارات بالأنفاق أو الجسور لأجل الحد من زحمة السير والتقليل من الاختناقات المرورية.

واحد وعشرون: وضع ورسم الخطوط والإرشادات الواضحة بأماكن السير المناسبة للمشاة على الطرقات، خاصة عند المدارس، والمباني الحكومية والمحلات التجارية والمساجد وغيرها.

اثنان وعشرون: تكثيف برامج التوعية المرورية وسلامة الطرق على مختلف الأصعده.

ثلاثة وعشرون: تحديث وتطوير وسن العقوبات والمخالفات الرادعة لمتجاوزي القانون .

أربعة وعشرون: تصميم الطرق المقاومة للانزلاق التي تساهم في الحد من الحوادث المرورية.

خمسة وعشرون: تسوير الطرق للحد من مخاطر السقوط والتصادم والدخول غير القانوني.

ستة وعشرون: الاستفادة من الأبحاث والابتكارات والخبرات العالمية في هندسة الطرق والسيارات.

وختامًا، نوضح أن الإصابات الناجمة عن آثار حوادث الطرق تتسبّب في خسائر اقتصادية واجتماعية وصحية فادحة للأفراد وأسرهم وللبلدان بأسرها. وتكلّف حوادث المرور معظم البلدان نسبة قدرها 3% من ناتجها المحلي الإجمالي.