المحكمة الإلكترونية

عيسى الغساني

الإنترنت والتقنية والتطبيقات تدخل وتحل محل الإنسان وتعيد تعريف الزمان والمكان والحضور المادي؛ حيث يتواجد الإنسان في مكانين في نفس الوقت، وفي سياق العمل القانوني تدخل المحكمة الإلكترونية إلى النظام القضائي.. فما المحكمة الإلكترونية؟ وما وطريقة عملها؟

المحكمة الإلكترونية يمكن تعريفها بأنها موقع يتم فيه الفصل في القضايا القانونية بحكم يصدر من قاض أو قضاة طبيعيين ويكون ذلك بدعم واستخدام تطبيقات تقنية قضائية بحيث تكون كل المستندات إلكترونية مثل تقديم الأدلة، أو إيداع المذكرات أو التقارير، أوتلقي الشهادة عن بعد أو غيرها من ما تقضيه إجراءات المحكمة من الناحية الشكلية أو الموضوعية.

والغاية من المحكمة الإلكترونية رفع كفاية المحكمة، عن طريق الإسراع في الوصول إلى الحقائق وتدقيق وتمحيص الأدلة والمعلومات، وكذلك مراقبة شفافية مراحل المحكمة والحياد وسرعة صدور الحكم؛ أي تحقيق العدالة الناجزة. وصيغة المحكمة الإلكترونية تجد أساسها في النجاحات التي حققها التحكيم في المنازعات الإلكترونية، وقد ظهرت أولى تطبيقاته افي الولايات المتحدة الأمريكية، سنة 1996. وكانت الغاية من ذلك تسوية منازعات التجارة الإلكترونية عن طريق التحكيم الإلكتروني، بواسطة "القاضي الافتراضي" الذي يستمع إلى الخصوم، عن طريق البريد الإلكتروني، ويفصل بالنزاع ضمن مهلة 72 ساعة. بعد ذلك انتشرت المحاكم الإلكترونية بحيث أصبحت معتمدة على نحو واسع في عدة أنظمة قضائية.

وتتميز المحكمة الإلكترونية بعدة مزايا؛ منها: السرعة والدقة بالنسبة للمتقاضين، وحضور الجلسات متاح من أي مكان داخل البلد أو خارجه، كما إنها تقلل النفقات والجهد؛ إذ لن تكون هناك حاجة للذهاب الى موقع المحكمة، وكذلك سهولة الحصول على المعلومات بشأن الدعوى، وتخفيف وربما إنهاء الازدحام في المحاكم. عوضًا عن تخفيف المشاحنات بين الخصوم في جميع أنواع الدعاوى، وكذلك التوثيق الإلكتروني للدعاوى والدفوع والتقارير، والمذكرات كما صاغتها الأطراف نفسها، دون أدنى تدخل من المحكمة أو كاتب القلم، علاوة على أن هذا النوع من المحاكم يعزز الثقة والمصداقية ويدعم سرعة البت في الدعاوى، إلى جانب توفير الوقت والجهد بالنسبة إلى القضاة بادخار نشاط القاضي وعدم هدره.

أمر آخر نود ذكره هنا، أن اعتماد التقنيات الحديثة ويساهم كذلك في تحسين أداء القاضي عبر استخدام أنظمة إلكترونية قانونية تحتوي على النصوص القانونية، والاجتهادات القضائية، كما إن هذه التقنيات تُسهِّل عملية تدقيق الدعاوى عبر الاتصال بملف الدعوى عن بعد، وتساعد إدارات التفتيش القضائي ومحاكم الاستئناف والتمييز أو العليا على الدخول إلى ملف الدعوى الأصلي بشكل فعال وبصورة آنية.

والعلانية، كركن جوهري، يمكن تأمينها من خلال تمكين الناس من حضور جلسات المحاكمة في أكثر من مكان، إما مباشرة من خلال حضورهم إلى قاعة المحكمة المزودة بشاشات كبيرة، وإما من خلال متابعة وقائع الجلسات عبر الشبكة الداخلية التي تربط المحاكم فيما بينها.

ويتم التثبت من الهوية بالاعتماد على بعض التقنيات مثل التوقيع الإلكتروني وكلمة السر ورقم التعريف الشخصي الذي يُعطى للخصوم والوسائل البيومترية مثل بصمة الأصبع وبصمة العين والبصمة الصوتية. وبشأن الإجراءات والضمانات للمحاكمة العادلة، فإنها ذاتها الإجراءات التقليدية إلا أنها حُوِّلت إلى صيغ وإجراءات بمستندات إلكترونية.