ناجي بن جمعة البلوشي
تولي الحكومة اهتمامًا بالغًا بمواطنيها في جوانب الحياة الشاملة، إلا أننا هنا سنتطرق بشكل خاص لجانب مهم نال وجوده الرضا المقنع عند الكثير من المستفيدين منه، ونشير هنا إلى برنامج الدعم الوطني الخاص بالمشتقات البترولية، الذي كان له الأثر الطيب المنعكس على المواطن بعد أن عانى كثيرًا من التحول السريع الذي ظهر على أسعار المشتقات البترولية حين اعتمدت الدولة خطتها لتحرير سعر بيع المشتقات البترولية.
كان هذا الانتقال عما تعود عليه الناس من وضع إلى وضع تصاعدي في الأسعار مخيفًا بشكل كبير لمحدودي الدخل والمرتبطين بالالتزامات المالية الأخرى كالقروض والتزامات تدريس ذويهم على نفقتهم الخاصة وغيرها من الالتزامات، التي ما إن أضيفت إلى ذاك الارتفاع الجنوني للأسعار إلا وتركتهم في حيرة من أمرهم؛ فمنهم من استبدل سيارته بأخرى، ومنهم من ظن أنَّ الموجة ستهدأ، ومنهم من انتظر الفرج. وبالفعل جاء الفرج سريعًا؛ حيث قضت التوجيهات السامية لمولانا السلطان هيثم بن طارق- حفظه الله- بتحديد أسعار شهر أكتوبر من العام 2021 سقفًا للسعر المعتمد لباقي الشهور اللاحقة، دون الانتقال إلى سعر أكبر، وهو ما نزل عليهم كالبلسم المداوي للمريض، وبه استبشروا خيرًا، فذلك سيساعدهم على التخطيط لكل نفقاتهم وعلى تحديد الأولويات وغيرها من الأمور الخاصة بالإدارة المالية. وحيث إن المواطن له الحق في الاستفادة من هذه التوجيهات السامية بالاستفادة المباشرة منها، فقد استفدنا جميعنا منها؛ سواء كنا مواطنين أو مقيمين أو شركات أو كيانات اقتصادية أخرى، لكن هناك من استفادوا استفادة غير شرعية من هذا الدعم، فعلى الحدود هناك أشقاء ومقيمون وشركات وكيانات أخرى أيضًا استفادت من ثروة الوطن والتي نحن مسؤولون عنها أمام الله أولا ثم أمام كل مواطن؛ فالأشقاء لزامًا علينا أن نرد لهم الجميل ونتقاسم معهم المر والحلو، لكن في الوقت ذاته نحن لسنا معنيين على الإطلاق بتعبئة الوقود بسعر منخفض للمقيمين هناك وللشركات وللكيانات الأخرى؛ وهي أسعار وضعت في أصلها خصيصًا للمواطن.
سخاء حكومي ظهر في موضع آخر تمثل في برنامج الدعم الحكومي للمشتقات البترولية والذي وضعت له اشتراطات وأحكام لم تكن بذاك القدر الكافي من الاتقان، فهي حددت فقط وقود 90 و92، المعروف بـ"العادي" وبعدد محدد من اللترات، هنا الفرحة التي لم تكتمل لسببين؛ هما: نوع البترول المدعوم ومحدوديته، مع علم المسؤولين التام بأن عمان ذات جغرافيا واسعة وأن المقرات الرئيسة للعمل تبعد كثيرًا عن مكان سكن المواطن المستحق للدعم. فعلى سبيل المثال ومن أقرب منطقة يسكنها المستحق للدعم وبين الوزارة العامل فيها 50 كم ذهابًا وعودة يوميًا، وهناك من يبعدون أكثر كأبناء ولاية قريات وبركاء، فمنهم يعودون إلى بلدانهم في نهاية كل أسبوع فهم يقطعون مئات الكليومترات ذهابًا وعودة وقس عليها من اللترات المستهلكة، كما إن من المواطنين من أعجزهم الدعم بشروطه في عدم الاستفادة منه وظل الامتثال للواقع الملموس هو سبيلهم.
مولانا السلطان- يرعاه الله- وجه مجددًا برفع حد الاستفادة من عدد اللترات البترولية وبها ربما وصل عدد ما من المواطنين في البلوغ إلى الاستفادة المثلى لكنهم أيضًا توقفوا مع النوع من البترول؛ حيث لا خيارات لهم سوى ما هو محدد.
هنا نلتمس من الجهات المختصة العدالة المجتمعية في هذا الخصوص وفي استبدال كل هذا النظام بنظام يستفيد منه المواطن فقط وبكل أنواع البترول بما يتناسب مع الخطة الموضوعة والمعتمدة؛ حيث بإمكان الجهات المختصة تعويض النقص أو الفارق من جوانب أخرى كوضع سعر جديد للمبيعات في المواقع الحدودية أو في مبيعات الشركات وسياراتها أو سيارات الإيجار أو تلك المملوكة من المقيمين أو سيارات النقل بالعبور أو السفن، ومنها ما هي في شمال عمان وغيرها.