هل تُنصت الحكومة لصوت المواطن؟

 

مسعود الحمداني

samawat2004@live.com

 

أتساءلُ أحيانًا: ما الذي بقي من قضايا تهم الوطن والمواطن لم يتناولها الكاتب، ولم يلتفت لها القلم؟ وأتساءل: هل سمعت الحكومة أنّات المواطنين؟ وهل قرأت ما باحوا به؟ وكم نسبة ما سعت لحله وحلحلته؟

يجيبني الواقع أن أهم قضايا الوطن تم تناولها في الإعلام المحايد، ووسائل التواصل الاجتماعي، وتناقلتها أوساط المجالس، وتبنتها الجمعيات الخيرية وأهل الجود والمعروف، ولكنها- كما يبدو- ليست أولوية في أجندة الحكومة- في الوقت الحالي على الأقل- حيث ينصب الاهتمام على خطة التوازن المالي، وتحقيق معدلات نمو اقتصادية للدولة، ولا يهم إن كان هذا النمو أو الفيوض المالية تنعكس مباشرة على حياة المواطن، وتغيّر من وضعه المعيشي أم لا!

فحين نقرأ مؤشرات الاقتصاد المحلي، والمعدلات التنموية، وإشادات صندوق النقد الدولي،  فإن ذلك يزيدنا ثقة في أهداف الرؤية المستقبلية التي تسعى لها الحكومة، ويزيدنا يقيناً بأن ما تفعله الجهات الرسيمة هو الصواب في ما يخص الاقتصاد، غير أننا حين نولّي وجوهنا شطر الاستفادة المباشرة للمواطن من هذه الخطة، فإننا نكاد نجزم أن هناك خللًا ما، في مكانٍ ما، في بندٍ ما، يحتاج إلى تعديل، أو تحوير، أو تحديد مسار، فالراتب الذي يتقاضاه الموظف- على سبيل المثال- تم المساس به بشكل غير مباشر، من خلال الضرائب، والزيادات، والاستقطاعات، في ظل مطرقة الغلاء الفاحش، والتضخم، والاستغلال التجاري؛ فالقوة الشرائية الفعلية تراجعت في وجه هذا الغول الذي يستنزف طاقة وأموال الموظف.

أما محاولات الحكومة لتوظيف الباحثين عن العمل، فرغم جديتها، إلا أنَّ الحل المرتبك المسمى "العمل الجزئي" ما زال مشوّشًا، وغير مقبول لدى الكثيرين، فهو قد يضمن العمل على مدى عامين للفرد، غير أنه لا يضمن له المستقبل الذي ينشده؛ فالبنوك لا تقبل إقراض مثل هذا الموظف، وهو لا يحقق الاستقرار النفسي والوظيفي لهؤلاء الشباب، لأنه دون أفق واضح المعالم، فهو قد يكون حلًا مؤقتًا- كما يبدو من مسماه- أو مسكّنًا موضعيًا إلى حين.

في المقابل يأتي ارتفاع تعرفة الماء والكهرباء والهاتف ليقصم ظهر المواطن، وربما ما زال الكثيرون لا يفهمون حتى الآن سبب ارتفاع الفواتير رغم انخفاض الاستهلاك الفردي، ويجهلون ما هي معايير احتساب التعرفة؛ بل تجدهم مجبرين على الدفع تحت وطأة رسائل التهديد والوعيد التي تصلهم من الشركات المشغلة لهذه الخدمات، والغريب أن هذه الشركات تطالب بحقوقها دون أي مماطلة، وتهدد بالمحاكم، بينما لا يقوم بعضها بواجباته تجاه زبائنه، ولا تسعى إلى تعويضه عن الانقطاعات المتتالية، ورداءة الخدمة في بعض القطاعات، ولكنها تحاسبه على أي تأخير في السداد! ولدى بعض هذه المؤسسات موظفون يجيدون قراءة ما هو موجود في الحاسوب، ولكنهم لا يجيدون البحث عن حلول المشكلات، أو تفسير ما هو مكتوب أمامهم.

وفي كل مرة نتساءل عن المسرّحين عن العمل، ومصيرهم، فلا نجد وضعهم يتحسن، ولا من يُحرك ساكنًا لإنصافهم، وإرجاع حقوقهم، وإنقاذهم من قبضة المحاكم والسجون، فيظل هؤلاء المواطنون في نفس الدائرة، لا يجدون من يمد يديه لهم، ولا من لديه الحل لقضيتهم، فيعودون في كل رحلة بحث عن الحقوق والإنصاف إلى واقعهم بخفيّ حنين.

ما زالت الحكومة تقوم بجهود جبارة لتحسين الوضع المالي للدولة، ولكنها بحاجة إلى بذل جهد مضاعف لينعكس هذا الوضع على مواطنيها، فهُم "عجلة التنمية، وصنّاع المستقبل"، ولا يمكن لأي دولة أن تخطو إلى الأمام دون مواطن قادر على العيش بأمان واستقرار نفسي ومادي على أرض وطنه.