طريق الباطنة الساحلي.. سنوات بلا تقدم

علي بن بدر البوسعيدي

تمثل المشروعات الكبرى في أي دولة نقلة نوعية تحقق العديد من الأهداف التنموية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، لكن بعض المشروعات تفتقد لهذه الميزة، حتى ولو وصفناها بـ"الكبرى"!

وأوضح مثال على ذلك، طريق الباطنة الساحلي، الذي بدأ العمل فيه قبل سنوات عدة، ووضعت عليه آمال عريضة بتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية واسعة، لكنه لم يُنجَز منه سوى جزء دون أن يكتمل المشروع، وعندما نسأل المعنيين حول هذا المشروع يقولون إن ثمة إشكاليات تواجههم فيما يتعلق بقضية التعويضات ومسارات الطريق إلى جانب تحديات أخرى. وهنا يحضر في ذهني سؤال مهم للغاية: هل أعددنا دراسة جدوى اقتصادية شاملة لهذا المشروع قبل البدء في تنفيذه؟ وهل خصصنا الموازنات اللازمة فعليًا لإنجازه أم اعتمدنا على الخطط السنوية دون احتساب أية عراقيل قد تواجهنا مثل تراجع الإيرادات العامة للدولة وبالتالي انخفاض معدل الإنفاق العام؟ والكثير من الأسئلة التي لم أستطع أن أجد لها إجابات شافية، ولا واضحة!

الدراسات والنظريات تشير إلى أن المشروع يمثل أهمية كبيرة لسكان ساحل الباطنة، اقتصاديًا واجتماعيًا وتنمويًا، وأنه إذا ما اكتمل سيكون بمثابة شريان حياة جديد يفتح الآفاق أمام تنمية واسعة المجال، لكن الواقع يصرخ بصوت عالٍ أن هذا المشروع تكتنفه تحديات كبيرة، أولها أنه يتسبب في الإضرار بالبيئة الساحلية التي تمثل أحد أبرز البيئات في عُمان، فسكان الساحل سيتعرضون لمتغيرات حادة في نمط حياتهم الذي توارثوه على مر القرون، وسيتكبدون خسائر كذلك في عملهم الأساسي وهو صيد الأسماك. كما إن من بين التحديات طبيعة التربة التي من المفترض أن يمر بها الطريق، وهي تربة تمتزج فيها مياه البحر بالرمال الناعمة، الأمر الذي يشير إلى تحديات تتعلق بطبيعة بناء الطريق، فهل ستيحول في معظمه إلى جسور أم أن الطريق سيكون عرضة للخطر بين الحين والآخر.

إن الحديث عن هذا المشروع قد يثير حفيظة البعض، وربما لا يتقبله البعض الآخر من المسؤولين، ولذلك أقترح إعادة النظر في هذا المشروع والسعي الجاد إلى توجيه مخصصاته المالية لتوسعة الشارع العام الواصل بين مسقط وولايات جنوب وشمال الباطنة، ورفع كفاءته وإقامة مشروعات خدمية توفر فرص العمل لأبنائنا، وتزدهر معها مسيرة التنمية.