ما ذنب القلم؟

 

 

د. حميد بن مهنا المعمري

halmamaree@gmail.com

 

في حضرة الأقلام الكبيرة ينبغي -لكنه لم يصل إلى حد الوجوب- أنْ نكون أكثر هدوءا وأكثر حذرا وأكثر دقة في اختيار الألفاظ، وأن نكون أكثر إيجازا، لأن البلاغة عندهم الإيجاز، وأنْ نلتزم الصمت أكثر من الثرثرة وأن نكون أكثر حكمة وثقة وصبرا وحباً للعلم وأهله.

ولا يخفى على أحد ارتباط اسم الأستاذ القدير إبراهيم المعمري بجريدة الزمن التي لم ينسها الزمن ولم ينسَ حادثة إغلاقها التي كانت سببًا في تراكم الديون عليه من كل حدب وصوب حتى حد الغرق فيها وعدم القدرة على الفكاك منها، وقد كبّلته بقيودها الثقيلة.

وقد ضجت وسائل التواصل الاجتماعي في الأيام الماضية وأصبح وأضحى وظل وأمسى موضوع سجن الأستاذ إبراهيم المعمري حديث الساعة؛ نتيجة كلمة ألقت بها ابنة الأستاذ إبراهيم لكن صدى تلك الكلمة التي خرجت من قلب تلك البنت البارة بأبيها ملأ الآفاق. وتعاطف الجميع مع كلمتها التي لو وضعت على رأس جبل لدكدكته، أو مزجت بماء البحار لبخرته من صدقها وثقتها بالله؛ فتذكرت حينها قوله تعالى في عمق أثر الكلمة الطيبة: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ، تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا } [إبراهيم: 24 - 25].

عندئذٍ أعلنت جمعية الصحفيين العمانيين احتضان موضوع الأستاذ إبراهيم المعمري وقامت مشكورة بمبادرتها الشهمة تحت مسمى "مبادرة إبراهيم المعمري"، ومع ذلك كله فلست وكيلا ولا مخولا للحديث عن المبادرة التي أطلقتها جمعية الصحفيين العمانيين، ولكني أحب -وما أكثر ما أحب-!! أنْ أقول إنِّه حان الوقت للخروج من هذا الصمت والقيام بالواجب تجاه الأقلام التي كانت تضطرم أوارها غيرة على الوطن-ولا نُزكي على الله أحدًا- وحان الوقت كذلك لرص الصفوف وتقليص المسافات وإعادة الحياة لأوردة جريدة الزمن لتبني هذا الوطن بعيدًا عن الصخب والاتهامات؛ فقاربوا وسددوا؛ فعُمان تتسع للجميع، وعمان تسمع الجميع وتحب أبناءها جميعا بلا استثناء.