ليلة عصيبة

"الرؤية" ترصد من قلب الرستاق حجم الأضرار.. وجهود إعادة الخدمات جراء "الأنواء المناخية"

...
...
...
...
...
...
...

◄ مواطنون: لم نشهد من قبل جريان وادي بني عوف بهذه القوة

◄ وصلتنا رسائل تحذيرية بقوة الجريان لكننا لم نأخذ الأمر على محمل الجدية

◄ ارتفاع مياه الوادي وصلت 5 أمتار.. دخلت المنازل وجرفت السيارات

◄ وكيل "النقل" يزور العوابي والرستاق للوقوف ميدانيا على مستوى الأضرار

◄ منسق قطاع "الإغاثة": مراكز الإيواء بجنوب الباطنة قائمة

◄ انتشار شرطي للحد من مجازفة عبور الأودية والتعامل مع بلاغات الاحتجاز

◄ تحويلات لتسهيل الحركة المرورية.. وجهود إعادة الخدمات مستمرة

◄ أضرار كبيرة جراء جريان الأودية.. ولا خسائر في الأرواح

◄ تواصل جهود الجهات المعنية لفتح الطرق وإزالة المخلفات والأضرار

الرؤية - مريم البادية - سارة العبرية - العمانية

تواجدتْ "الرؤية"، أمس، في قرية الغشبة بولاية الرستاق، لرصد حجم الأضرار والخسائر في الميدان، والوقوف على التداعيات التي سببتها الأنواء المناخية التي مرَّت بها الولاية خلال الساعات الماضية.

والتقت "الرؤية" المواطن أحمد بن حمود المعمري (47 عامًا)، والذي وصف ليلة الأمس وما قبلها بـ"الليلة المرعبة جدا"، قائلا: لم أشهد طيلة سنوات حياتي الماضية جريان الوادي بهذه الغزارة، صحيح أنَّ وصلتنا عدد من رسائل الواتساب من الأصدقاء في وادي بني عوف، ناصحة إيانا بضرورة الخروج من القرية؛ كون الوادي يأتي من قريتهم، ولكن في وقتها لم نأخذ الأمر على محمل الجد، بيد أنه وبوصول الوادي تفاجأنا جميعا بقوته، رغم أنه وادٍ واحد فقط، ولكن قدر الله وما شاء فعل، دخلت المياه إلى منزلي.

وحتى كتابة هذه السطور، ورغم الجهود الحثيثة من الجهات المعنية في الرستاق لإعادة الخدمات المتأثرة، إلى أنَّ منزل المعمري كان لا يزال بلا كهرباء.

أما المواطن سيف بن سالم العوفي، إمام مسجد، فيروي تفاصيل ليلة جريان الوادي، قائلا: كنت في المسجد بانتظار صلاة العشاء، وتفاجأت بقدوم الوادي والذي كان يقدر ارتفاعه بحوالي 5 أمتار، مُحمَّلا بعدد من السيارات التي كانت أمام المنازل، وكان سريعا جدا، وعندما رأيت الوادي كنت أركض وهو خلفي، فكان شيئا لا يتصوَّره عقل، في لحظتها قلت إنَّ البلاد ستغرق لا محالة، ولكن الحمدلله على لطف الله، وأن الأضرار كانت مادية فقط. مشيرًا إلى أنه وصلتهم رسائل تحذيرية من جريان وادي بني عوف بقوة، إلا أنهم لم يكونوا يتصوروه بهذه القوة.

وقال المواطن زايد بن مبارك الهلالي: كانت ليلة عصيبة بسبب حجم الوادي الكبير الذي وصل إلينا، فحسب الأقوال المتداولة لم يشهد له مثيل خلال 30 عاما، فكان جرف الوادي بقوة هائلة، حيث إننا كنا نسمع هديره من مسافة 10 كيلومترات. ومنذ الدفعة الأولى دخل إلى المنازل والمزارع، فكانت الأضرار المادية جسيمة، حيث إنَّ دخوله تسبَّب في تكوّن الطمي والمخلفات التي جرفها الوادي معه، وتابع قائلا: جرف الوادي السيارات خارج حدود المنزل بعد أن هدم الجدران، ولكن الحمدالله في الصباح الباكر تكللت الجهود من جميع الجهات سواء من الخدمية أو الفرق الأهلية بتكاتف الجميع بإزالة الشوائب التي خلفها الوادي، كما أن الجهات الخدمية تقوم بدور كبير سواء طوارئ الكهرباء حيث عادت الكهرباء لبعض المنازل والشركة تعمل على إكمال ما تبقى منا، وكذلك إعادة فتح الطرق.

 

فرق عمل ميدانية

إلى ذلك، قال المهندس ماجد البوسعيدي من شركة كهرباء مزون: إن فرق العمل الميداني بالشركة متواجدة في عدة مواقع لاحتواء آثار الأمطار والأودية الجارفة للعمل على إعادة التيار الكهربائي للمناطق المتضررة، حيث خرجت عدة شحنات من الكابلات والأعمدة والمعدات الكهربائية من مخازن إلى المواقع المتأثرة، واستطاعت إعادتها في أغلب المناطق المتأثرت إلا بعض أجزاء وادي بني عوف بسبب صعوبة الوصول إليها لانقطاع الطرق فيها؛ حيث من المؤمل أن تتمكن الشركة -اليوم الأربعاء- من الدخول وتزويد القرى بخدمات الكهرباء.

وكانت أمطارٌ غزيرة قد هطلت خلال الليلتين الماضيتين على عدد من ولايات محافظة جنوب الباطنة، تراوحت بين الغزيرة والمتوسطة، متأثرة بالمنخفض الجوي المداري الذي تأثرت بها عدد من ولايات محافظات السلطنة.

وغمرتْ الأمطار قرى وادي بني عوف ووادي السحتن ووادي بني هني ووادي بني غافر ومركز الولاية بولاية الرستاق، إضافة إلى قرى وادي بني خروص والصبيخاء وفلج بني خزير والسهل والوليجاء والظاهر وطوي السيح ومركز الولاية بولاية العوابي. كما شمل هطول الأمطار قرى وادي مستل والمهاليل ومركز الولاية بولاية نخل، وقرى المريغة وأفي وحبراء ومرتفعات حبراء ومركز الولاية بولاية وادي المعاول. وأدى المنخفض الجوي إلى نزول عدد من الأودية والشعاب كوادي خفدي ووادي القبيل ووادي بني عوف ووادي السحتن ووادي بني خروص ووادي مستل والأصامي والهجير والعد والصبيخاء.

وقد سخرت دوائر الشؤون البلدية بمحافظة جنوب الباطنة جميع الإمكانيات من معدات وكوادر بشرية، وذلك من خلال تشكيل فرق عمل ميدانية بدوائر شؤون بلدية المحافظة وتوفير المعدات المتمثلة الخفيفة والثقيلة وإزالة المخلفات، حيث قامت ببذل جهودها في تقليل الآثار التي سببتها الأمطار، إذ باشرت دائرة الشؤون البلدية بالعوابي مهامها بفتح الطرق الداخلية المتأثرة بالأمطار والأودية التي تربط بين العوابي ونخل وكذلك طرق وادي بني خروص كما قامت بإزالة المخلفات التي خلّفتها الأودية، إضافة إلى قيام دائرة الشؤون البلدية بالرستاق حيث العمل جارٍ في فتح الطرق في منطقة الغشب والمزاحيق وخليو ووادي بني غافر، إضافة إلى بعض الطرق الواقعة في الحوقين ووادي بني هني، والأعمال مستمرة لفتح الطرق في أقرب وقت ممكن. كما تم تشكيل فرق عمل ميدانية مجهزة بكافة المعدات الخفيفة والثقيلة، وذلك للتخلص من كافة مخلفات الحالة المدارية في وادي المعاول ونخل، التي تعرضت للكثير من الأضرار في المرافق العامة والخاصة، والطرق الرئيسية والفرعية وطرق الربط مع المحافظات، والطرق الداخلية والطرق الفرعية في وسط الأحياء السكنية، كما قامت البلدية بتهيئة الطرق مع إزالة مخلفات الأودية وردم المناطق المنخفضة لتسهيل حركة المركبات.

شهدت محافظات البريمي والظاهرة، وجنوب الباطنة، وأجزاء من الداخلية وشمال الشرقية، منذ الساعات الأولى من صباح أمس، تداعيات انقطاع بعض الخدمات وتعطل بالحركة المرورية جرَّاء الأمطار الغزيرة التي هطلتْ أمس وأول أمس، وما سببته من نزول الشعاب وجريان الأودية، مع استمرار توسَّع التكونات المحلية وهطول أمطار متفاوتة الغزارة على أجزاء من ظفار بين ولايتي مرمول وثمريت.

وقال حمود بن محمد المنذري منسق قطاع الإغاثة والإيواء باللجنة الوطنية لإدارة الحالات الطارئة، لوكالة الأنباء العُمانية: إن مراكز الإيواء ما زالت قائمة في محافظة جنوب الباطنة وتُفعّل كلما دعت الحاجة لذلك.

وباشرت الجهات المعنية، أمس، جهود إعادة الخدمات التي تأثرت بولايتي العوابي والرستاق بمحافظة جنوب الباطنة، جراء الأضرار الكبيرة نتيجة هطول الأمطار؛ حيث تم فتح الطرق الرئيسة المتضررة عند جسر فلج بني خزير وأيضًا جسر طحب بإقامة تحويلات لتسهيل الحركة المرورية من وإلى الولاية، كما يجري العمل لإعادة شبكة الكهرباء والمياه والهاتف المتأثرات بهذه الأمطار والأودية.

وأكّد سعادة الدكتور علي بن عامر الشيذاني وكيل وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات للاتصالات وتقنية المعلومات، لوكالة الأنباء العُمانية، أنَّ الوزارة تعمل حاليًّا على تهيئة الطُرق المتأثرة جراء الأمطار الغزيرة والأودية الجارفة في ولايتي العوابي والرستاق؛ بهدف تسهيل الحركة المرورية بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة.

فيما أشار المهندس يوسف بن عبدالله المجيني مدير دائرة المشاريع بوزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، إلى وجود بعض الأضرار في بعض الطُرق في ولايتي العوابي والرستاق، ويجري حاليًّا فتح الطُرق المُغلقة المتأثرة مؤقتًا.

وقال الشيخ سعيد بن محمد الحرسوسي نائب والي العوابي: إن الأضرار تركزت على قرى وادي بني خروص، حيث لم يتم تسجيل أي إصابات بشرية بل كانت الأضرار في ممتلكات المواطنين نتيجة دخول المياه لمنازلهم ومزارعهم، وجرفت مياه الأودية عددًا من السيارات، كما تأثرت خدمات الكهرباء والمياه والهاتف، مشيرًا إلى أن الجهات المعنية باشرت منذ الصباح الباكر إعادة الخدمات الأساسية كما كانت قبل الأمطار، والعمل يسير بوتيرة متسارعة.

إلى ذلك، قامت بلدية الحمراء، أمس، بفتح وتنظيف الطرق الرئيسة والفرعية وإزالة مخلفات الأمطار التي أثرت على عدة قرى منها قرية بني صبح وبعض التجمعات. وقال وليد بن محمد الشملي مدير دائرة بلدية الحمراء إن البلدية شكلت لجانًا لفتح وتنظيف الطرق بشكل مستعجل إلا أن بعض التجمعات القريبة من واديي شعمى والمدعام بحاجة إلى وقت كافٍ للعمل عليها نظرًا لكمية المياه وخاصة الأودية الشرقية بالولاية.

وأشار إلى أن جميع الطرق أصبحت سالكة ومن بينها طريق الجبل الشرقي وطريق جبل شمس وطريق مسفاة العبريين بالرغم من وجود بعض الصخور المتساقطة، وتعمل الفرق على إزالتها مع وضع اللوحات التحذيرية.

جهود شرطية واسعة

وتواصلت جهود شرطة عُمان السلطانية للتعامل مع تأثيرات الأمطار الغزيرة في عدد من محافظات سلطنة عُمان، التي أدت إلى جريان الأودية في ولايتي العوابي والرستاق بمحافظة جنوب الباطنة وولايات عبري وينقل وضنك بمحافظة الظاهرة وولايات نزوى والحمراء وبهلا بمحافظة الداخلية، خلفت بعض الأضرار التي طالت الطرقات وبعض المنازل القريبة من مجاري الأودية وجرف عدد من المركبات واحتجاز الأشخاص الذين جازفوا بعبورها.

وقال العقيد جمعة بن سيف المزروعي مساعد قائد شرطة محافظة الداخلية: بعد هطول الأمطار الأخيرة زاد عدد بلاغات الاحتجاز وأصبحت متكررة عند كل حالة جوية بسبب المجازفة بالرغم من التحذيرات بخطورة الأودية، وقد تم إنقاذ العديد من المركبات بداخلها أشخاص باستخدام معدات خاصة بفرق الإنقاذ.

وسيرّت القيادة العديد من الدوريات للوقوف كنقاط أمنية ومنع عبور الأودية، وللحد من هذه الظاهرة تم استيقاف سائقي المركبات الذين تعمدوا عبور الأودية وتعريض أنفسهم للخطر.

ومن جانب آخر، قال المقدم سلطان بن راشد الدرعي مساعد قائد شرطة محافظة الظاهرة: قامت قيادة شرطة محافظة الظاهرة بجهود مختلفة خلال نزول الأمطار وجريان الأودية في مناطق مختلفة في المحافظة خلال الفترة الماضية، وانتشرت دوريات الأمن العام والمهام الخاصة وهيئة الدفاع المدني والإسعاف في مختلف المواقع، للحد من مجازفة عبور الأودية.

وتعاملت -وبإسناد من طيران الشرطة- بكفاءة عالية مع عدد من البلاغات تمثلت في تنفيذ عملية إجلاء طبي لحالة مرضية تعذر نقلها من المنزل إلى المؤسسات الصحية القريبة بسبب جريان الأودية، وإنقاذ وافد احتجز في مجرى وادي الراكي بولاية ينقل، كما تمكنت فرق الأمن العام والدفاع المدني والإسعاف وبمساعدة من المواطنين من إنقاذ عائلة احتجزت في مركبة بوادي البويردة بولاية ينقل، و4 وافدين احتجزوا في وادٍ آخر بالولاية، وتم إجلاء أحدهم إلى مستشفى عبري لتلقي العلاج اللازم، وتأثرت بعض الطرق بالعوالق والأتربة بسبب جريان الأودية في ولايات المحافظة، وباشرت الجهات المختصة عملية إعادة فتح الطرق وتنظيف مجاري الأودية.

الدفاع المدني

إلى ذلك، أفادت هيئة الدفاع المدني والإسعاف أنّه لم يتم تسجيل أي خسائر بشرية، حتى الآن، جرّاء الأمطار الغزيرة وجريان الأودية، مؤكدةً اتّخاذها كافة الإجراءات القانونية تجاه مَن يعرِّض نفسه والآخرين للخطر؛ كقيام بعض الأشخاص بالسباحة في الأماكن الخطرة وانتظار وصول الأودية.

وتساند فرق الهيئة بإدارة الدفاع المدني والإسعاف بمحافظة جنوب الباطنة الجهات المعنية لفتح مسارات الطرق المتضرّرة جرّاء الأمطار الغزيرة وجريان الأودية، وتسخّر مقدّراتها وإمكاناتها لحماية المواطن والمقيم وزوّار سلطنة عُمان.

الخرائط الجوية

وأوضح مظفر راشد مصمم رسم الخرائط الجوية أنَّ هناك نشاطًا رعديًا على جبال الحجر يستمر ليلاً، مع نشاط رعدي على بادية ظفار يتسع لاحقًا ليشمل مناطق مختلفة من المحافظة ويستمر خلال اليومين المقبلين.

وأوضحت المديرية العامة للأرصاد الجوية بهيئة الطيران المدني، استمرار فرص تشكل السحب الركامية على جبال الحجر والمناطق المجاورة مع فرص هطول أمطار رعدية مُتفاوتة الغزارة يصاحبها انخفاض في مستوى الرؤية الأفقية وجريان الأودية تكون جارفة أحياناً بسبب تشبع الأرض بمياه الأودية خلال الفترة الماضية، داعية إلى توخي الحيطة والحذر أثناء جريان الأودية، وعدم المجازفة.

فيضانات خطيرة

وكان خبير الأرصاد العالمي جيسون نيكولاس -قد غرَّد عبر حسابه في "تويتر"- بأنه من المتوقع استمرار عواصف رعدية متفرقة على نطاق واسع في سلطنة عُمان والإمارات والسعودية واليمن وجنوب إيران خلال اليومين المقبلين، مع حدوث "فيضانات خطيرة".

وتوقع عدد من خبراء الأرصاد عبر تغريدات لهم على "تويتر" أن تشهد جبال الحجر وبعض المناطق الصحراوية خلال الأيام المقبلة استمرار قوة نشاط السحب الرعدية على جبال الحجر مع هطول أمطار رعدية وجريان الأودية.

تعليق عبر الفيس بوك