دور مهم للمحافظين في المرحلة المقبلة

سالم كشوب 

* عضو في جمعية الصحفين العمانية

لاشك أنَّ المرسومَ السلطاني رقم 36/2022، والمتعلِّق بإصدار نظام للمحافظات وإعطاء الكثير من الصلاحيات للمحافظين، فيما يتعلق بتنمية وتطوير المحافظات، وما يصاحبه من الابتعاد عن المركزية، سيُسهم بالكثير من النتائج الإيجابية خلال المرحلة المقبلة؛ وبالتالي أهمية تضافر مختلف الجهود -سواء جهات حكومية أو خاصة أو مؤسسات المجتمع المدني والمختصين- للشراكة الفاعلة مع المحافظين؛ للمساهمة في رسم الخطط والبرامج التي يُمكن أن تستفيد من الميزة النسبية المتوفرة في كل محافظة، وتخلق العديد من الفرص التي يُمكن أن تُسهم في توفير مزيد من الأعمال والوظائف، وترفع مستوى العائد المالي المحقق.

وهنا، يتبادر إلى الذهن أهمية وجود خرائط للاستثمار، ودراسات ومؤشرات توضح الفرص التي بالإمكان العمل عليها خلال المرحلة المقبلة، وقبلها الوقوف على مكامن الضعف التي كانت تقف عائقا أمام تفعيل الميزة النسبية للمحافظات؛ سواء كانت اشتراطات أو إجراءات أو ضوابط، وأهمية العمل على إعادة صياغتها لتواكب المرحلة المقبلة، والتي يعول عليها المجتمع الكثير؛ سواء فيما يتعلق بتفعيل التحول الرقمي أو تبسيط الإجراءات، أو توفر البيانات والمعلومات بكل سهولة ويسر.

وهنا، لا نُقلِّل من جهود بعض الجهات التي فعَّلت جانب البيانات المفتوحة عبر مواقعها الإلكترونية، ولكنَّ المنتظر والمأمول خلال المرحلة المقبلة أن نرى تحولًا رقميًّا يُسهم بفاعلية في عجلة التطور الاقتصادي والخدمي.

النقطة الثالثة والرابعة من المادة السادسة من المرسوم السلطاني المتعلق بإصدار نظام المحافظات حول اختصاص المحافظات ضمن حدودها الجغرافية: "تنمية واستثمار الموارد الخاصة بالمحافظة، والترويج لها من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وخلق فرص عمل للمواطنين، والعمل على الاستفادة من المقومات المختلفة في المحافظة"؛ وبالتالي -كما أشرنا- أهمية الاستفادة من الميزة النسبية. وهنا، لابد من وجود دراسات وبحوث وفرص أعمال جاهزة يُمكن الاستفادة منها لخلق مشاريع بالشراكة مع مختلف الجهات ذات العلاقة، لا سيما وأنَّ النقطة التاسعة من المادة الحادية عشرة من المرسوم السلطاني رقم (36/2022) تتعلق -وضمن اختصاصات المحافظ- بالتنسيق مع رؤساء الوحدات الحكومية بشأن أداء فروعها ومكاتبها في المحافظة، في ضوء التقارير المرفوعة إليه من الولاة؛ وبالتالي هناك دور مهم ومنتظر من الولاة وممثلي الجهات الحكومية في المحافظات ليس فقط في رفع تقارير بالأعمال المنجزة لتلك الجهات، وإنما المقترحات والخطط التي يمكن أن تُسهم في تفعيل الميزة النسبية في كل محافظة وفق مهام واختصاصات كل جهة من الجهات الحكومية، وأيضًا بالإمكان تفعيل الشراكة مع القطاع الخاص والمستثمرين؛ سواء على المستوى المحلي أو الخارجي من خلال تفعيل التعاون مع بيت التجار ورجال الأعمال، وهي الغرف التجارية التي يعول عليها الكثير في المرحلة المقبلة كل في محافظته ووفقًا للتشريعات والاختصاصات التي لا نتمنَّى في حال وجود أن تُعيق تفعيل الدور المنتظر منها، وأن يتم تعديله تماشيا مع المرحلة المقبلة، وضمن مراحل تنفيذ رؤية "عمان 2040" الذي يلعب القطاع الخاص دورا محوريا ومهمًّا فيها.

الإعلام أيضًا له دور منتظر من خلال شراكة فاعلة وحقيقية مع المحافظين والولاة ومختلف الجهات، بتوفير مساحة من التواصل الفعال الإيجابي معه، كنقطة حوار وتواصل بينه وبين المجتمع، ومختلف الجهات، وأهمية تفعيل مواقع التواصل الحكومي، ليس فقط كمصدر للمعلومة، وإنما كذلك للرد والتفاعل مع مختلف القضايا التي تهم المجتمع.

كذلك مُؤسسات التعليم العالي -مُمثلة بالجامعات والكليات- لها دور منتظر في عمل دراسات وبحوث أكاديمية فيما يتعلق بالفرص الموجودة في كل محافظة، وبما يُسهم في رفع الاستفادة من القيمة المحلية المضافة، بالتعاون والشراكة الفاعلة مع الجهات الحكومية ذات العلاقة بالشأن الاقتصادي، إضافة لأهمية إعادة النظر في التخصصات والمسارات العلمية خلال المرحلة المقبلة، وبما يتناسب مع الفرص المتوفرة في القطاعات الواعدة في كل محافظة، والتي يُمكن أن تخلق مزيدا من فرص الأعمال لمخرجات تلك الجامعات الخاصة المنتشرة في مختلف محافظات السلطنة، بدلا من الاستمرار في بعض التخصصات التي أصبحت مخرجاتها تتكدَّس دون وجود شواغر حقيقية.

وأخيرًا.. المرحلة المقبلة تتطلب تضافر مختلف الجهود للوقوف بفاعلية مع المحافظين؛ سواء من قبل الباحثين أو المختصين، وكذلك رجال الأعمال والشيوخ وممثلي المجتمع المدني والشباب العماني المبتكر؛ من خلال وجود قنوات تواصل مباشر تُسهم في تقديم الحلول والمقترحات التي يُمكن أن تُسهم في إحداث نقلة نوعية في المحافظات، وكذلك الاستماع لمختلف المقترحات الإيجابية من كافة الأطراف، والعمل على تفعيل الشراكة المجتمعية؛ بما يُحقق الأهداف المنشودة، والاستفادة من مختلف الخبرات في مختلف المجالات، مع أهمية تفعيل مواقع التواصل الخاصة بالجهات الحكومية ليس في مجال النشر، وإنما التفاعل مع مختلف القضايا، والأهم الاستفادة من التقنية الحديثة ليس فقط في تفعيل التحول الرقمي، وإنما الظهور في مختلف منصات التواصل الاجتماعي للجهات الحكومية بفاعلية، وبناء علاقة من الشراكة والثقة مع الجمهور المستهدف من مواقع تلك الجهات.