وداد الإسطنبولي
ستشرق شمسنا بعد جري ساعات الدهر عليها، لتتلاشى أيام قلائل يحملن تلك البشرى لهذا اليوم العظيم.
فترة زمنية بين العيدين أعطت أكلها في التهليل والتكبير والثواب، فشهر ذي القعدة وعشر ذي الحجة أيام تزف معها الخير الوفير لإنتاج أكبر ليوم كبير.
تكللت بالدعاء والاستغفار والحمد، تسوق هذه التسبيحات إلى رحلة الاستعداد لفريضة التوجه إلى البيت العتيق، وكأن اللطيف بلطفه مراعيا لعبده واطمئنانا لحاله، يقول له: "تعال إلي فأنت خرجت من دارك مفكرًا خائفًا على ملذات الدنيا فلا تجزع فأنت لي وستجد عندي راحة البال والاستقرار".
حج عرفة رحلة استعداد.. ماديًّا وجسمانيًّا ونفسيًّا لكل المشاعر، لا يعبأ فيها العبد إلا للوصول لذلك المكان الطاهر المبجل، لغسل ذنوبه وأعباء أعماله، لينال فرصة التوبة ويعود كما ولدته أمه لا يحمل مثقال ذرة من ذنب.
حج عرفة فريضة شرعها الله لعباده، وهو يعلم مكنون ومردود هذه العبادة على العباد وما يؤجر منها من ثواب، فهي الملتقى الكبير لكل الأجناس والألوان والألسنة، تأويهم ذلك البيت وتجمعهم فيه بمحبة وتهذيب ليعم السلام والود. وكلامه صدق إذ قال سبحانه وتعالى: ﴿وَأَذِّن فِی ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَجِّ يأتوك رجالا وعلى كُلِّ ضَامِرࣲ یَأۡتِینَ مِن كُلِّ فَجٍّ عميقࣲ﴾ [سورة الج -27]. صدق الله قولًا وفعلًا.
اللهم ارزقنا خير هذه الأيام، وتباشير خير يوم عرفة واغفر لنا ذنوبنا وتب علينا، فأنت خير من ترحم وتجبر الخواطر، وأنعم علينا بالسلام والود، وأمطرنا ببركاتك العظيمة، وسلمنا إلى أن نلتقي بك في هذا الجمع آمنين مطمئنين لا خوف ولا فزع.
وكل عام وأمة محمد- صلى الله عليه وسلم- في خير وسلام وصحة ونعم.