ماذا بعد مذكرات التفاهم؟!

علي بن بدر البوسعيدي

تطالعنا وسائل الإعلام بين الحين والآخر بأخبار تتعلق بتوقيع مذكرات تفاهم بين سلطنة عمان ودولة شقيقة أو صديقة، بل ويتم التحضير والترويج لحفل التوقيع، ويعقبه مؤتمر صحفي أو تصريحات للمسؤولين عن أهمية هذه المذكرة ودورها في تعزيز التعاون، وتحقيق العديد من المنافع الاقتصادية للطرفين، وغيرها من البشريات، والتي للأسف قد لا ترى النور مهما طال الزمن!

لا ننكر بأي حال أهمية مذكرات التفاهم والتعاون بين الدول، لكننا دائمًا نطرح التساؤل التالي: وماذا بعد؟ أي ماذا بعد التوقيع؟ ومن المسؤول عن متابعة تنفيذ هذه المذكرات التي تعد في حكم الاتفاقيات الملزمة؟ فكم من وفدٍ أجنبي تجاري أو سياسي أو حتى ثقافي، يزور السلطنة ويجري مباحثات مع مختلف المسؤولين، ثم يتم الاحتفال بتوقيع مذكرات تفاهم، ربما تصل فوق العشر مذكرات، لكن دون إحراز أي تقدم يُذكر على أرض الواقع.

هناك العديد من مذكرات التفاهم والتعاون التي وقعتها السلطنة مع دول صديقة وشقيقة، وقيل إنها ستعود بالنفع علينا بمشاريع تتجاوز تكلفة إنشائها ملايين الريالات، وربما مليارات، لكن يبدو أنها ليست سوى كلمات مفعمة بالأمل لن تتحقق! ولنا أن ننظر إلى مشاريع قيل إنها ستُقام في الدقم أو صحار أو مسقط؛ بل إن هناك مشاريع جرى اختيار اسمٍ لها ووضع لافتة كبيرة وعريضة، لكن دون أن تتحقق على أرض الواقع.

لا شك أن العمل الجاد والدؤوب من قبل مختلف مؤسسات الدولة يؤتي ثماره في كثير من الأحيان، لكن بالنسبة لمثل هذه المذكرات، لماذا لا تتضمن بنودها جدولًا زمنيًا مُلزمًا للطرفين بتنفيذه، والعمل على تسريع وتيرته، حتى لا تكون مجرد وعود تتبخر في السماء. علينا أن نُوجد صيغة لتنفيذ مثل هذه المذكرات والاتفاقيات؛ حيث يُعوَّل عليها في إحداث تغييرات حقيقية في مختلف القطاعات، ولا سيما القطاع الاقتصادي، وهو المُحرّك لكل عملية تنموية في بلادنا.

إنني أوجه نداءً إلى كبار المسؤولين، وأخص بالذكر الوزراء، الذين يوقعون على مثل هذه المذكرات، أن يضعوا في عين الاعتبار -عند التوقيع- أن الرأي العام ينتظر منهم تنفيذ المشاريع التي جرى التوافق حولها في أقرب وقت ممكن، وهذا من باب تعزيز الثقة بين المواطن ومؤسسات الوطن والمسؤولين في هذه المؤسسات.

وختامًا.. لن نحقق التنمية إلا من خلال تكاتف الجهود وتعاضد الجميع؛ من أجل رخاء وازدهار هذا الوطن العزيز، وعلى كل مسؤول في الدولة أن يعمل جاهدًا على تقديم كل ما من شأنه رفعة الوطن والمواطن، في كل المجالات وفي مختلف القطاعات.